الثلاثاء، 22 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الهجوم على مسجد في كويبك: الثبات والتمسك في زمن الخوف

 

 

وقع هجوم مسلح في يوم الأحد التاسع والعشرين من كانون الثاني/يناير على المركز الثقافي الإسلامي في كويبك، مما أسفر عن مقتل ستة مسلمين، وإصابة خمسة بجروح حرجة، وإصابة اثني عشر مسلما آخر بجروح طفيفة.

 

تمت إدانة الكسندر بيسونيت من سكان مدينة كويبك بخمس تهم قتل من الدرجة الأولى، جراء قيامه بإطلاق النار في المسجد.

 

بناء على تقارير إعلامية، فإن المتهم قام بالتهجم بشكل مفتوح على "لاجئين، وأنه قام بذلك من باب دعمه لسياسات الآنسة ليبان، والسيد ترامب" على صفحات وسائل التواصل الإلكتروني (ليبان تقود حزبا فرنسيا أحد أهم توجهاته عداء الإسلام والمسلمين).

 

إنا لله وإنا إليه راجعون. نعبر عن خالص تعازينا لأسر الضحايا من الإخوة الستة الذين قتلوا بلا رحمة خلال هذا الهجوم السافر، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يلهم أهلهم الصبر والسلوان وحسن العزاء، وأن يجيرهم في مصيبتهم، وأن يتقبل القتلى ويهبهم أجر الشهداء يوم القيامة، حيث إن جرمهم الوحيد الذي قتلوا لأجله هو تقربهم إلى الله تعالى بإقامة الصلاة في المسجد، ونسأل الله العظيم القادر بأن يشفي الجرحى، شفاء تاما لا يغادر سقما، وأن يأجرهم، ويغفر لهم.

 

في وقت الخوف، فإننا نود أن نستغل المناسبة لتذكير أنفسنا وأمتنا بأن الله تعالى وحده هو القادر على أن يهب الأمن والأمان، حيث يقول سبحانه وتعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: 78]

 

لا يجوز بحال أن ندع الخوف على أمننا وعلى أمن من نحب أن يقودنا إلى نسيان أن الموت يأتينا حين يأتي موعد الأجل المحتوم الذي قدره الله تعالى، وأن علينا أن نتوكل على الله تعالى الذي وحده يملك أسباب الموت والحياة، والذي إليه مرجعنا ومعادنا.

 

بتفحص أعمال القاتل المجرم، فإننا شديدو الغضب على ما تم من جريمة، وفي الوقت ذاته علينا أن نتساءل: لم بلغ الحقد والكراهية بهذا الشخص هذا المبلغ؟ لماذا يكره الإسلام والمسلمين لهذا الحد؟

 

وعلى الرغم من أن البعض حاول أن يربط أعماله "بالسياسات التطرفية" جراء زيارة ليبان لكندا في شهر آذار/مارس من العام الماضي، والحقيقة أن سياسات الطبقة السياسية في كويبك ساهمت في تأجيج المشاعر العدائية للإسلام في كويبك منذ أمد بعيد،

 

ففي آذار/مارس صدر عن مقاطعة كويبك القانون 94 الموجه ضد المسلمين والذي يجبر المرأة على خلع نقابها، وقام الرئيس الليبرالي لمقاطعة كويبك جن شاري بإعلانه "كلمتان: الوجه غير مغطى".

 

في 2013 قام الحزب الكوبيكوا بمحاولة حظر الحجاب من لائحة الحقوق، وحيث إن هذا الحظر من ناحية رسمية ينال كافة الأديان، إلا أنه بشكل أساسي موجه ضد المسلمات.

 

في تلك الفترة تأججت موجة العداء السافر من قبل تلك المجموعات المتعصبة من المجتمع تجاه الإسلام.

 

لذلك فإنه وإن كان هذا الهجوم اليوم صادما، فإنه غير مفاجئ في ظل الأجواء العابقة بالكراهية التي تمخضت وأنجبت ورعت تلك السياسات الانتهازية.

 

السياسيون في كندا وأوروبا والولايات المتحدة وبشكل متزايد يسعون لحشد الدعم من قبل الطوائف العنصرية وأولئك الكارهين للأجانب في المجتمع، رأينا شواهد على ذلك من قبل الحزب المحافظ في كندا الذي قام بمهاجمة النقاب والمسلمين بشكل أعم، ورأينا ارتفاع هذه الموجة في ظل صعود ترامب الذي قام بالوعد وأنجز وعده في حظر المسلمين، بدءا من مسلمين من بلاد معينة، وفي يوم السبت الماضي وقبل الهجوم في كويبك بيوم واحد فقط، قام متعصبون بإحراق مسجد في فيكتوريا تكساس، وفي أوروبا رأينا دعوات لحظر الحجاب، والنقاب وحتى القرآن نفسه!

 

لماذا يحدث كل هذا؟

 

في ظل انهيار الاقتصاد الرأسمالي، وفشله في رعاية شئون الجماهير الغفيرة، فإن على الطبقة السياسية في الرأسماليات الغربية إما أن يرتقوا للحدث ويقوموا بإحداث تغييرات سياسية تحد من معاناة الناس، أو أنهم بعكس ذلك، يمكنهم أن يدفعوا بسياسات رخيصة تقوم بتقديم المسلمين وغيرهم من الأقليات كبش فداء ليصرفوا أنظار الناس عن فشلهم في رعاية شئونهم ولصرف أنظارهم عن المشاكل الحقيقية التي سببها نظامهم الرأسمالي.

 

للأسف فإن الطبقة السياسية في الدول الغربية اختارت الخيار الثاني.

 

سياسة الخوف والكراهية التي تبنتها الطبقة السياسية في البلاد الرأسمالية تعطيهم أيضا رخصة الهجوم على العالم الإسلامي والتدخل في شئون المسلمين، ليقوموا بنهب خيرات العالم الإسلامي ودعم اقتصادياتهم ومصالحهم، لذلك أدت هذه السياسة إلى هدم بلدان بأكملها كمثال العراق.

 

أما واجب المسلمين في كل مكان فهو أن لا يستسلموا للضغوطات الهائلة التي تطلب منهم التنازل عن دينهم، أو بعضه، بل عليهم أن يثبتوا وتقوى عزائمهم، وتوكلهم على الله تعالى، وأن يتسلحوا بالثبات، والعزيمة في وجه هذه الموجة من الكراهية والعنف ضدهم، وأن يستمروا بالدعوة للحل الحقيقي والصحيح للإنسانية جمعاء، رحمة الله المهداة للناس والاهتداء بالأنظمة التي أنزلها الله تعالى في القرآن وفي السنة المشرفة،

 

نسأل الله تعالى أن يثبتنا على الحق، وأن يحمينا وأهلينا والمسلمين أجمعين، وأن يبقينا حراسا ثابتين على الدين والحق.

 

 

                                                            

التاريخ الهجري :6 من جمادى الأولى 1438هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 03 شباط/فبراير 2017م

حزب التحرير
كندا

1 تعليق

  • omraya
    omraya الإثنين، 06 شباط/فبراير 2017م 15:07 تعليق

    جزاكم الله خيرا و بارك جهودكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع