الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2024-09-25

 

جريدة الراية: الصحف العالمية وحرب السودان

إذا اختلف اللصان ظهر السارق!

 

 

 

الحرب العبثية التي اشتعلت في السودان أكدت بما لا يدع مجالاً للشك، أن الأطماع على السودان كبيرة جداً، بين الأطراف الدولية ولاعبيهم المحليين، وكل يريد السيطرة، وبسط نفوذ الدولة التي يتبع لها، فقامت الدول الأجنبية في بادئ الأمر بسحب رعاياها، وتغافلت عن أهل السودان وهم يواجهون ويلات هذه الحرب القذرة، فحصل التدمير والخراب تحت سمع وبصر هذه الدول، بل إمداد طرفي النزاع بالأسلحة، ومعدات القتال عبر دول تابعة لأمريكا وبريطانيا.

 

ثم بدأت مرحلة الأعمال الدبلوماسية، من هدن وعقد مؤتمرات، وإجراء مفاوضات في عواصم الدول المختلفة، وشيئا فشيئا أخرجت هذه الدول الكروت الأخرى التي تتبنى سياساتها، وهي وسائل الإعلام المختلفة، حيث توصف بأنها السلطة الرابعة، وها هي كبريات المجلات والصحف التي تصدر في عواصم الدول الكبرى تنشر أخباراً وتقارير عن حرب السودان، تتهم بعضها بعضا، وتستميت لإثبات أن الدولة الأخرى متورطة في هذه الحرب؛ فالصحف الأمريكية تنقل الأخبار على أساس أن بريطانيا هي التي تدعم أحد طرفي القتال، وهكذا بالعكس الصحف البريطانية.

 

فقد نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، تحت عنوان: "نهاية الحرب في السودان لا تتم بدون ممارسة الضغط على الإمارات"، مقالا أعده ياسر زيدان، المحاضر السابق في الجامعة الوطنية السودانية، وطالب الدكتوراة في جامعة واشنطن، قال فيه: "إن نهاية الحرب الحالية في السودان لا تتم بدون ممارسة الضغط على الإمارات، إذ إن مواصلة الدعم العسكري الذي تقدمه أبو ظبي للمتمردين القساة من جماعة الدعم السريع، لا يعني إلا إطالة أمد الحرب... إن السودان الذي مزقته الحرب الكارثية، يعاني اليوم من رد إنساني فاشل ومسيس، إذ إن الأزمة المستمرة هناك وصلت إلى مستويات كارثية، ولكنها قوبلت باستجابة دولية غير كافية"، ويرى الكاتب أن رد المجتمع الدولي ماليا كان مثيرا للإحباط بالقدر نفسه، فعلى الرغم من المؤتمرات الإنسانية العديدة، لم تتم تلبية سوى جزء ضئيل من النداء الذي أطلقته الأمم المتحدة لجمع 4.1 مليار دولار في شباط/فبراير 2024م، ويترك هذا النقص الشديد في التمويل ملايين اللاجئين والنازحين داخليا دون دعم أساسي، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع المزري بالفعل. ويكشف التناقض الصارخ بين الوعود التي قدمت في هذه المؤتمرات والمساعدات الفعلية المقدمة عن فجوة تثير القلق بين الخطاب والفعل.

 

ولا تزال قوات الدعم السريع المسؤولة عن معظم الدمار، تعمل بدون عقاب على تدمير احتياطات الطعام في البلد. ومنذ سيطرة الدعم السريع على منطقة الجزيرة التي تعتبر مركز الزراعة في السودان في كانون الأول/ديسمبر، تعاني البلاد من مجاعة، وقال مزارعون إن محاصيل القطن والقمح دمرت بسبب سيطرة الدعم السريع. وبالمقابل، المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش السوداني لم يتغير فيها مستوى المحاصيل، حسب تقارير من ولاية الجزيرة. وبحسب تقارير محلية، دفعت قوات الدعم السريع المزارعين المحليين إلى حصاد المحاصيل فقط لمصادرتها ونقل المحاصيل خارج الولاية لصالحها.

 

وفي 26 حزيران/يونيو وبعد أكثر من 14 شهرا في الحرب مع الجيش السوداني تقدمت قوات الدعم السريع إلى سنار، مركز التجارة في جنوب شرق البلاد في محاولة منها لتوسيع مكاسبها وسيطرتها على الأراضي. وأجبرت هذه الخطوة أكثر من 150 ألف شخص على النزوح، وفر كثير منهم من الجزيرة أثناء غزو قوات الدعم السريع في كانون الأول/ديسمبر 2023. كما استهدفت المليشيات المشروع الزراعي والاحتياطيات الغذائية في سنار، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وتقويض الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والسلام...

 

وعلى الجانب الآخر نشرت صحيفة التايمز البريطانية تحت عنوان "السودان ينحدر إلى الجحيم مرة أخرى والعالم لا يبالي"، مقالاً تساءلت فيه لماذا يتجاهل العالم الحرب السودانية، التي وصفتها بـالشرسة، حيث تسببت في خسائر بشرية جمة مع إحراق المدن ونزوح الملايين وعرضت البلاد إلى أسوأ مجاعة لها منذ 40 عاماً؟

 

وتحت عنوان "حرب أفريقيا الأبدية: كيف انحدر السودان إلى الجحيم مرة أخرى؟"، قالت الصحيفة في تقرير مطول، إن التاريخ يعيد نفسه في السودان، فهناك عشرة ملايين نازح داخل البلاد، ومليونا لاجئ. ويحتاج نصف سكان البلاد البالغ عددهم 47 مليوناً إلى مساعدات غذائية، بينما يعاني 750 ألف شخص بالفعل من الجوع في ما قد يصبح أسوأ مجاعة منذ 40 عاماً، وأضافت: "لقد أحرقت مئات المدن والقرى في خضم حرب أهلية شرسة. وتتعرض النساء والفتيات للاغتصاب، ويطلق الرصاص على الشباب بمجرد رؤيتهم أو يضربون حتى الموت لمجرد الاشتباه في انتمائهم إلى جماعة خاطئة حتى في العاصمة الخرطوم". وتابعت: "ويخشى بعض الخبراء أن يرتفع عدد القتلى بسبب الجوع والمرض إلى أكثر من مليوني شخص بحلول نهاية العام، وهو رقم أعلى كثيراً من الحروب الحالية الأخرى"، في إشارة إلى الحرب في غزة والحرب في أوكرانيا.

 

وأردفت: "ومع ذلك، بالمقارنة مع ما حدث قبل خمسة عشر أو عشرين عاماً، عندما وقعت كوارث مماثلة في البلد الأفريقي، فإن العالم لا يبالي"، في إشارة إلى الحرب الأهلية التي اندلعت في إقليم دارفور الواقع في أقصى غرب البلاد في عام 2003، والحرب الأهلية الأخرى التي انتهت باستفتاء في كانون الثاني/يناير 2011، لسكان جنوب السودان لصالح تشكيل دولة جديدة.

 

وأشارت إلى أنه بعد أربعة أسابيع من تحديد خبراء الأمن الغذائي المعتمدين من الأمم المتحدة أن المجاعة عادت إلى السودان، وافقت القوات المسلحة السودانية على السماح للأمم المتحدة بعبور الحدود مع تشاد لنقل المساعدات الغذائية التي وصفتها بأنها "مجرد قطرة". وتابعت: "الأمم المتحدة غائبة تقريباً. وكان المبعوث الخاص للولايات المتحدة، توم بيرييلو، نشيطاً عندما دعا إلى محادثات السلام في جنيف الشهر الماضي، لكن المشكلة بالنسبة لبيرييلو والسودان هي أن الرئيس جو بايدن لم يُظهر أي اهتمام".

وخلصت التايمز في تقريرها المطول، إلى أنه مع تدفق الملايين من السودانيين عبر الحدود الدولية وارتفاع الخسائر البشرية والعبء الاقتصادي للكارثة بلا هوادة، "فنحن بحاجة إلى إحياء الجهود التعاونية، بدءاً بتمويل عمليات المساعدة على نطاق واسع"...الخ.

 

وهناك العديد من التقارير المقروءة منها والمرئية، ناهيك عن وسائل الإعلام التي تبث من دول تدور في الفلك، أو تابعة للدول الكبرى! هذه هي دناءة الإعلام وتواطؤه مع الدول الغربية في التباكي على جرائم يرتكبها الغرب الكافر في حق المسلمين في كل بقاع الدنيا.

 

إن مؤسسات الدول الاستعمارية الطامعة في بلادنا، تسخر جهودها، لتمرير سياسات دولها، ولترقيع الرأسمالية الفاشلة، سواء أكانت مؤسسات عسكرية أو سياسية أو إعلامية، وليس لحل قضايا المسلمين.

 

فيا أهلنا في السودان: دعوكم من سفاسف الأمور، واعلموا أن استهداف السودان لن يتوقف عند هذا الحد، بل ستتكالب الأمم علينا بأشكال مختلفة وأساليب خبيثة، فالوعي مطلوب لقطع أطماع الغرب عن بلادنا، وهذا لا يكون إلا بإقامة كيان جامع للمسلمين، وذلك بالمباشرة فوراً في كشف العملاء والخونة، واتخاذ قيادة سياسية واعية مخلصة، تتخذ من العقيدة الإسلامية أساساً لدولتها، فتحل جميع المشكلات على أساسها، وليس هناك من يعمل لهذا سوى الرائد الذي لم يكذبكم يوما وهو حزب التحرير.

 

 

بقلم: الأستاذ عبد السلام إسحاق

 عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع