الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

جواب سؤال

 

التعجيل بأداء الدين المؤجل مقابل خصم جزء منه

 

 

السؤال:


إذا اشترى رجل سلعة بعشرة آلاف يدفع شيئا منها حالاً والباقي منجماً على سنة مثلاً، فهل إذا جاءه البائع بعد الشهر الثالث مثلاً وقال له إذا أعطيتني ما تبقى وهو خمسة آلاف مثلاً، خصمت لك ألفاً، فآخذ منك أربعة فقط، فهل يعتبر هذا بيعاً للدين بأقل من قيمته لأجل التعجيل في الدفع أم هو مسامحة مشروطة وليست بيعاً للدين.


وإذا كان هذا جائزاً، فكيف يختلف عن جعل ثمنين للسلعة في عقد واحد؟

 

 

الجواب:

 


إن التعجيل بأداء الدين المؤجل مقابل خصم جزء منه ليس بيعاً للدين بالدين، وإنما هو في الفقه تحت باب "ضعْ وتعجَّل"، أي ضع من الدين المؤجل شيئاً مقابل سداده معجلاً.


أما الدَّيْن بالدَّيْن، فكأن يكون لك على رجل ألف دينار فتشتري منه بها مئة كيلو من العدس يعطيها لك بعد شهر، فهنا بعت الدين "1000" دينار بالعدس المؤجل أي بالدين، وهذا حرام لأنه بيع الدين بالدين، علاوة على أنه سَلَمٌ برأس مال دين، وهو حرام، لأن رأس مال السلم يجب أن يكون مقبوضاً منذ البداية.


وصورة أخرى للدين بالدين كأن يكون لك دين على عمرو "1000" دينار، ولي على زيد دين "مئة ثوب"، فأقول لك أبيعك الأثواب المئة على زيد بالألف التي لك على عمرو... فهذا بيع دين بدين...


وهناك صور أخرى، ولكنها كلها بيع دين بدين. ويسمى هذا كذلك بيع الكالئ بالكالئ، وبيع النسيئة بالنسيئة...


وهذا البيع لغير المدين حرام قولاً واحداً لحديث الحاكم في مستدركه على الصحيحين عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ». وأضيف في رواية أخرى «هُوَ النَّسِيئَةُ بِالنَّسِيئَةِ».


وأما بيع الدين بالدين للمدين فمختلف فيه فمنهم من يجيزه ومنهم من يحرمه...


وأما سؤالك فهو عند الفقهاء كما قلنا تحت باب "ضعْ وتعجَّل"، أي ضع من الدين المؤجل شيئاً مقابل دفع الدين أو بعضه معجلاً... وهذه المسألة مختلف فيها:


- فمنهم من لا يجيزها ويستند إلى أدلة منها:


1- ما أخرجه البيهقي في سننه الكبرى عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: أَسْلَفْتُ رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ، ثُمَّ خَرَجَ سَهْمِي فِي بَعَثٍ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: عَجِّلْ لِي تِسْعِينَ دِينَارًا وَأَحُطُّ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَكَلْتَ رِبًا يَا مِقْدَادُ، وَأَطْعَمْتَهُ».


(وللعلم فقد قال الإمام ابن القيم في إغاثة اللهفان: "في سند حديث البيهقي ضعف").


2- قالوا إنّه معلوم أنّ ربا الجاهليّة إنّما كان قرضاً مؤجّلاً بزيادة مشروطة، فكانت الزّيادة بدلاً من زيادة الأجل، فأبطله اللّه تعالى، وحرّمه، وقال) وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم(، وأضافوا أن خصم جزء من الدين بدلاً من تقريب الأجل هو كذلك حرام بسبب العوض المترتب على الأجل، زيادةً أو نقصانا.


وقال بتحريم هذا الأمر "ضع وتعجَّل" جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وكرهه زيد بن ثابت وابن عمر وعدد من التابعين.


- ومنهم من يجيزها ويستند إلى أدلة منها:


1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْرِجَ بَنِي النَّضِيرِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَ بِإِخْرَاجِنَا وَلَنَا عَلَى النَّاسِ دُيُونٌ لَمْ تَحِلَّ، قَالَ: «ضَعُوا وَتَعَجَّلُوا» رواه الحاكم في مستدركه على الصحيحين وقال هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.


( وللعلم فقد قال الذهبي في تلخيصه الزنجي ضعيف وعبد العزيز ليس بثقة. وقال ابن القيم في أحكام أهل الذمة "وإسناده حسن ليس فيه إلا مسلم بن خالد الزنجي وحديثه لا ينحط عن رتبة الحسن".)


2- قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "إنما الربا أَخِّرْ لي وأنا أزيدك" وليس "عَجِّلْ لي وأنا أضع عنك".


وقد رُوي جواز ذلك عن ابن عباس والنخعي والحسن وابن سيرين وهو رواية عن الإمام أحمد ووجه عند الشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وأجازها ابن عابدين من فقهاء الحنفية كما في حاشيته على "الدر المختار"


ونحن لا نحب أن نتبنى في المسألة رأياً، فليقلد صاحب المسألة من يطمئن برأيه من الفقهاء...


وكما ترى فإن هذه المسألة تختلف عن مسألة البيع نقداً أو بالتقسيط، فلو قال البائع سعر هذه السلعة بألف نقداً أو بألف وثلاث مئة على أقساط، وتُركت هكذا عائمة فلا يجوز، لأن الثمن مجهول. أما لو تحدد السعر فقال المشتري: أشتريها بكذا نقداً، أو قال أشتريها بكذا تقسيطاً، فهو جائز حيث حدد الثمن، وأصبح للسلعة ثمن واحد.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع