- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")
جواب سؤال
الناسخ والمنسوخ
إلىআল মাওয়ারিদি
السؤال:
Question is,
We have discussed about our method to re-establishing the Khilafah with a brother. I was answered by a brother that to do political non-violent actions and seeking Nusrah in Mecca before Hijrah was abrogated by the Quranic ayah which is, ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ “Hast thou not turned Thy vision to those who were told to hold back their hands (from fight) but establish regular prayers and spend in regular charity? When (at length) the order for fighting was issued to them, behold! a section of them feared men as - or even more than - they should have feared Allah: They said: "Our Lord! Why hast Thou ordered us to fight? Wouldst Thou not Grant us respite to our (natural) term, near (enough)?" Say: "Short is the enjoyment of this world: the Hereafter is the best for those who do right: Never will ye be dealt with unjustly in the very least!” [Nisa: 77]
In this ayah Allah ordered to do Jihad which abrogated previous Hukm (holding back their hands). So what will be the answer to those brother I give. Jazakallahu Khair my brother.
From Your Brother,
Asif Sulaiman
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أولاً: يبدو أن الذي سألك عنده التباس في موضوع النسخ، ولهذا ظن أن فرض الجهاد في المدينة هو نسخ لعدم إذن الرسول e بالجهاد في مكة، وحقيقة الأمر أن لا نسخ، وذلك لأن النسخ يكون عندما يرد خطاب عام من الشارع يكلفنا فيه بعمل، ثم يأتي بعد ذلك خطاب عام من الشارع يمنع استمرار ما ثبت من حكم الخطاب الشرعي العام السابق، ويكون التعارض من كل وجه، ودون إمكانية الجمع بين الخطابين، وتكون ظروف الخطاب السابق أو الحالة التي عالجها الخطاب السابق، غير مختلفة عن ظروف وحالة الخطاب اللاحق، وإلا كان كل خطاب خاصاً بظروفه وحالته... ولتوضيح ذلك فإني أذكر لك أمثلة:
1- أمثلة على النسخ:
أ- نسخ وجوب التوجه إلى القدس بالتوجه إلى الكعبة: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ فظروف وحالة التوجه إلى القبلة الأولى والقبلة الثانية هي واحدة بالنسبة للمصلي...
ب- نسخ النهي عن زيارة القبور والسماح بها: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلا فَزُورُوهَا» وكذلك هنا فظروف وحالة زيارة القبور وعدم زيارتها هي واحدة...
فكل هذه الأمثلة يقع النسخ فيها لأنها خطاب عام موجه للمسلمين، وظروف الخطاب السابق واللاحق واحدة، والتعارض بينهما من كل وجه، أي لا يمكن الجمع بينهما، ومن ثم يكون الخطاب اللاحق ناسخاً للخطاب السابق.
2- أمثلة على عدم النسخ:
- الصيام فرض على القادر:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾
- وللمريض أو من هو على سفر فيجوز له الفطر:
﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ...﴾.
فهنا لا يقال إن الآية الثانية نسخت الأولى، وإنما يقال كل حكم يطبق على ظرفه وحالته، فالصيام فرض على صحيح الجسم المقيم، ولكن الفطر جائز للمريض أو الذي هو على سفر، أو يقال خطاب الآية الأولى عام للمسلمين وخطاب الآية الثانية خاص بالمريض أو المسافر...
ثانياً: بالنسبة للآية الكريمة موضوع السؤال، فليس فيها نسخ، فظروف المسلمين في مكة أنهم كانوا مستضعفين... يعذبون ويعيشون تحت سلطان الكفار، فلحكمة يعلمها الله لم يفرض عليهم الجهاد... ولذلك لم يأذن الرسول e لذلك النفر من المسلمين بالقتال عندما استعجلوه في مكة... أخرج الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري: عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له، أتوا النبي e فقالوا: يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون، فلما آمنا صرنا أذلة. فقال: «إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلا تُقَاتِلُوا الْقَوْمَ» فلما حوله إلى المدينة، أمره بالقتال، فكفوا، فأنزل الله تبارك وتعالى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ...﴾ ومفهوم الآية أن لا نفعل فعلهم أي لا نستعجل فرض أمر ثم إذا فُرض نتباطأ في تنفيذه فنكون من الملومين...
وهكذا فلأنَّ الظروف مختلفة قلنا لا نسخ، وإنما حكم مكة حالة خاصة لم يفرض الله فيها قتال الكفار تلك الأيام لحكمة يعلمها العليم الحكيم... أما في المدينة فقد فرض الله فيها الجهاد ومنذ ذلك التاريخ فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة والأدلة على ذلك:
- أفرد البخاري باباً في صحيحه سمّاه: (بَاب الْجِهَادُ مَاضٍ مَعَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ e الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).
- وأخرج البخاري في صحيحه قال حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ حَدَّثَنَا عُرْوَةُ الْبَارِقِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ e قَالَ «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْأَجْرُ وَالْمَغْنَمُ» وأخرجه مسلم كذلك.
وكلمة (الخيل معقود في نواصيها) هو كناية عن الجهاد.
- وأخرج البيهقي في السنن الكبرى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله e «ثَلاثٌ مِنْ أَصْلِ الإِيمَانِ، الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، لا يُكَفِّرُهُ بِذَنْبٍ، وَلا يُخْرِجُهُ مِنَ الإِسْلامِ بِعَمَلٍ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ لا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالإِيمَانُ بِالأَقْدَارِ».
وهكذا فالجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة لا يُنسخ ولا يُعطَّل، فكل حاكم مسلم، سواء أكان خليفة أم لم يكن، إذا أعلن جهاد الكفار فإنَّه يُجاهَد معه لقتال الكفار، ويُجزى المجاهدون عند الله وفق نياتهم...
ثالثاً: ويبدو أن الذي سألك أو ناقشك في الآية أراد أن يقول لك: (لماذا لا يستعمل حزب التحرير الجهاد في عمله لإقامة الخلافة علماً بأن عدم القتال في مكة قد نُسخ في المدينة؟) وكأنه اختلط عليه الجهاد والعمل لإقامة الخلافة فظنهما مسألة واحدة، وهذا ظن خاطئ، وقد سبق أن أجبنا في 2013/9/22 على سؤال وصلنا حول هذا الموضوع، وأنقل لك بعض ما جاء في الجواب، ففيه زيادة توضيح للذي ناقشك في المسألة فلعله يهتدي إلى أرشد الأمر بإذن الله:
(الجواب: إن في هذا السؤال أموراً عدة تحتاج إلى بيان:
1- إن الأدلة الواردة، سواء أكانت من الكتاب أم من السنة، هي واجبة الاتباع على وجهها، ولا فرق بين الأدلة الواردة في مكة المكرمة وبين الأدلة الواردة في المدينة المنورة.
2- إن الأدلة المطلوبة هي الأدلة على المسألة وليس الأدلة على غير المسألة:
أ- مثلاً إذا أردت معرفة كيف أتوضأ، فإني أبحث عن أدلة الوضوء حيث كانت، سواء أنزلت في مكة أم في المدينة، ويُستنبط الحكم الشرعي منها وفق الأصول المتبعة... ولكني لا أبحث عن أدلة الصيام لآخذ منها حكم الوضوء وكيفيته!
ب- ومثلاً إذا أردت معرفة أحكام الحج، فكذلك أبحث عن أدلة الحج حيث كانت، سواء أنزلت في مكة أم في المدينة، ويُستنبط الحكم الشرعي منها وفق الأصول المتبعة، ولكني لا أبحث عن أدلة الصلاة لآخذ منها حكم الحج وكيفيته!
ج- ومثلاً إذا أردت معرفة أحكام الجهاد: على العين أو على الكفاية، في الدفاع أو ابتداء، وما يترتب على الجهاد من أحكام الفتح ونشر الإسلام، الفتح عنوةً أو صلحاً... فإني أبحث عن أدلة الجهاد حيث كانت، سواء أنزلت في مكة أم في المدينة، ويُستنبط الحكم الشرعي منها وفق الأصول المتبعة، ولكني لا أبحث عن أدلة الزكاة لآخذ منها حكم الجهاد وتفاصيله!
د- وهكذا في كل مسألة، فإنه يُبحث عن أدلتها حيث وردت في مكة أو في المدينة، ويؤخذ الحكم الشرعي للمسألة من هذه الأدلة وفق الأصول المتبعة.
3- والآن نأتي إلى مسألة إقامة الدولة الإسلامية، ونبحث عن أدلتها، سواء أنزلت في مكة أم في المدينة، ونستنبط الحكم الشرعي منها وفق الأصول المتبعة.
إننا لا نجد أي أدلة لإقامة الدولة الإسلامية إلا التي بينها رسول الله e في سيرته في مكة المكرمة،
فقد دعا إلى الإسلام سراً، فأوجد كتلة مؤمنة صابرة... ثم أعلنها بين الناس في مكة وفي المواسم... ثم طلب نصرة أهل القوة والمنعة، فأكرمه الله سبحانه بالأنصار، فهاجر إليهم وأقام الدولة.
هذه هي أدلة إقامة الدولة، ولا توجد أدلة غيرها، فالرسول e بيَّنها لنا في سيرته بياناً شافياً، وعلينا التزامها، فالموضوع ليس دوراً مكياً قبل فرض الجهاد، ودوراً مدنياً بعد فرض الجهاد، بل هو البحث عن أدلة إقامة الدولة، وهي ليست إلا في مكة إلى أن هاجر رسول الله e إلى المدينة وأقام الدولة.
وهي شيء والجهاد شيء آخر، وكما قلنا فإن أدلة إقامة الدولة تؤخذ من مظانها، وأدلة الجهاد تؤخذ من مظانها، وهذه غير تلك ولا تتوقف الواحدة على الأخرى، ولهذا لا يتعطل الجهاد بعدم وجود دولة الخلافة...
وكذلك لا يُعطَّل العمل لإقامة الخلافة بسبب تعطيل الحكام للجهاد...
وعليه فالجهاد ماض، والعمل للخلافة ماض إلى أن تقام، ولا يتوقف أحدهما على الآخر، فهما مسألتان، ويبحث لكل مسألة عن أدلتها الشرعية، ويستنبط منها الحكم الشرعي الخاص بالمسألة وفق الأصول المتبعة...). انتهى
وإني لآمل أن يكون في ذلك ما يكفي لإقناع الذي ناقشك فيهتدي إلى أرشد الأمر إن شاء الله.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
18 ربيع الأول 1440هـ
الموافق 2018/11/26م
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على غوغل بلس
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) ويب