- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أجوبة أسئلة: كتاب النظام الاجتماعي ... المقدمة ... المفاهيم ...أجهزة الخلافة
السؤال الأول:
في كتاب النظام الاجتماعي صفحة 121 ذُكرت شروط الانعقاد للزواج التي إذا لم تستوف يبطل عقد الزواج، وذُكرت في صفحة 122 شروط الصحة للزواج التي إذا لم تستوف يفسد عقد الزواج، ولكنني لم أجد مذكوراً فيهما "المهر"، فإذا لم يكن لا شرط انعقاد ولا شرط صحة، أي أن عقد الزواج صحيح دون مهر، إذن ما موقع المهر من عقد الزواج؟
الجواب:
بالنسبة للمهر، نعم هو ليس شرط انعقاد ولا صحة، أي أن عقد الزواج إذا استوفى شروط انعقاده وشروط صحته فهو صحيح ولو لم يسمَّ المهر. غير أن الأحكام الشرعية نوعان:
أحكام وضع، ومنها الشرط والسبب...، وأحكام تكليف ومنها الحرام والواجب... وأحكام المسائل الشرعية، لا تخرج عن هذين، فقد يكون حكمها داخلاً في أحكام التكليف، فيكون فرضاً "واجباً"أو مندوباً أو مباحاً أو مكروهاً أو حراماً، وقد يكون حكمها داخلاً في أحكام الوضع، فيكون صحيحاً أو باطلاً أو فاسداً أو شرطاً أو سبباً أو مانعاً... وهكذا.
وبدراسة موضوع المهر يتبيّن أنه واقع في حكم التكليف، فهو فرض واجب على الزوج للزوجة، فإن سُمِّي فهو كما سُمِّي، وإن لم يُسمَّ، فيجب مهر المثل.
أما لماذا هو واجب، فلما أخرجه البخاري من طريق سهل بن سعد: «... فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ قَالَ مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ قَالَ وَلَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ قَالَ وَلَا خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ وَلَكِنْ أَشُقُّ بُرْدَتِي هَذِهِ فَأُعْطِيهَا النِّصْفَ وَآخُذُ النِّصْفَ قَالَ لَا هَلْ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ». وأخرج نحوه النسائي في سننه الكبرى وجاء في روايته: «...وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي قَالَ سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ فَلَهَا نِصْفُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ..».
فالرسول صلى الله عليه وسلم قد طلب من الرجل الذي أراد أن يزوجه الرسول إحدى النساء أن يدفع مهراً ولو خاتماً من حديد، فلما لم يستطع، حيث لم يكن يملك شيئاً إلا إزاره، فعرض أن يشق إزاره قسمين ويعطي نصفه مهراً للزوجة، فلما لم يكن الإزار يكفي لستر عورة الزوج والزوجة، طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعلِّمها ما معه من القرآن، ويكون أجر تعليمه لها هو مهرها، وكل ذلك قرائن جازمة على وجوب المهر.
وأما أن لها مهر أمثالها إن لم يُسمَّ، فلما أخرجه الترمذي من طريق عبد الله بن مسعود، وقال حديث حسن صحيح: « أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْمِيرَاثُ فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ امْرَأَةٍ مِنَّا مِثْلَ الَّذِي قَضَيْتَ فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ» وأخرج نحوه أبو داود في سننه.
فهذه امرأة تزوجت ولم يسمّ لها مهر، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لها مهر مثل نسائها.
وعليه فإنه وإن كان المهر ليس شرط انعقاد، ولا هو شرط صحة، إلا أنه فرض واجب للزوجة في ذمة زوجها، يجب دفعه لها، ويأثم إن لم يدفعه، والدولة الإسلامية تأخذه منه للزوجة جبراً كأي حق من الحقوق الواجبة عليه، وتعاقبه تعزيراً إذا ماطل وهو قادر، من أجل مضايقة الزوجة أو لأكل شيءٍ من حقها.
والخلاصة: أن المهر ليس شرطاً ولكنه فرضٌ على الزوج للزوجة، أي هو واقع في أحكام التكليف وليس في أحكام الوضع.
السؤال الثاني:
في كتاب المقدمة القسم الأول صفحة 79 الفقرة الثالثة ورد ما يلي:
" ...ويشمل عدم جواز إيقاع العقوبة بما جعله الله عذاباً في الآخرة وهو النار، أي عدم جواز العقوبة بالحرق بالنار."
وفي الصفحة 82 "وسط الصفحة" ورد ما يلي:
"...فالشارع قد حدد العقوبات التي يعاقب بها المذنبون، وهي: القتل، والجلد، والرجم، والنفي، والقطع، والحبس، وإتلاف المال، والتغريم، والتشهير، والكي بالنار لأي جزء من أجزاء الجسم، وما عداها لا يحل أن يعاقب به أحد"
والسؤال كيف يمكن التوفيق بين عدم جواز التعذيب بالنار ثم القول بجواز الكي بالنار؟
الجواب:
1- إن الحرق بالنار هو أن تضع النار على جسم الشخص، كأن تشعل نارا وتضع شخصاً فيها، أو تضع يده فيها أو قدمه... أو تضع أي نوع من أنواع النار على جسمه كأن توصل جسمه بسلك كهربائي متصل بمصدر كهربائي... أو أمثال ذلك من الأشياء التي يطلق عليها نار تحرق، كل هذا لا يجوز لأنه تعذيب بالنار أي حرق جسم بمصدر ناري فيه خاصية الحرق.
2- أما أن تحمي قضيب حديد أو مسماراً بالنار ثم تمسك هذا القضيب أو المسمار، وتضعه على جسم الشخص فأنت هنا لم تضع المصدر الناري على جسمه بل وضعت شيئاً أحمي بالنار وانفصل عن المصدر الناري، وهذا ما يسمى الكي بالنار، وهذا مستعمل عند العرب، ولا زال، يستعملونه كدواء، فيُحمى قضيب بالنار ويُكوى به مكان الألم أو نحو ذلك.
3- وإنك قد تسأل وتقول إن الكي بالنار هو كذلك قاس، نعم، هو قاس، فهو عقوبة لمن يستحقها، ولكنها مشروعة، على وجهها، غير أنها ليست حرقاً بالنار، أي ليست وضعاً للمصدر الناري على الجسم.
والخلاصة: إن الحرق بالنار، أي التعذيب بوضع المصدر الناري على الجسم، هذا حرام لا يجوز وفق النصوص الشرعية.
والكي بالنار، أي تسخين قضيب حديد بالنار، ووضع القضيب على الجسم، وليس وضع النار نفسها، فهذا الكي جائز وفق النصوص الشرعية.
السؤال الثالث:
في كتاب المفاهيم صفحة 50 ورد: " على أن كثيراً من مشاعر الحج كالطواف حول الكعبة ولمس الحجر الأسود وتقبيله والسعي بين الصفا والمروة... "، وقد وردت كلمة "مشاعر" في مواضع أخرى نحو ذلك.
أليس الصحيح أن يقال (على أن كثيراً من شعائر الحج) وليس (من مشاعر الحج)؟ وإن كان هذا صحيحاً، فهل يتم تصحيح "مشاعر" إلى "شعائر" حيث وردت؟
الجواب:
1- إن كلمة شعيرة مفرد شعائر، ومشعر مفرد مشاعر، يأتيان بمعنى واحد، غير أن الشائع استعمال "مشاعر" لعلامات الحج كالصفا والمروة ومنى ومزدلفة وعرفة والجمرات...
واستعمال "شعائر" لأعمال الحج ومناسكه كالسعي والطواف والوقوف بعرفة ورمي الجمرات...
2- ولكن الصحيح أنهما يتبادلان المعنى:
يقول سبحانه: } إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ... {فوردت شعائر هنا عن علامات الحج وليس عن السعي بين الصفا والمروة.
ويقول سبحانه: } فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ...{ وهنا أطلق "المشعر" على مزدلفة أي على علامات الحج.
وورد في كتب اللغة:
في القاموس المحيط ج 1 / ص- 434:
"وشعار الحج مناسكه وعلاماته. والشعيرة والشعارة والمشعر: معظمها".
وفي المحيط في اللغة ج / 1 ص- 43:
"وشعائر الحج أعماله وعلاماته، والواحدة شعيرة"
وفي لسان العرب ج 4/ ص- 410:
"وشعار الحج مناسكه وعلاماته وآثاره وأعماله جمع شعيرة... والشعيرة والشَعارة والمشعَر كالشعار...
وقال اللحياني: شعائر الحج مناسكه واحدتها شعيرة... والمشاعر المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها ومنه سمي المشعر الحرام.
وقال الزجاج في شعائر الله يعني بها جميع متعبدات الله التي أشعرها الله أي جعلها أعلاماً لنا... وإنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به... فلهذا سميت الأعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر...
وقال الأزهري ولا أدري مشاعر الحج إلا من كون الإشعار هو الإعلام والشعار العلامة، فمشاعر الحج هي علامات له...".
3- ويتبيَّن منه أن شعائر ومشاعر يتبادلان المعنى، غير أنه كما ذكرنا في البداية اشتهر استعمال "مشاعر" لعلامات الحج كالصفا والمروة ومنى ومزدلفة وعرفة والجمرات... واستعمال "شعائر" لأعمال الحج ومناسكه كالسعي والطواف والوقوف بعرفة ورمي الجمرات...
4- أما عن التصحيح، فإذا تبيّن لنا أن هذا الاستعمال يحدث التباساً، ومن المناسب التعديل، فعندها سنفعل إن شاء الله.
السؤال الرابع:
ورد في كتاب " أجهزة دولة الخلافة " صفحة 136 السطر 4 من الأسفل " فلما أصيب، أي سالم مولى أبي حذيفة، باليمامة، أتي عمر بن الخطاب بميراثه...".
ومن المعروف أن معركة اليمامة حصلت في عهد الخليفة أبي بكر، وورد في الشاهد عمر بن الخطاب، فكيف نوفق في ذلك؟
الجواب:
1- نعم ورد في أجهزة الخلافة في تلك الصفحة ما يلي:
(وروى الشافعي في الأم، وصححه ابن حجر عن عبد الله بن وديعة قال: «كان سالم مولى أبي حذيفة مولى لامرأة منا يقال لها سلمى بنت يعار، أعتقته سائبة في الجاهلية، فلما أصيب باليمامة، أتي عمر بن الخطاب بميراثه، فدعا وديعة بن خذام فقال: هذا ميراث مولاكم وأنتم أحق به، فقال: يا أمير المؤمنين قد أغنانا الله عنه، قد أعتقته صاحبتنا سائبة، فلا نريد أن نندى من أمره شيئاً، أو قال نرزأ، فجعله عمر في بيت المال»).
2- وواضح من النص أن ميراثه جاء إلى عمر في خلافته، مع أن استشهاد سالم مولى أبي حذيفة كان في معركة اليمامة التي حدثت في خلافة أبي بكر رضي الله عنه .
3- وتفسير ذلك هو أن معركة اليمامة حدثت في أواخر حروب المرتدين، وهناك خلاف في تاريخ حدوثها، يقول ابن الأثير في الكامل:
"قد اختلف في تاريخ حرب المسلمين هؤلاء المرتدين، فقال ابن إسحاق: كان فتح اليمامة واليمن والبحرين وبعث الجنود إلى الشام سنة اثنتي عشرة، وقال أبو معشر ويزيد بن عياض بن جعدبة وأبو عبيدة بن محمد بن عمار ابن ياسر: إن فتوح الردة كلها كانت لخالد وغيره سنة إحدى عشرة، إلا أمر ربيعة بن بجير فإنه كان سنة ثلاث عشرة"
ويبدو أن الراجح هو قبيل بعث الجنود إلى الشام الذي كان سنة ثلاث عشرة، فيمكن أن تكون معركة اليمامة في أواخر السنة الثانية عشرة أو أوائل السنة الثالثة عشرة، فإذا علمنا أن خلافة عمر بدأت في أواخر جمادى الثانية من السنة الثالثة عشرة، فهذا يعني أن حصر ميراث سالم مولى أبي حذيفة قد فُرغ منه بعد أن توفي أبو بكر رضي الله عنه وبويع عمر بالخلافة، ولهذا فقد عُرضت القضية على عمر رضي الله عنه .