الطريق إلى غزة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وعظيمنا وقائدنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمداً رسول الله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة، وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه وآله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد.
يقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الانعام (153). قال الإمام القرطبي:عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطا، وخط خطين عن يمينه، وخط خطين عن يساره، ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال: (هذا سبيل الله - ثم تلا هذه الآية " وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتعبوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ". هذه السبل تعم اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر أهل الملل وأهل البدع والضلالات من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام. هذه كلها عرضة للزلل، ومظنة لسوء المعتقد. قال عبد الله بن مسعود: تعلموا العلم قبل أن يقبض، وقبضه أن يذهب أهله، ألا وإياكم والتنطع والتعمق والبدع، وعليكم بالعتيق. قال مجاهد في قوله: " ولا تتبعوا السبل " قال: البدع.قال ابن شهاب: وهذا كقوله تعالى: " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا " الآية.فالهرب الهرب، والنجاة النجاة ! والتمسك بالطريق المستقيم والسنن القويم، الذي سلكه السلف الصالح، وفيه المتجر الرابح.روى الأئمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أمرتكم به فخذوه وما نهيتكم عنه فانتهوا».
كثرت التساؤلات من قبل الكثير من أبناء المسلمين في ظل العدوان الغاشم الذي تقوم به دولة يهود تجاه أهل غزة، يقول السائلون حين يذكرون أن الحل الصحيح هو الجهاد، كيف لنا أن نصل إلى غزة لنجاهد مع إخواننا والحدود مغلقة من قبل الحكام ماذا نفعل ونحن لا نملك شيئاً غير رفع الأكف بالدعاء والتبرع بالمال أو الدواء أوالغذاء أوالدماء...؟؟
بناءً على هذه التساؤلات كان لا بد لنا أن نبين الطريق الصحيح الذي من خلاله نتمكن من القيام بالواجب الشرعي والذي هو الجهاد في سبيل الله.
إن الطريق الصحيح لا تؤخذ خارطته من الأمم المتحدة ولا من مجلس الأمن ولا الجامعة العربية ولا من القمم التي يعقدها الحكام المتواطئون مع الكفار، وإنما يؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به) هذا الحديث يرشدنا بأن أول خطوة نحو القتال هي إيجاد الإمام وإنه هو الذي يجيّش الجيوش ويحمي الثغور ويمنع عن الأمة الشرور. وقد يقول قائل: إن المسلمين اليوم لهم أكثر من خمسين حاكماً فماذا قدموا لأمتهم؟ لمثل هذا نقول إن الإمام الذي نتحدث عنه والذي تتحدث عنه النصوص هو إمام للمسلمين وليس إماماً للسودانيين أو المصريين ... ألخ. وحتى لو افترضنا أنهم أئمة للمسلمين فإن الطريق إلى القتال يمر عبر قصورهم يزيلوها إذا وقفت حائلاً دون المسلمين والقتال لنصرة إخوانهم.
أيها المسلمون:
إن هذا الطريق الذي نتحدث عنه ليس طريقاً جديداً غير مطروق من قبل، فقد سار فيه أسلافكم الصالحون من قبل، فصلاح الدين الأيوبي رحمه الله حينما أراد أن يسير بالجيش لتحرير فلسطين من دنس الصليبيين سلك هذا الطريق الشرعي، فتحرك بالجيش من سوريا إلى مصر ولم يذهب على فلسطين بالرغم من انها أقرب إليه من مصر، ولكن لما كانت مصر هي التي شقت عصا المسلمين بالدولة الفاطمية مما أدى إلى إضعاف المسلمين كما هو حاصل اليوم، من الدويلات القائمة في بلاد المسلمين، كان لا بد أن يمر بها الجيش ليقضي عليها قبل أن يذهب إلى فلسطين وهذا ما حدث، إذ انه قضى على الدولة الفاطمية وضم مصر إلى الخلافة، ثم تحرك الجيش إلى فلسطين فكان التحرير الكامل. وهذا ما يجب أن يحصل اليوم.
أيها المسلمون:
إنكم اليوم لقادرون على إعادة سيرة صلاح الدين الأيوبي، فقط إذا أزلتم الغشاوة عن أعينكم، والران من قلوبكم وقطعتم حبال الكفر المتمثلة في الروابط القومية والوطنية والقبلية، واعتصمتم بحبل الله المتين؛ الإسلام الذي صنع أسلافكم الصالحين، أمثال صلاح الدين وسيف الدين قطز والظاهر بيبرس ومحمد الفاتح، ومن قبلهم المعتصم وهارون الرشيد وغيرهم كثيرون سطر التاريخ أسماءهم باحرف من نور. إن صلاح الدين لم يكن حاكماً او وزيراً أو أميراً إنما كان مسلماً لديه الغيرة على دينه وطامعاً في نوال رضوان ربه، وهذا أبلغ رد للذين يقولون لا نملك شيئاً.
استغفر الله العظيم لي ولكم من سائر الذنوب، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام علي الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجباء، أما بعد.
أيها الأحبة الكرام: إننا نملك الكثير، فالله عز وجل أمرنا بالعمل وبيده سبحانه النتائج، فنحن نرى الآن أن المخطط اليهودي كان باتفاق مع رئيس المخابرات المصري بالقضاء على المقاومة تماماً في فلسطين خلال ثلاثة أيام، وهذا هو اليوم الواحد والعشرون وأهل غزة صامدون. فكتيبة واحدة نظامية تستطيع ان تقلب نتيجة المعركة رأساً على عقب، فاليهود هم أجبن خلق الله، قال تعالى: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96))، ولنا عبرة فيما فعله أبطال معركة الكرامة!! فبعد حرب 67 تبختر يهود بعد نتيجة المعركة، فعمدوا للقضاء على قرية الكرامة التي كانت تساند المجاهدين، فطلبوا من الملك حسين ملك الأردن حينها أن يحبس جيشه من التدخل في القتال، وبالفعل جمع اليهود أسلحتهم وعتادهم وبدأوا بالهجوم على قرية الكرامة، فأخذت أقرب كتيبة أردنية من القرية في الغليان والقائد تحجج بعدم صدور الأوامر، فقام شباب في هذه الكتيبة بالتخطيط لنصرة إخوانهم، فحبسوا القائد في مكتبه، وأطلقت رصاصة واحدة وتحركت الكتيبة ناصرةً لقرية الكرامة فأذاقوا اليهود الويل والثبور. فهذا عمل بسيط قام به بعض أبناء المسلمين وكذا النصر يأتي دوماً، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)) وقال: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)) . اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً واغفر لنا خطأنا وتقصيرنا.