- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال: الحرب الأفغانية
السؤال:
كادت الحرب الأفغانية أن تُتِم 10 سنوات، ولا زالت أمريكا غارقة في مستنقعها... وقد وعد أوباما بجعل الحرب الأفغانية أولوية لديه واتهم إدارة بوش بإهمال الحرب الحقيقية. ومنذ مجيئه للسلطة ووضع إستراتيجيته ضد الإرهاب في أفغانستان، فإن أمريكا تبدو في هذه الاستراتيجية متناقضة. فهي تزيد عديد قواتها هناك ولكنها بعد ذلك تقول إن هذه الزيادة سيجري سحبها في صيف عام 2011 ، مما يضر بتلك الإستراتيجية. ويقول الكثير من المسئولين بما في ذلك جنرال بترايوس بأن الإستراتيجية غير فعالة، بل هناك بعض التقارير الإخبارية التي تقول بأن هناك صراعاً بين دوائر وزارة الخارجية والعسكر.
فما مدى اهتمام أمريكا بأفغانستان رغم وقوعها في هذا المستنقع؟ وهل فعلاً هناك اختلاف بين نظرة الإدارة الجمهورية السابقة وبين نظرة الإدارة الديمقراطية الحالية؟ ثم هل أوباما جاد في خطة الانسحاب من أفغانستان التي وضعها، رغم ما يُسمع عن خلافات بينه وبين قادته؟ وهل هناك من دور للدول المجاورة وبخاصة بعد "تملل" أوروبا من هذه الحرب وما يتسرب عنها من خطط للانسحاب؟ وما المتوقع في هذا الأمر؟
الجواب:
1- لنبدأ بشيءٍ من آراء بعض المحللين السياسيين الأمريكان عن هذه المنطقة التي هي جزء من منطقة أوراسيا التاريخية التي تمتد من شرق آسيا مروراً بآسيا الوسطى وما حولها، مخترقة أوروبا... لقد قال "زبيغنيو بريجنسكي" عن تلك المنطقة بأنها "موطن لمعظم دول العالم الفاعلة والقوية، فجميع القادة التاريخيين الذين سعوا إلى قوة عالمية نشأوا في أوراسيا. إن الدول الأكثر سكاناً، والطامحة للهيمنة الإقليمية -الصين و الهند- موجودة في أوراسيا، وكذلك فإن جميع السياسيين والاقتصاديين المنافسين لأمريكا هم في أوراسيا، ثم إنه بعد الولايات المتحدة فإن أكبر ست دول من الناحية الاقتصادية، والإنفاق على التسلح تقع هناك في أوراسيا، وجميع تلك القوى الكبرى في أوراسيا تمتلك السلاح النووي بشكل علني إلا واحدة منها. إن أوراسيا تمثل 75 في المائة من سكان العالم، ولديها 60 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي و75 في المائة من مصادر الطاقة، وإجمالاً فإن القوى الموجودة في أوراسيا ذات تأثير وهي تلقي بظلالها حتى على أمريكا. إن القوة التي تهيمن على أوراسيا تمارس تأثيرا حاسما على منطقتين من بين أكثر ثلاث مناطق إنتاجاً للاقتصاد في العالم.... أي على غرب أوروبا وشرق آسيا... وهي تلقائيا تسيطر على الشرق الأوسط وأفريقيا. وهكذا فإن ما يطرأ على توزيع القوة في أوراسيا سيكون ذا أهمية حاسمة لسيادة أمريكا العالمية والإرث التاريخي". [الجيوستراتيجية لمنطقة أوراسيا والشؤون الخارجية سبتمبر/أكتوبر 1997].
وقال جورج فريدمان في كتابه [الـ 100 عام القادمة وتوقعات القرن 21 - "2009"]: (إن للولايات المتحدة هدفاً جوهريا وهو منع ظهور أي قوة عظمى تنافسها في أوراسيا... والمفارقة في اهتمامات أمريكا، ومهما غُلِّفت من خطاب سياسي، هي أنْ تمنع ظهور هذه القوة أولى عندها من إدخال قوتها هي! ولذلك فإن سياستها في المناطق المفتوحة لقوة أخرى متوقعة، هي أن تنشر فيها عدم الاستقرار، والقلاقل والاضطرابات وتضع العراقيل للحيلولة دون قيام تلك القوة... وهذا يفسر تصرفات أمريكا تجاه الزلزال الإسلامي المتصاعد بإثارة عدم الاستقرار في المنطقة الإسلامية لتمنع قيام دولة إسلامية قوية كبرى... وهكذا فليس من مصلحة أمريكا إحلال السلام في أوراسيا... إنه ليس من مصلحتها كذلك الفوز في المنطقة بقدر ما هي مصلحتها في منع الاستقرار فيها للحيلولة دون ظهور قوة عظمى فيها تنافسها، فهمُّها الأكبر هو زعزعة الاستقرار في المنطقة وليس استقرار النظام).
2- إن المنطقة التي تشكل جزءا محورياً من أوراسيا هي آسيا الوسطى وأفغانستان وباكستان وغرب إيران، وبالتالي فإنّه ليس مستغرباً أن تتبنى الحكومات المتعاقبة في الولايات المتحدة بغض النظر عن ميولهم الأيديولوجية (المحافظون الجدد أو الواقعيون) التركيز على استخدام أفغانستان وباكستان في مشروع الولايات المتحدة لترسيخ الهيمنة الأمريكية على المنطقة. وفي الواقع، فإنّه ما زال عالقاً في ذاكرة عقول الساسة في الولايات المتحدة استخدام أفغانستان وباكستان لهزيمة الاتحاد السوفيتي، وفي مقابلة أجريت مع بريجنسكي مؤخرا اعترف أنّ أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي كانت معركة القوى العظمى على أوراسيا [روسيا اليوم 26 سبتمبر 2010]. لذلك فإنّ غزو أفغانستان المريب بعد أحداث 11 من سبتمبر 2001 قد سعت أمريكا من خلاله إلى تأمين أهدافها الإستراتيجية، والتي تتلخص بـ:
*منع الهيمنة الروسية والصينية على آسيا وأوروبا.
*منع ظهور دولة الخلافة.
*السيطرة على موارد النفط والغاز في بحر قزوين والشرق الأوسط.
*السيطرة على المواد الهيدروكربونية من بحر قزوين والشرق الأوسط، وتأمين نقلها إلى مصالحها الحيوية.
ولا يوجد خلاف بين الجمهوريين والديمقراطيين، أو بين المحافظين الجدد والواقعيين، حول هذه الأهداف، ولا على غزو أفغانستان والوجود الأميركي العسكري طويل الأمد في البلد، أو استغلال أميركا لأفغانستان لزعزعة استقرار البلدان المجاورة، خصوصا في فضاء الاتحاد السوفييتي السابق، والخلاف يتركز على الأهداف الميدانية، أي قدرة أميركا على تحقيق هذه الأهداف الإستراتيجية في المدى القريب، وفاعلية الدور المحوري الذي تلعبه القوة العسكرية الأمريكية، بالإضافة إلى طبيعة الاحتلال.
فخلال عهد بوش كانت إدارته مشغولة تماما بالأحداث في العراق، وسمح هذا لطالبان بإعادة تنظيم صفوفها والانتشار في أفغانستان، وظل هذا الحال حتى جاء أوباما للرئاسة حيث بدأ بمراجعة إستراتيجية العمل في أفغانستان، واتباع آليات جديدة لإخضاع المقاومة البشتونية، وبعد استعراض الوضع في أفغانستان استقر أوباما على الأهداف التنفيذية التالية:-
أ- زيادة قدرة الحكومة الأفغانية على فرض سلطتها على البلاد، وهذا يعني بناء قوات الأمن الأفغانية والشرطة والجيش وتعيين حكام أكفاء وموالين، والحد من الفساد في الحكومة الأفغانية.
ب- هزيمة تنظيم القاعدة والعناصر البشتونية المعارضة للاحتلال الأمريكي.
ج- حث مقاتلي طالبان المعتدلين على الانخراط في الحكومة المركزية.
د- الحصول على مساعدة من إيران والهند وروسيا والصين ودول أخرى لمشاركة الولايات المتحدة في حل المشكلة الأفغانية في سياق إقليمي.
3- ومرة أخرى فإنّ هذه الأهداف الميدانية بالمقارنة مع ما كانت عليه إبان إدارة بوش لا تختلف إلا في التفاصيل... والاختلافات الكبرى بينهما هي في الأساليب المستعملة لتحقيق الأهداف الميدانية أي ما ينبغي أن يكون عليه حجم الانتشار العسكري الأمريكي في أفغانستان ومدى عمقه، وموضوع إشراك باكستان في الحرب... فقد كانت إدارة بوش ترى أنّه من الممكن تحقيق الأهداف الميدانية من خلال تقييد حجم الانتشار العسكري الأمريكي، وبإيعاز تدريجي لباكستان لتشارك بشكل أكبر في المناطق القبلية. أما أوباما فقد تبنى سياسة عسكرية وانتخابية، فمن جانب عمل على تدخل أكبر للجيش الأمريكي وإرسال مزيد من الجنود الأمريكيين إلى الأرض في أفغانستان، وإرغام باكستان على القيام بدور نشط في متابعة الحرب في المناطق القبلية، ومن جانب آخر عمل على إرضاء الناخبين الأمريكيين بتعهده تخفيض حجم القوات الأمريكية في أفغانستان بحلول عام 2012.!
وفي الأول من كانون الأول 2009 أعلن أوباما قائلاً "إنني أعلن الليلة عن إرسال قوات إضافية 30,000 والتي ستنتشر في الربع الأول من عام 2010 وبأسرع وتيرة ممكنة حتى يتمكنوا من استهداف المسلحين وتأمين المراكز السكانية الرئيسية، وهذه القوات الإضافية والقوات الأمريكية والدولية ستتيح لنا فرصة التسريع في تسليم المسؤولية للقوات الأفغانية، وتسمح لنا بالبدء بنقل قواتنا من أفغانستان في تموز عام 2011." [ أخبار صوت أمريكا أون لاين]. وهكذا فإنّ الـ30,000 جندي أمريكي إضافي في صيف 2010 ستجعل مجموع الجنود الأمريكيين 100,000. وإجمالي عدد القوات الأجنبية في أفغانستان في الوقت الحاضر هو 150,000، ويشمل هذا الرقم 100,000 جندي أمريكي، واعتبارا من سبتمبر 2009، بلغ عدد المتعاقدين لتوفير الأمن والنقل والخدمات اللوجستية 104,100 في أفغانستان وفقا لوزارة الدفاع في 15 ديسمبر 2009. لذلك فإن العدد الإجمالي للقوات تحت قيادة الولايات المتحدة يبلغ نحو 250,000، وعلى الجانب الباكستاني من الحدود الأفغانية في المنطقة القبلية في باكستان فإنّ عدد القوات 140,000 [صحيفة الفجر عبر الإنترنت، 2 فبراير 2010]. وهذا يعني أنّ إجمالي عدد القوات التي تقاتل حركة طالبان 390,000 تقريبا.
4- لقد طغى موعد الانسحاب على الحديث والجدل داخل إدارة أوباما وكذلك بين أوباما وآلته العسكرية، وببساطة فإنّ المؤسسة العسكرية إلى جانب العديد من كبار السياسيين يرون أنّه لا يمكن تحقيق الأهداف الميدانية التي حددها أوباما حتى مع وجود 250,000 جندي والالتزام بالجداول الزمنية لتحقيق ذلك، وكان الضحية الأبرز في التوتر بين أوباما والجيش الجنرال ماكريستال الذي أعفي من جانب أوباما من قيادته للجيش في أفغانستان، وعندما أعفاه أوباما قال إنّ تصريحات الجنرال ستانلي ماكريستال تمثل سلوكاً يؤثر في الإدارة حيث إنه "يقوض السيطرة المدنية على المؤسسة العسكرية والتي هي من صميم نظامنا الديمقراطي." [ 23يونيو 2010 MSNBC.com]. وحتى بعد طرد ماكرستال فإنّ البنتاغون لا يزال يشك في موعد انسحاب أوباما من أفغانستان. وقدم وزير الدفاع روبرت غيتس تطمينات إلى الجنرال بترايوس الذي حل محل ماكريستال، وأكد غيتس أنّ خطة الانسحاب كانت "بحسب الظروف القائمة" وقال أنّ الجنرال ديفيد بترايوس يتفق مع إستراتيجية الرئيس بشكل عام عندما يكون على أرض الواقع، وقال إنّه سيقيّم الوضع بنفسه، وأنّه سيوصل توصياته إلى الرئيس، وهذا ما ينبغي القيام به من قبل أي قائد عسكري، والرئيس سيرحب بتلك التوصيات، ولكن في نهاية المطاف فإنّ الرئيس سيقرر ما إذا كانت هناك تغييرات يتعين اتخاذها في هذه الإستراتيجية." [سي بي اس نيوز 24 يونيو 2010 على الإنترنت].
في آب الماضي شكك قائد أمريكي آخر واسمه الجنرال جيمس كونواي، وهو قائد فيلق مشاة في البحرية الأمريكية شكك هو الآخر في موعد الانسحاب وقال: "إننا نرى الآن أنه من المحتمل أنَّ تحديد موعد انسحاب قواتنا سيعطي قوة لعدونا... وأن واقع الحال ينطق بالقول: "مهلا، ليس لدينا سوى الصمود لفترة طويلة"... إنني أقول بصدق "أنه سيكون علينا البقاء على الأرض لسنوات عدة كي تتغير الأوضاع لصالحنا" [ بي بي سي نيوز أون لاين ، 24 آب 2010].
5- ولكن المَشاهِد الأكثر دلالة على الانشقاقات بين أوباما والجيش ظهرت في كتاب بوب ودوارد في حروب أوباما، حيث قال ودوارد إنه خلال الاجتماعات المتكررة لاستعراض وتقييم إستراتيجية أمريكا في أفغانستان 2009 فإن الرئيس قد تجنب الحديث عن الانتصار، وهو يذكر أهدافه في أفغانستان.
لقد قال الرئيس في البيت الأبيض لتبرير الأسباب التي دفعته لإرسال 30,000 جندي إضافي في حالة تصعيدية على المدى القصير "نحن بحاجة لأن تكون هناك خطة حول سبب ذهابنا إلى أفغانستان والخروج منها" وأضاف: "إنّ كل شيء نقوم به يجب أن يتركز على كيفية الوصول إلى نقطة تمكننا من تقوية وجودنا، إنها في مصلحة أمننا القومي، ولا يمكن أن يكون هناك أي مجال للمناورة" ثم أجمل كلامه قائلاً: "لدي سنتان لتحقيق ذلك" وفي آخر جلساته، كما يقول الكتاب، قال: "أريد إستراتيجية للخروج"، وفي لقاء خاص مع نائب الرئيس جوزيف بايدن حول إستراتيجية بديلة عارض أوباما عدم زيادة القوات، وفي الوقت نفسه وضع جدولاً زمنياً للانسحاب! مبرراً ذلك بأنه وعد بهذا في حملته الانتخابية وقال: "لا أستطيع أن أساهم في خسارة الحزب الديمقراطي بعدم تنفيذ الوعود...". [حروب أوباما ، بوب ودوارد].
6- وهكذا فإنه يتضح من الأقوال السابقة أن اهتمام أوباما الرئيس هو في أن يعيد بعض القوات الأمريكية إلى بيوتهم من أفغانستان قبيل الانتخابات الأمريكية 2012م
وفي الوقت نفسه فإنّ الجيش الأمريكي يصر على أن يتم تمديد الموعد النهائي للانسحاب ويعارض بشدة خطة انسحاب أوباما. وينظر البنتاغون إليها على أنّها خطيرة للغاية لإنجاز الأهداف الميدانية.
ويجب أيضا التأكيد على أنّ أوباما لا ينوي سحب جميع القوات الأمريكية أي الـ100,000 جندي. فوفقا لـ"مجموعة دراسة أفغانستان" التي أصدرت مؤخرا ورقة من خمس نقاط بعنوان "الطريق الجديد للأمام"، فإنها قد أوصت في هذه الورقة بخفض القوات الأمريكية إلى 68,000 جندي بحلول تشرين الأول 2011 و30,000 بحلول تموز 2012، ومن شأن هذه الخطوة توفير ما لا يقل عن 60 إلى 80 مليار دولار سنويا على الولايات المتحدة لتخفف من حدة السخط المحلي في وجود أمريكا العسكري الكبير.
وهناك دراسات أخرى قد دعت إلى خفض عدد القوات إلى 50,000، فقد كتب أوهانلون مقالاً بعنوان "كيف يمكن الفوز في الحرب الأفغانية" يرى فيه أنّ أوباما سيرشح نفسه لإعادة انتخابه مع وجود أكثر من 50,000 من القوات الأمريكية في أفغانستان [الشؤون الخارجية 2010]. وهذا يعني أنّ أمريكا ستحافظ على وجود عسكري كبير في أفغانستان لمواصلة أهدافها الإستراتيجية في موعد لاحق.
7- والخلاصة: فإن إصرار أوباما على إعادة القوات إلى أمريكا في 11 تموز 2011 قد قوّض قدرة الولايات المتحدة على تحقيق أهدافها الميدانية، فمع وجود 100,000 من القوات الأمريكية وتحديد موعد للانسحاب ضيق وقريب، ومع عدم استعداد أوروبا للمساهمة بمزيد من الجنود فإنّ أمريكا تحاول جادة إشراك دول الجوار في مشكلة أفغانستان، وأمس الاثنين 19/10/2010 رعت أمريكا عن طريقة "مجموعة الاتصال الدولية حول أفغانستان" مؤتمراً في روما ضم نحو 46 دولة ومنظمة دولية، وكان من بينها المؤتمر الإسلامي! بل إن إيران قد حضرته لأول مرة، وصرّح هولبروك مندوب أمريكا بأن إيران لها دور تؤديه في أفغانستان...، كما أن وزارة الدفاع الأمريكية تركز بشكل مكثف على إجبار باكستان على نشر عدد أكبر من الجنود في المناطق القبلية وإشراك المسلحين الذين يقيمون هناك. إنّ أميركا تحتاج إلى الحد من شراسة المقاومة البشتونية واستمالة مجموعات من حركة طالبان الأفغانية إلى الحكومة الأفغانية وذلك لجعل الاحتلال مقبولا للأفغان، وتقليل الخطر الذي يتهدد وجودها العسكري، لكن خوف الجيش الباكستاني من الهند وغرقه في أزمة الفيضانات جعل من الصعب عليه إعادة نشر جنود إضافيين.
لقد زادت أمريكا من هجماتها على منطقة القبائل بواسطة "الطائرات دون طيار"، بشكل استفزازي حتى لعملائها في باكستان، فلم تكتف بالإغارة على القبائل بل على الجنود الباكستانيين ما شكّل إحراجاً للسلطة دفعها لإغلاق ممر الحدود إلى أفغانستان الذي تعبر منه الإمدادات، ولكن لبعض الوقت لامتصاص نقمة الناس... ثم أعادت فتحه...
ومع آلاف الجنود التي أرسلتها أمريكا إلى أفغانستان، ومع تواطؤ حكام باكستان مع أمريكا، ومع ازدياد هجمات الطائرات دون طيار، ومع محاولات أمريكا الضرب على وتر طالبان معتدلين وغير معتدلين إلا أنها لا زالت غارقة في مستنقع أفغانستان... وهي تدرك أنها لن تتمكن من المحافظة على هيبتها في أفغانستان، أو حتى الخروج واقفة على قدميها، إلا إذا استطاعت كسب مجموعات من المقاومة الأفغانية، أي باستنساخ مشروع صحوات العراق لنقله إلى أفغانستان، ويبدو أنها لم تنجح بعدُ في هذا الأمر... وهكذا فهي تسير القهقرى من سيء إلى أسوأ...