السبت، 14 محرّم 1446هـ| 2024/07/20م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

كلمة حزب التحرير/ ولاية لبنان لمؤتمر الخلافة في جاكرتا [كلمة الأستاذ أحمد القصص رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان في مؤتمر الخلافة العالمي في جاكرتا الذي انعقد يوم الأحد، 23 رجب الفرد 1434هـ الموافق 02 حزيران/يونيو 2013م] -----------------

بسم الله الرحمن الرحيم



أيها الإخوة الكرام، يا أبناء خير أمة أخرجت للناس، يا أهل إندونيسيا الكرام:


جئتكم من لبنان، هذا البلد الذي سُلخ عن أرض الشام عقر دار الإسلام، بل من مدينة تسمى طرابلس الشام، من ساحل الرباط الذي رابط فيه الصحابة الكرام وتابِعوهم ومن أتى بعدهم من المجاهدين الأبطال. من الأرض التي فتحها جيش أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه. هذه البلاد التي لطالما انطلق منها المجاهدون برًا وبحرًا حاملين الإسلام رسالة رحمة وهداية إلى العالم، من الأرض التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إن عقر دار المؤمنين بالشام)، وقال: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم)، وقال: (إن الله تكفل لي بالشام وأهله)، قالوا: (بم ذاك يا رسول الله)، قال: (ذلك بأن ملائكة الله باسطو أجنحتهم فوق الشام).


هذه البلاد غزاها بعد خمسة قرون من التحاقها بدار الإسلام الفرنجةُ الذين انطلقوا من أوروبا الغارقة في ظلام العصور الوسطى، فاحتلوا شمالها وساحلها وصولًا إلى بيت المقدس، وأنشأوا أربع دول صليبية دامت ما يقرب من قرنين من الزمان، وانضمت إلى غزوتهم غزوةُ المغول الذين عتوا في الأرض فأكثروا فيها الفساد وسفكوا الدماء وأسقطوا خلافة المسلمين في بغداد. ولكنهم ما لبثوا أن اندحروا جميعًا، واندثرت دويلات الصليبيين الواحدة تلو الأخرى، على يد قادة مجاهدين أبطال: عماد الدين زنكي ونور الدين محمود وصلاح الدين الأيوبي محرر بيت المقدس والمظفر قطز والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون محرر مدينتي طرابلس الشام والأشرف خليل الذي طهر الشام من بقية فلول الصليبيين الفرنجة، فعاد كامل بلاد الشام إلى ربوع دار الإسلام.


وبعد ذلك بسبعة قرون، في القرن العشرين، عاد الغرب المعاصر بغزواته الصليبية الاستعمارية إلى بلاد الشام، فاحتلها بعد أن هزم دولة الخلافة العثمانية في الحرب العالمية الأولى سنة 1918 الميلادية. ولا تزال عبارات الحقد التي أطلقها الغزاة تتردد في كتب التاريخ حتى يومنا هذا. فحين تغلب القائد البريطاني ألنبي على جيش المسلمين في فلسطين واحتل بيت المقدس أعلن في خطابه الشهير مقولته: "اليوم فقط انتهت الحروب الصليبية". ثم بعده بسنتين دخل القائد الفرنسي غورو دمشق محتلاً، وقصد على الفور قبر محرر بيت المقدس البطل صلاح الدين الأيوبي ووقف أمامه مخاطباً إياه بكل شماتة: "ها قد عدنا يا صلاح الدين".


هذا المستعمر الأوروبي العلماني جاء إلى بلادنا بوجهه الصليبي التاريخي، فأمعن فتكاً في الأمة وأراضيها وعقائدها وثقافتها وأخلاقها وثرواتها الماديّة. وكان الحلفاء الأوروبيون قد اتفقوا في بداية الحرب العالمية الأولى في اتفاقية بينهم - عرفت باتفاقية سايكس بيكو - على تقاسم ما تبقى من أراضي دولة الخلافة، وبخاصة بلاد الشام والعراق. وعندما احتلوها مزقوها إلى دول صغيرة وفق قاعدة استعمارية شهيرة تقول "فرق تسد". فكان أن قسموا بلاد الشام إلى أربع دول صغيرة، هي سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية.


أما أرض فلسطين، فقد سلّموها لشذاذ الآفاق من اليهود المشرَّدين في أقطار العالم. فشرد هؤلاء اليهودُ نصفَ أهل فلسطين، وقهروا النصف الآخر، وأقاموا فيها دولة طائفية يهودية سمَّوها زورًا (إسرائيل)، ثم وقع المسجد الأقصى أسيراً في أيديهم منذ 46 عامًا، دون أن يحرك حكام العرب الخونة ساكنًا لتحريره.
وأما الأردن فقد أنشأ فيه البريطانيون دولة لحماية الحدود الشرقية لكيان يهود، وتولت ذلك الإثمَ الأسرةُ الخائنة أسرة الشريف حسين الذي طعن الخلافة العثمانية في ظهرها متحالفًا في الحرب العالمية الأولى مع بريطانيا الفاجرة.


وأما سوريا فقد أقاموا فيها دولة علمانية، ثم سلموا فيها الحكم لحزب علماني سمي حزب البعث، وهو الحزب الذي اختبأت فيه الأقليات الطائفية لتتحكم برقاب المسلمين في بلاد الشام. ثم من داخل هذا الحزب قفز الطاغية حافظ أسد إلى الحكم، فجعل الدولة مزرعةً لأسرته وأتباعه من طائفته. فحارب الإسلام وأهله، ونشر الرذيلة والفجور في البلاد، وقتل في الثمانينيات عشرات الآلاف من مسلمي سوريا، وعذّب مئات الآلاف منهم في سجونه، واستعبد أهل سوريا وسامهم سوء العذاب. وعلى نهجه سار من بعده ابنه بشار الذي قتل في السنتين الأخيرتين فقط ما يزيد على مئة وخمسين ألفاً من أهل سوريا، وشرّد نصف شعبها، ودمّر مئات المدن والقرى.


أما بلدي لبنان فقد سلخه الفرنسيون منذ حوالي قرن من الزمان (سنة 1920) عن بلاد الشام، على الرغم من رفض أهله من المسلمين وغضبهم على فصلهم عن إخوانهم، وأقاموا فيه دولة طائفية، وسلّموا الحكم فيها لطائفة من النصارى حكمت البلد نصف قرن من الزمان، ما أدى إلى حرب طائفية بغيضة. في خضم هذه الحرب شن نظام أسد سنة 1985 على مدينتي طرابلس حرباً مدمرة فقتل المئات وشرد الآلاف ودمر مئات البيوت. ثم فوضت أميركا المجرمَ أسد حكمَ لبنان، فاستعبد أهله كما استعبد من قبلهم أهل سوريا.


وحين اندلعت ثورة الشام المباركة منذ سنتين تعاطف معها مسلمو لبنان وعادت الآمال بعودتهم إلى بلاد الشام. ولكن العالم كله حارب هذه الثورة المباركة، وانضمّ الدجّالون حكّام إيران وحزبُهم الطائفي في لبنان الذي يتسمّى زوراً (حزب الله) إلى الحرب على أهل الشام وثورتهم، وقادوا حلفاً من الأقليات الطائفية ضد أهل الشام المسلمين. واتّخذوا قراراً بمنع أيّ نصرة للثورة في لبنان. ولكن "حزب التحرير" في لبنان كسر قرارهم بفضل الله تعالى، فعزم رغم أنوفهم على الخروج بأول مظاهرةٍ مناصِرة لثورة الشام في بلاد العرب، وبالتحديد في مدينتي طرابلس الشام. فاتخذت السلطة العميلة في لبنان - ومعها حزب إيران وأتباع أسد - قراراً بمنع المظاهرة ودفعوا بالأجهزة الأمنية لتهدِّدَنا وتُرهِبَنا وتُرهبَ أهل المدينة، واعتقلوا شبابنا، ولكن "حزب التحرير" في لبنان لم يتردّد، وأصرّ على الخروج بمظاهرته، وكانت مظاهرة مباركة كسرت الحظر وفتحت الباب أمام نصرة ثورة الشام في لبنان كله. ثم بدأ الأبطال من أهل طرابلس وسائر لبنان بالالتحاق بإخوانهم في سوريا، يضحّون في سبيل الله بأموالهم وبأنفسهم وبما يملكون من متاع الدنيا.


ولذلك يعاقِب الآن حزبُ إيران طرابلس، فيدفع المجرمين من أتباع أسد في طرابلس إلى إطلاق النار على أهلها وقتلهِم. وقد تركتُ مدينتي وهي تتعرض للقصف والنيران والقتل من هؤلاء المجرمين.


ولكننا على ثقة ويقين بأن العاقبة ستكون لأهل الشام، لأنهم اليوم يثورون بوصفهم مؤمنين، ويهتفون في مظاهراتهم: "يا الله ما لنا غيرك يا الله"، ويهتفون: "قائدنا للأبد سيّدنا محمد"، ويرفعون راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعلنون صراحةً أنهم لن يرضوا إلا بدولة إسلامية تحكم بما أنزل الله. وحين يقاتل المسلمون بوصفهم مسلمين فما من قوة في الأرض تستطيع التغلب عليهم، لأن الله تعالى وعدهم بقوله: {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقدَامَكُم} وبقوله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الغالِبُونَ}.


وكلُّنا أملٌ بأن ثورة الشام لن تتوقف ولن تتراجع حتى تعيد بإذن الله تعالى الخلافة الراشدة الموعودة التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}

 


أحمد القصص
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع