الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

(كلمة المهندس تهامي نجيم في الندوة الفكرية "الاعتقال السياسي في المغرب" التي عقدها حزب التحرير/ المغرب في قاعة غرفة التجارة والصناعة يوم السبت 10 شوال 1434هـ الموافق 17/08/2013م)

بسم الله الرحمن الرحيم


الاعتقال السياسي إفلاس فكري وفشل سياسي

 


الحمد لله والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد بن عبد الله النبي الأمين المبعوث بالإسلام رحمة للعالمين


وبعد،


بداية أشكر الحضور الكريم على تلبية الدعوة ومشاركتنا هذه الأمسية الفكرية عن الاعتقال السياسي بالمغرب.


عنوان مداخلتي هو: الاعتقال السياسي إفلاس فكري وفشل سياسي


لن أدخل في جدلية تعريف من هو المعتقل السياسي وسأكتفي بالقول أن المعتقل السياسي هو كل من جرى الحد من حريته لأنه آمن بأفكار وآراء سياسية وعبر عنها. ولِكَوْن أن الدولة لن تعتقل من يوافقها الفكر والسياسة فإن المعتقل السياسي هو كل من اعتقل لأنه يكافح أو يعارض الدولة سياسيا.


والاعتقال السياسي هو أسلوب من أساليب الضبط تستعمله الأنظمة لإجهاض كل عمل فكري وسياسي معارض لها وللحد من انتشاره والتمكين له في المجتمع، بغية الحفاظ على سيادتها السياسية. ويصاحب الاعتقال السياسي أعمال غير شريفة كالاختطاف والتعذيب والاعتقال التعسفي والمحاكمات الصورية الجاهزة وغير هذا الكثير...


والدولة تزج بالمعارضين السياسيين في السجون للحد من نشاطهم أو لفصلهم عن الناس وعن أتباعهم أو لكسر إرادتهم وثنيهم عن نضالهم أو لتخويف الناس من السير معهم.


ولما كان التاريخ يشهد على أن مواجهة الأفكار بالبطش والقمع والسجن لم يكن أبدا ليقضي عليها، خاصة إذا كانت هذه الأفكار قناعات راسخة عند أهلها. فلا الألم الجسدي في التعذيب ولا الوجع النفسي في السجن يغير القناعات، وإنما الذي يغير القناعات هي أفكار أخرى تقتنع بها عوض الأفكار الأولى لديك. وهذا هو النهج الذي كان على الأنظمة أن تسلكه، وهو نهج المصارعة بين الأفكار ليثبت الفكر الصحيح ويضمحل الفكر الخاطئ، لكنها اختارت خنق التفكير ومحاربة الأفكار وأهلها.


لقد تساءلت مرارا وتكرارا في قرارة نفسي عن السبب الذي يجعل هذه الأنظمة تفضل الاعتقالات السياسية بدل الصراع الفكري فوجدت أن لهذا سببين: إفلاساً فكرياً وفشلاً سياسياً، فالأنظمة التي تمتلك التعليم والإعلام وتخشى من فكرة فتحارب صاحبها وتلقي به في غياهب السجون إنما تقدم الدليل القاطع على إفلاسها الفكري وعجزها عن إقناع الناس بسلطانها بما تحمل من أفكار ومفاهيم وقناعات. والأنظمة التي تهاب سياسيا معارضا أعزلا فترمي به في السجن إنما تقدم الحجة على فشلها السياسي فلو كانت ناجحة سياسيا وأحسنت رعاية مصالح وشؤون الأمة داخليا وخارجيا وحققت الرفاه والهناءة للناس لما وجدنا من يُلقي سمعه لأي معارضة ولماتت المعارضة موتا سياسيا طبيعيا.


فالأنظمة مفصولة عن شعوبها فلا هي أقنعتها بالمبدأ الرأسمالي الذي تطبقه عليها، ولا هي أحسنت رعايتها بهذا المبدأ، لهذا فهي تخشى شعوبها وتضرب بيد من حديد كل من يعمل على تثقيف الأمة فكريا ومحاسبة الدولة سياسيا حتى لا تنقاد له الأمة.


وإنا في حزب التحرير نعتقد أن الرأسمالية مبدأ خاطئ وقد أفلست فكريا وسياسيا وأزماتها السياسية والاقتصادية تترى وشعوبها تتدمر وتتمرد ومفكريها باتت أبحاثهم تتناول ما بعد الديمقراطية والحداثة "post modernismـ¨ post democracy.


وإنا نعتقد أن الإسلام هو المبدأ الحق الذي يعطي التفسير الحق للوجود ويقدم المعالجات الصحيحة لمشاكل الحياة.


لهذا درسنا الإسلام دراسة عميقة واستنبطنا من الإسلام الحلول الشرعية التفصيلية لمشاكل حياتنا المعاصرة كلها، وطرحنا بديلا حضاريا عن الرأسمالية والاشتراكية ومنها الشيوعية بعد أن قمنا بدراسة عميقة لكل منهما وقمنا بنقد ونقض أسسهما الفكرية وأثبتنا فسادهما بالحجة والبرهان وأنهما لا يرقيان للنهوض بأية أمة النهضة الصحيحة، فضلا عن أمتنا الإسلامية العريقة. كما أثبتنا فساد اتخاذ الأفكار الفرعية من مثل القومية والوطنية أساسا للنهضة، وعليه بات الإسلام هو المعول عليه لإحداث نهضة صحيحة لهذه الأمة ولا فكر سواه.


وعليه حددنا طريق نهضتنا باستئناف حياتنا الإسلامية وذلك بوضع الإسلام موضع التطبيق عبر كيانه السياسي أي دولته "الخلافة".


أما الإجراء العملي لتحقيق ذلك والوصول إليه فهو عمل جماعي جاد في الأمة ومعها، أي عمل حزبي امتثالا لقول المولى جل وعلا: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". وتأسيا بإمامنا وقدوتنا وأسوتنا أحمد المصطفى صلى الله عليه وسلم.


هذا هو عملنا في حزب التحرير حمل الدعوة الإسلامية بلسان صادق يوضح المفاهيم الصحيحة، ويكشف زيف الآراء المُضَلِّلة ويصارع حضارة الغرب فكريا ببيان زيفها وبطلانها ويتصدى لسوء الرعاية كفاحا سياسيا ويكشف مخططات الغرب الكافر وأذنابه لتأبيد انحطاطنا واستغلالنا ويطرح الإسلام بديلا حضاريا: عقيدة تفسر الوجود منشأ وغاية ومصيرا وأنظمة للحياة تعالج كل مشاكلها على مستوى الفرد والمجتمع والدولة.


عملنا أن نحمل مبدأ الإسلام العظيم لأمتنا حملا سياسيا لتتبناه وتعمل به وتحمله وتضعه موضع التطبيق. وأداتنا في ذلك القلم واللسان.


فعملنا عمل سياسي وطريقنا طريق سياسي والحزب لا يتبنى الأعمال المادية المسلحة لتحقيق غايته.


تلكم هي قضيتنا في حزب التحرير وهذا هو جرمي أيها الحضور الكريم.

 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع