الثلاثاء، 22 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"

 

جواب سؤال

 

هل أعمال الخير التي قام بها المرء وهو كافر يثاب عليها إذا أسلم؟

 

إلى Ustadhi Kamsokole

 

السؤال:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخنا رحمه الله عندي سؤال:

 

نعلم أنه عندما يسلم كافر تمحى ذنوبه كلها، فماذا عن الخير الذي فعله بالكفر؟ بشرح قصة الرسول، عن حكيم بن حزام قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ». ما فهم صحيح بهذا وجازك الله خير.

 

الجواب:

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

إنك تسأل عن الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما وغيرهما عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَصِلَةِ رَحِمٍ فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَجْرٍ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ خَيْرٍ».

 

والسؤال الذي تريده ويفهم من كلامك، ولكنك لم تصرح به هو: هل أعمال الخير التي قام بها المرء وهو كافر يثاب عليها إذا أسلم وحسن إسلامه ومات على الإسلام؟ والجواب على ذلك:

 

أولاً: لقد حصل اختلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، وأنقل لك بعض ما أورده النووي في شرحه على صحيح مسلم عند شرح هذا الحديث، فقد أجاد رحمه الله في عرض المسألة:

 

[.... وَأَمَّا قَوْلُهُ ﷺ أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ فَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ:

 

1- فَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ظَاهِرُهُ خِلَافُ مَا تَقْتَضِيهِ الْأُصُولُ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّقَرُّبُ فَلَا يُثَابُ عَلَى طَاعَتِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُطِيعاً غَيْرَ مُتَقَرِّبٍ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ مُطِيعٌ فِيهِ مِنْ حَيْثُ كَانَ مُوَافِقاً لِلْأَمْرِ وَالطَّاعَةُ عِنْدنَا مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ وَلَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَقَرِّباً لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُتَقَرِّبِ أَنْ يَكُونَ عَارِفاً بِالْمُتَقَرَّبِ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي حِينِ نَظَرِهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِاللَّهِ تَعَالَى بَعْدُ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيثَ مُتَأَوَّلٌ وَهُوَ يَحْتَمِلُ وُجُوهاً أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ اكْتَسَبْتَ طِبَاعاً جَمِيلَةً وَأَنْتَ تَنْتَفِعُ بِتِلْكَ الطِّبَاعِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَكُونُ تِلْكَ الْعَادَةُ تَمْهِيداً لَكَ وَمَعُونَةً عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ اكْتَسَبْتَ بِذَلِكَ ثَنَاءً جَمِيلاً فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْكَ فِي الْإِسْلَامِ والثالث أنه لا يبعد أن يزاد فِي حَسَنَاتِهِ الَّتِي يَفْعَلُهَا فِي الْإِسْلَامِ وَيَكْثُرُ أَجْرُهُ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْجَمِيلَةِ وَقَدْ قَالُوا فِي الْكَافِرِ إِذَا كَانَ يَفْعَلُ الْخَيْرَ فَإِنَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُ بِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُزَادَ هَذَا فِي الْأُجُورِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ..

 

2- قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ بِبَرَكَةِ مَا سَبَقَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ هَدَاكَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَنَّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ خَيْرٌ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى سَعَادَةِ آخِرِهِ وحسن عاقبته. هذا كلام القاضي..

 

3- وذهب ابن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْحَدِيثَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَمَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنَ الْخَيْرِ فِي حَالِ الْكُفْرِ وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ زَلَفَهَا وَمَحَا عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ زَلَفَهَا وَكَانَ عَمَلُهُ بَعْدُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرِيبِ حَدِيثِ مَالِكٍ.. قال ابن بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذِكْرِهِ الْحَدِيثَ وَلِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَفَضَّلَ على عباده بما يشاء لَا اعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ ﷺ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ...] انتهى النقل من شرح النووي على مسلم..

 

ثانياً: أما الحديث الذي استدل به ابن بطال ففيه زيادة عما في صحيح البخاري الذي هو: (41- قَالَ مَالِكٌ أخْبَرَنِى زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ أنّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ أخبَرَهُ أَنه سَمِعَ رسولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ إِذا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إسْلاَمُهُ يُكَفِّرُ اللَّهُ عنهُ كلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفها وَكَانَ بَعْدَ ذلكَ القِصاصُ الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثالِها إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ والسَّيِئَةُ بِمثْلِها إلاَّ أَن يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا).

 

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري: (بَيَان حكم الحَدِيث: ذكره البُخَارِيّ مُعَلّقا، وَلم يوصله فِي مَوضِع فِي الْكتاب، وَالْبُخَارِيّ لم يدْرك زمن مَالك، فَيكون تَعْلِيقا وَلكنه بِلَفْظ جازم، فَهُوَ صَحِيح وَلَا قدح فِيهِ، وَقَالَ ابْن حزم: إِنَّه قَادِح فِي الصِّحَّة لِأَنَّهُ مُنْقَطع، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، لِأَنَّهُ مَوْصُول من جِهَات أخر صَحِيحَة.. وَلَيْسَ كل مُنْقَطع يقْدَح فِيهِ، فَهَذَا، وَإِن كَانَ يُطلق عَلَيْهِ أَنه مُنْقَطع بِحَسب الِاصْطِلَاح، إلاَّ أَنه فِي حكم الْمُتَّصِل فِي كَونه صَحِيحا، وَقد وَصله أَبُو ذَر الْهَرَوِيّ فِي بعض النّسخ... وَكَذَا وَصله النَّسَائِيّ عَن أَحْمد بن الْمُعَلَّى بن يزِيد، عَن صَفْوَان بن صَالح، عَن الْوَلِيد بن مُسلم، عَن مَالك بن زيد بن أسلم بِهِ.. وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن زيد بن أسْلَمْ عَن عَطاء مُرْسلا، وَقد حفظ مَالك الْوَصْل فِيهِ، وَهُوَ أتقن لحَدِيث أهل الْمَدِينَة من غَيره.. وَذكر الْبَزَّار أَن مَالِكاً تفرد بوصله، وَقَالَ ابْن بطال: حَدِيث أبي سعيد أسقط البُخَارِيّ بعضه، وَهُوَ حَدِيث مَشْهُور من رِوَايَة مَالك فِي غير الْمُوَطَّأ، وَنَصه: (إِذا أسلم الْكَافِر فَحسن إِسْلَامه كتب الله لَهُ كل حَسَنَة كَانَ زلفها، ومحى عَنهُ كل سَيِّئَة كَانَ زلفها). وَذكر بَاقِيه بِمَعْنَاهُ...).

 

ثالثاً: وكما ترى فإن الزيادة في الحديث أعلاه ليست موجودة في حديث البخاري وتعارض نصوصاً قطعية ربطت الأجر والثواب للعمل الصالح، ربطته بالإيمان في آيات كثيرة منها:

 

﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً﴾ [الكهف: 88]

﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ [القصص: 80]

﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: 25]

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون﴾ [البقرة:]

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: 277]

﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: 57]

 

وواضح من هذه الآيات أن أجور الأعمال الصالحة هي بعد الإيمان وليست قبله..

 

رابعاً: وبناء عليه فإني أرجح رد هذه الزيادة (كتب الله لَهُ كل حَسَنَة كَانَ زلفها)، ويُعتمد حديث البخاري المذكور أعلاه وهو (قَالَ مَالِكٌ أخْبَرَنِي زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ أنّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ أخبَرَهُ أَنه سَمِعَ رسولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «إِذا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إسْلاَمُهُ يُكَفِّرُ اللهُ عنهُ كلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفها وَكَانَ يَعْدَ ذلكَ القِصاصُ الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثالِها إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ والسَّيِئَةُ بِمثْلِها إلاَّ أَن يَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهَا»)...

 

أي أن المسألة التي تبحث هي عدم مؤاخذته على المعاصي قبل إسلامه، وبمعنى آخر أي تطبيق حديث الرسول ﷺ: «إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ» رواه أحمد والطبراني عن عمرو بن العاص. وهو موافق لحديث البخاري أعلاه «إِذا أَسْلَمَ العَبْدُ فَحَسُنَ إسْلاَمُهُ يُكَفِّرُ اللهُ عنهُ كلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ زَلَفها» وهذا المعنى، أي تكفير سيئاته في الجاهلية بعد إسلامه، فقد وردت أدلة تخصصها في غير حالات ثلاث حيث يؤاخذ عليها بعد إسلامه.. وقد وضحنا ذلك في كتاب (أجهزة دولة الخلافة 123-127) باب العقود والمعاملات... بأنه يستثنى من الحديث الشريف ثلاث حالات:

 

1- إذا كان للقضية التي أبرمت وانتهى تنفيذها أثر مستمر يخالف الإسلام.

2- إذا كانت القضية تتعلق بمن آذى الإسلام والمسلمين.

3- إذا كانت القضية تتعلق بمال مغصوب قائم بيد غاصبه.

 

- وأما تحريك القضايا ذات الأثر المستمر المخالف للإسلام، فإن الرسول ﷺ قد وضع الربا الباقي على الناس بعد أن أصبحوا في الدولة الإسلامية وجعل لهم رؤوس أموالهم، أي أنهم بعد دار الإسلام قد أصبح ما بقي عليهم من ربا موضوعاً، أي لا يؤخذ. وكذلك فإن الذين كانوا متزوجين فوق أربع حسب قوانين الجاهلية، فإنهم بعد دار الإسلام أُلزموا بإمساك أربع فقط. أخرج الترمذي من طريق عبد الله بن عمر أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه «فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَتَخَيَّرَ أَرْبَعاً مِنْهُنَّ». وعليه فإن العقود التي لها أثر مستمر مخالف للإسلام، فإن هذا الأثر يُزال عند قيام الخلافة، والإزالة على الوجوب، فمثلاً لو أن امرأة مسلمة كانت متزوجة من نصراني قبل الإسلام، فإنه بعد الخلافة يفسخ هذا العقد وفق أحكام الشرع...

 

- وأما تحريك القضايا المتعلقة بمن آذوا الإسلام والمسلمين؛ فلأن الرسول ﷺ عندما فتح مكة أهدر دم بضعة نفر كانوا يؤذون الإسلام والمسلمين في الجاهلية، فأهدر دمهم حتى وإن تعلقوا بأستار الكعبة، علماً بأن رسول الله ﷺ قال: «إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ» رواه أحمد والطبراني عن عمرو بن العاص، أي أن من آذى الإسلام والمسلمين مستثنى من هذا الحديث. وحيث إن الرسول ﷺ قد عفا عن بعضهم فيما بعد كعفوه ﷺ عن عكرمة بن أبي جهل؛ لذلك يجوز للخليفة أن يحرك القضية على هؤلاء أو يعفو عنهم. وهذا ينطبق على من كان يعذب المسلمين لقولهم الحق أو يطعن في الإسلام، فإنه لا يطبق عليهم حديث «إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ»، بل إنهم مستثنون من هذا، وتحرك القضية عليهم أو يعفى عنهم وفق ما يراه الخليفة.

 

- وأما تحريك قضايا الغصب القائمة بيد غاصبها فلما رواه مسلم عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَأَتَاهُ رَجُلاَنِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَرْضٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إِنَّ هَذَا انْتَزَى عَلَى أَرْضِي يَا رَسُولَ اللهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ الْكِنْدِيُّ وَخَصْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ عِبْدَانَ قَالَ: بَيِّنَتُكَ، قَالَ: لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ، قَالَ: يَمِينُهُ، قَالَ إِذَنْ يَذْهَبُ بِهَا، قَالَ: لَيْسَ لَكَ إِلاَّ ذَاكَ، قَالَ: فَلَمَّا قَامَ لِيَحْلِفَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَنِ اقْتَطَعَ أَرْضاً ظَالِماً لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ»، انتزى على أرضي غلب عليها واستولى أي أخذها غصباً.. فالرسول ﷺ قبل دعوى الرجل على من غصب أرضه علماً بأنها كانت في الجاهلية.. وعليه فكل من اقتطع أرضاً أو غصب ماشية أو مالاً مملوكاً للأفراد أو اقتطع مالا من أموال الملكية العامة أو ملكية الدولة... وذلك غصباً، فإن الدعوى تقبل فيها.

 

رابعاً: والخلاصة هي أن الإنسان إذا أسلم وحسن إسلامه فتغفر له سيئاته قبل الإسلام إلا في الحالات الثلاث المذكورة كما بيناه.

 

هذا ما أرجحه في هذه المسألة والله أعلم وأحكم.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

30 ذو الحجة 1444هـ

الموافق 2023/07/18م

 

رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) علىالفيسبوك

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع