يوميات حامل دعوة في رمضان
- نشر في ثقافية
- قيم الموضوع
- قراءة: 1417 مرات
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ
جاء في فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قَوْله ( لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا
أَيْ شَرَفهَا, وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ الشَّرِيف النَّسِيب يُسْتَحَبّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّج نَسِيبَة إِلَّا إِنْ تَعَارَضَ نَسِيبَة غَيْر دَيِّنَة وَغَيْر نَسِيبَة دَيِّنَة فَتُقَدَّم ذَات الدِّين , وَهَكَذَا فِي كُلّ الصِّفَات
قَوْله ( وَجَمَالهَا
يُؤْخَذ مِنْهُ اِسْتِحْبَاب تَزَوُّج الْجَمِيلَة إِلَّا إِنْ تُعَارِض الْجَمِيلَةُ الْغَيْرَ دَيِّنَة وَالْغَيْرُ جَمِيلَة الدِّينَةَ , نَعَمْ لَوْ تَسَاوَتَا فِي الدِّين فَالْجَمِيلَة أَوْلَى , وَيَلْتَحِق بِالْحَسَنَةِ الذَّات الْحَسَنَة الصِّفَات , وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُون خَفِيفَة الصَّدَاق
قَوْله ( فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّين
وَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو عِنْد اِبْن مَاجَهْ رَفَعَهُ لَا تَزَوَّجُوا النِّسَاء لِحُسْنِهِنَّ فَعَسَى حُسْنهنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ - أَيْ يُهْلِكهُنَّ - وَلَا تَزَوَّجُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ فَعَسَى أَمْوَالهنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ , وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّين , وَلَأَمَة سَوْدَاء ذَات دِين أَفْضَل " .
قَوْله ( تَرِبَتْ يَدَاك
أَيْ لَصِقَتَا بِالتُّرَابِ وَهِيَ كِنَايَة عَنْ الْفَقْر وَهُوَ خَبَر بِمَعْنَى الدُّعَاء , لَكِنْ لَا يُرَاد بِهِ حَقِيقَته. وقَالَ الْقُرْطُبِيّ : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ الْخِصَال الْأَرْبَع هِيَ الَّتِي يُرْغَب فِي نِكَاح الْمَرْأَة لِأَجْلِهَا , فَهُوَ خَبَر عَمَّا فِي الْوُجُود مِنْ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ وَقَعَ الْأَمْر بِذَلِكَ بَلْ ظَاهِره إِبَاحَة النِّكَاح لِقَصْدِ كُلّ مِنْ ذَلِكَ لَكِنَّ قَصْدَ الدِّين أَوْلَى , قَالَ وَلَا يُظَنّ مِنْ هَذَا الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ الْأَرْبَع تُؤْخَذ مِنْهَا الْكَفَاءَة أَيْ تَنْحَصِر فِيهَا , فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَد فِيمَا عَلِمْت وَإِنْ كَانُوا اِخْتَلَفُوا فِي الْكَفَاءَة مَا هِيَ .
يَشْغَلُ موضوعُ الزواجِ أذهانَ العديدِ منَ الشبابِ المسلمِ، ويُلاحَظُ أحياناً عَدَمُ صَفَاءِ مفهومِ الزواجِ لديهم. وهذا عائدٌ إلى التأثُّرِ بالمفاهيمِ الغربيةِ الرأسماليةِ، منْ حيثُ ندريْ أو لا ندريْ.
فمِنَ الأفكارِ الدَّخِليةِ فكرةُ تكوينِ النفسِ. فتجدُ الشابَّ وَصَلَ عُمْرُهُ ثلاثينَ سنةً، وتسألُهُ لِمَ لَمْ تتزوجْ بَعْدُ؟ فيقولُ:
أريدُ أنْ أكوِّنَ نفسي!!!!!
فينسَى أنَّ خالقَهُ الذيْ خَلَقَهُ مِنَ العَدَمِ قَدْ قَدَّرَ لَهُ رِزْقَهُ وًأًجًلًهٌ وًمًا سًيٌصٍيبُهُ إلى أنْ تَفِيْضَ رُوْحُهُ إلى بارِئِها
ويَنسَى قولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ
وينسى قولَهُ تعالى (إنْ يَكونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ واللهُ واسِعٌ عليمٌ)
وينسى الحالاتِ اليوميةَ الملموسةَ التي لا حَصْرَ لها والتي تُبَيِّنُ أنَّ بالزواجِ يزدادُ الرزقُ، لا العَكْس.
ومن الأفكارِ الدَّخِيلةِ أيضاً فِكرةُ أنَّ على الزوجِ البحثَ عنْ حسناءَ منَ الحسناواتِ، ولو على حِسابِ الدِّيْنِ، لِتُحَصِّنَهُ مِنَ المحيطِ السَّيِّئِ الذيْ كَثُرَ اليومَ فيه الإغراءُ والفِتَنُ.
فينسى بأنه إنْ تَزَوَّجَ مِنْ أَجْمَلِ جميلاتِ العالَمِ، فَسَيُصْبِحُ جَمَالُهَا في نَظَرِهِ، بَعْدَ أنْ يَأْلَفَ جَمَالَهَا لأسابيعَ، لا يُمَيِّزُهُ شَيْءٌ!
وينسى بأن هذا الْجَمالَ لا يَدُومُ طويلاً، وأنَّ السِّنِينَ ستأكُلُ منه كَمَا تأكُلُ مِنَ الرجُلِ.
وينسى بأنَّ الْجَمالَ لا يُوَظَّفُ من اليومِ إلا قليلاً، ويبقى طوالَ اليوم يتعاملُ معَ شخصيةٍ مكونةٍ من عقليةٍ ونفسيةٍ.
فعلى الشبابِ أنْ يَزِنُوْا الأمورَ بميزانٍ شَرْعِيٍّ نَقِيٍّ لا شَوائِبَ فيه، فَيُقْدِمُوا على الزواجِ دُوْنَ تَرَدُّدٍ باحثينَ أولاً وأخيراً عن ذاتِ الدينِ.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يروي عن ربه عز وجل:" إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك في كتابه فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هو هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة" رواه البخاري ومسلم
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" يقول الله عز وجل: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة وإن أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها اكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة"
رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري