الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

 جواب سؤال

لا تبع ما ليس عندك

 إلى عبدالله حداد

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أدامك الله ذخراً للإسلام

 

أرجو توضيح موضوع لا تبع ما ليس عندك، هل هو في كل بضاعة تباع أم هو خاص بالطعام؟

مثال: تاجر يبيع مواد بناء إسمنت ورمل يُطلب منه حديد لم يكن عنده، يتصل بتاجر الحديد لإرسال الكمية المطلوبة، ما هو حكم ذلك؟

ملاحظة يكون اتفاق مسبق بين التاجر وتاجر الحديد على السعر

 

مثال آخر: شخص اشتري بضاعة ولم يقبضها وباعها لشخص آخر، هل يدخل هذا في بيع ما لا تملك؟

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

النهي عن بيع ما ليس عند التاجر يشمل الطعام وغير الطعام في كل ما ينطبق عليه الكيل والوزن والعدد، وقد فصلنا ذلك في كتاب النظام الاقتصادي بعنوان (لا يجوز بيع ما ليس عندك) وأعيده عليك:

 

[لا يجوز بيع ما ليس عندك: لا يجوز بيع السلعة قبل تمام ملكها، فإن باعها في هذه الحال كان البيع باطلاً. وهذا يصدق على حالتين، إحداهما أن يبيع السلعة قبل أن يملكها، والثانية أن يبيعها بعد أن يشتريها، ولكن قبل أن يتم ملكه لها بالقبض فيما يشترط في تمام ملكه القبض، لأن عقد البيع إنما يقع على الملك، وما لم يملك بعد، أو اشتراه ولكن لم يتم ملكه له بعد، "فإذا" لم يقبضه لا يقع عليه عقد البيع، لأنه لم يوجد محل يقع عليه العقد شرعاً. فقد نهى رسول الله ﷺ عن بيع ما لا يملكه البائع. عن حكيم بن حزام قال: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَبِيعُهُ، ثُمَّ أَبِيعُهُ مِنْ السُّوقِ»، فقال: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رواه أحمد. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» رواه أبو داود. فتعبير الرسول بما ليس عندك عام يدخل تحته ما ليس في ملكك، وما ليس في قدرتك تسليمه، وما لم يتم ملكك له. ويؤيد ذلك الأحاديث الواردة في النهي عن بيع ما لم يقبض مما يشترط في تمام ملكه القبض. فإنها تدل على أن من اشترى ما يحتاج إلى قبضه حتى يتم شراؤه له لم يجز بيعه حتى يقبضه، فيكون حكمه حكم بيع ما لا يملك، لقول النبي ﷺ: «مَنْ ابْتَاعَ طَعَاماً فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» رواه البخاري. ولما روى أبو داود: «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ»، ولما روى ابن ماجه: « أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ»، ولما روى البيهقي، عن ابن عباس، أنه قال: قال رسول الله ﷺ لعتاب بن أسيد: «إِنِّي قَدْ بَعَثْتُكَ إِلَى أَهْلِ اللَّهِ، وَأَهْلِ مَكَّةَ، فَانْهَهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يَقْبِضُوا».

 

فهذه الأحاديث صريحة في النهي عن بيع ما لم يقبضوه، لأنه لم يتم ملك البائع له، لأن ما يحتاج إلى قبضه لا يتم الملك عليه حتى يقبضه المشتري، ولأنه من ضمان بائعه. ومن ذلك يتبين أنه يشترط في صحة البيع أن تكون السلعة قد ملكها البائع، وتمت ملكيته لها. أما إن كان لم يملكها، أو ملكها ولم تتم ملكيته لها فلا يجوز بيعه لها مطلقاً، وهذا يشمل ما ملكته ولم تقبضه مما يشترط فيه لتمام البيع القبض، وهو المكيل والموزون والمعدود. أما ما لا يشترط لتمام ملكه القبض، وهو غير المكيل والموزون والمعدود مثل الحيوان والدار والأرض وما شاكل ذلك فإنه يجوز للبائع أن يبيعه قبل قبضه، لأن مجرد حصول عقد البيع بالإيجاب والقبول قد تم البيع، سواء قبضه أم لم يقبضه، فيكون قد باع ما تم ملكه له. فمسألة عدم البيع ليست متعلقة بالقبض وعدم القبض، وإنما هي متعلقة بملكية البيع، وبتمام هذه الملكية له. أما جواز بيع ما لم يقبض من غير المكيل والموزون والمعدود فثابتة بالحديث الصحيح. وروى البخاري عن ابن عمر أنه كان على بكر لعمر صعب: «فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ  بِعْنِيهِ، فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ لَكَ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ قَالَ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَاصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ». وهذا تصرف في البيع بالهبة قبل قبضه مما يدل على تمام ملك المبيع قبل قبضه، ويدل على جواز بيعه لأنه قد تم ملك البائع له.

 

وعليه فإن ما ملكه البائع وتم ملكه عليه جاز له بيعه، وما لم يملكه أو لم يتم ملكه عليه لا يجوز له بيعه. وعليه فإن ما يفعله صغار التجار من مساومة المشتري على السلعة، ثم الاتفاق معه على الثمن، وبيعه إياها، ثم الذهاب إلى تاجر آخر لشرائها لمن باعوها له، وإحضارها وتسليمها للمشتري لا يجوز، لأنه بيع ما لم يملك، فإن التاجر حين سئل عن السلعة لم تكن عنده، ولم يكن يملكها، ولكنه يعرف أنها موجودة في السوق عند غيره، فيكذب ويخبر المشتري أنها موجودة ويبيعه، ثم يذهب ليشتريها بعد بيعها، فهذا حرام لا يجوز لأنه باع سلعة لم يملكها بعد. وكذلك ما يفعله أصحاب دكاكين سوق الخضرة وسوق الحبوب من بيعهم الخضرة والقمح قبل أن يتم ملكهم لها. فإن بعض التجار يشترون الخضرة، أو القمح من الفلاح، وقبل أن يقبضوها يبيعونها، فهذا لا يجوز لأنه من الطعام الذي لا يتم ملكه إلا بقبضه. وكذلك ما يفعله المستوردون للبضائع من بلاد أخرى. فإن بعضهم يشتري البضائع ويشترط فيها تسليم البلاد، ثم يبيعها قبل أن تصل، أي قبل أن يتم ملكهم لها. فهذا بيع حرام لأنه بيع لما لم يتم ملكه بعد.]

 

والخلاصة أن بيع ما ليس عندك، أي لم تملكه أو لم تقبضه لا يجوز وهو يشمل كل معدود وموزون ومكيل، سواء أكان طعاماً أم كان غير طعام. أما إذا كان بيعه لا يقع في المكيل والموزون والمعدود كالحيوان والدار والأرض وما شاكل ذلك فيجوز البيع بمجرد التعاقد بالإيجاب والقبول، فملكية المبيع قد تمت بالعقد، وأما القبض فليس شرطاً في هذه الحالة كما هو موضح في نص كتاب النظام الاقتصادي أعلاه.

 

وعليه فتاجر الحديد والإسمنت...لا يجوز له أن يبيع ما ليس عنده، بل يشتريه أولاً ثم يقبضه أي ينقله إلى متجره وبعد ذلك يعرضه للبيع، وكما قلنا هذا في كل مكيل ومعدود وموزون ويباع على هذا النحو. أما غير المعدود والمكيل والموزون فيكفي فيه الملك دون القبض كما بيناه.

 

 آمل أن يكون في هذا الكفاية والله أعلم وأحكم.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

01 جمادى الأولى 1443هـ

الموافق 2021/12/05م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع