الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مـجـلـس الـوزراء يبتدع للمسلمين عيداً جديداً من ذا الذي نصّب الحكومة اللبنانية وصيّة على دين الناس وشعائرهم ؟!  

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

النص الكــامل للكــــلمة الــتي ألقاها، رئيــس المكــــتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية لبنان، أحمد القصص

في بيروت، في الثلاثين من ربيع الأول 1431 الموافق 16/03/2010،

 

أصدر مجلس الوزراء في جلسته التي انعقدت في 18 شباط الماضي قراراً "باعتبار يوم 25 من شهر آذار عيداً وطنياً ويوم عطلة رسمية يعيّد اللبنانيون فيه، مسلمين ومسيحيين، ببشارة السيدة العذراء".
ومعلوم أن عيد البشارة هو أول الأعياد من حيث الترتيب لدى الكنائس النصرانية، ويسمونه رأس الأعياد أو نبع الأعياد أو أصل الأعياد.
وكان رئيس مجلس النواب دعا من قبل إلى إنشاء كتاب موحد للتعليم الديني تلزم به المدارس الرسمية والخاصة، يدرس فيه أبناء المسلمين والنصارى معاً ثقافة تجمع الديانتين الإسلامية والنصرانية.
إننا نرى في هذه الإجراءات والمقترحات بوادر خطرة لم نشهد لها مثيلاً في الماضي. والأخطر أنه لم يَنْأَ أحد من الأطراف السياسية الضالعة في السلطة بنفسه عن هذه الإجراءات، بما فيها تلك التي تتسمى بأسماء إسلامية. فجميع تلك الأطراف ممثلة في الحكومة التي شارك جميع وزرائها بقرار استحداث عيد (ديني) جديد للمسلمين، إذ لم يعترض ولم يتحفّظ عليه أي من الوزراء.
وبناء عليه نفصّل موقفنا الإسلامي من هذه القرارات والمقترحات:
- لقد تجاوز مجلس الوزراء حدوده وتخطّى صلاحياته واقتحم أمراً ما كان ينبغي له أن يقترب منه مجرّد اقتراب. إذ إن الإسلام لا يعرف سلطة دينية (روحية أو كهنوتية) تزعم حق استحداث شعائر جديدة للمسلمين. وإنما السلطة في الإسلام هي سلطة سياسية فقط، ترعى شؤون الناس بالشريعة الإسلامية التي جاءت مفَصّلة في نصوص الوحي، أي في القرآن والسنة، دون أن يكون لها أي حق في استحداث تعاليم أو شعائر جديدة. وبناء عليه نطرح على مجلس الوزراء السؤال التالي:
إذا كان الإسلام جعل الدولة الإسلامية مجرّد كيان تنفيذي لتطبيق الإسلام ورعاية شؤون الناس به دون أن يكون لها الحق في استحداث شعائر جديدة، فمن ذا الذي أعطاكم الحق -وأنتم حكّام علمانيون تفصلون الدين عن الدولة والسياسة والتشريع- بأن تستحدثوا للناس شعيرة جديدة يحتفلون بها؟! ومن ذا الذي فوّضكم الوصاية على دين الناس وعباداتهم وشعائرهم؟!
- لقد اتُخذ هذا القرار في سياق مساعي ما يسمّى باللجنة الوطنية للحوار الإسلامي المسيحي. ثم كان من مقررات مجلس الوزراء المنعقد في 24 شباط الماضي تشكيل لجنة وزارية "مهمتها إعداد البرامج والنشاطات التي من شأنها أن تبرز وتحيي القيم والمفاهيمالمشتركة بين الأديان لمناسبة عيد بشارة السيدة مريم العذراء". وفي هذا الصدد يهمنا أن نبين ما يلي:
إن الأصل في الحوار بين حَمَلة الأفكار والأديان المختلفة ليس البحث عن العناصر المشتركة فيما بينهم والوقوف عند هذا الحد، ليجامل بعضهم بعضاً وليقولوا للناس نحن متفقون على كثير من القضايا، بينما الحقيقة أنهم مختلفون في الأسس وفي القضايا الجوهرية. بل الأصل في هذه العلاقة أن يعرض كلّ منهم ما عنده من عقائد وأفكار ناصباً الأدلة والبراهين العقلية عليها توصّلاً إلى إثبات الحق والحقيقة. وعليه فإن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم من الناس، حرصاً عليهم وإخلاصاً لهم، أن يدعوهم جميعاً، دون أي شكل من أشكال الإكـــراه، إلــى الإســــلام بوصفه رســــالة الله الخاتمة للرســـالات الســابقة. وذلك مـــن خـــلال نصب الأدلة والبـراهيـن العقلية القاطعة الدالّة عــلى أن القرآن هو كــتاب الله وأن محمداً هو رسول الله. قال تعالى: )قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ( (الأعراف:158). وقال سبحانه: )وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ( (آل عمران:85). وهذا هو المعنى نفسه الذي دل عليه قوله تعالى: )قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ( (آل عمران:64).
وقد صرح بعض السياسيين والمعنيين بإحياء هذه المناسبة بأنها ستشهد احتفالات وشعائر مشتركة. ولقد شهدنا نموذجاً من هذه البدعة يوم الرابع عشر من شباط الفائت، حين وقف شاب وفتاة على منصة الاحتفال وراحا يترنمان معاً بالأذان والقداديس الكنسية في مشهد لم نعهده من قبل.
إن العقيدة الإســلامية تـحرّم عـلى المسلمين التسوية بين دينهم وأيّ من الأديان الأخـرى، إذ الدين الحق في اعتقاد المســلمين هو الإســلام دون غـيـره. قـال تعالى: )إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ(20)(. (آل عمران).
وإن خلط شعائر الإسلام بغيرها من الشعائر من أي دين كان هو بدعة خَطِرَة لم يجرؤ عليها في التاريخ الإسلامي لا حاكم مسلم ولا عالم شريعة. وليس من حق بشر في الدنيا أن يزيل الخطوط الفاصلة التي تميز الإسلام مما سواه من الأديان. قال تعالى: )وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ( (البقرة:42). ولقد نأى القرآن الكريم بالإسلام عن سائر الأديان، فقال تعالى: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(.(الكافرون:6). وجعل شريعة الإسلام ناسخة لشرائع الأنبياء السابقين، فقال سبحانه:)وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِمِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَاللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّجَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْأُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُواالْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْفِيهِ تَخْتَلِفُونَ(.(المائدة:48).
- إن الذين روّجوا لاستحداث هذا العيد للمسلمين والذين قرّروه تذرّعوا بأنه يساهم في تعزيز العيش المشترك بين المسلمين والنصارى، ورداً عليهم نقول:
لقد أعطى الإسلام المثال الأعظم والأروع في تاريخ البشرية في التسامح مع غير المسلمين. فقد شرعت الشريعة الإسلامية اشتراك المسلمين وغيرهم من أهل الأديان بالعيش معاً في ظل نظام يرعى شؤون الإنسان من حيث هو إنسان، فلا يميّز في رعاية الشؤون بين مسلم وغير مسلم، مع حفظ خصوصيات أهل الأديان. فقد حرّم على المسلمين إكراه سائر الناس على اعتناق الإسلام. قال تعالى:)لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ( (البقرة:٢٥٦). وحرّم عليهم منع أهل الأديان من ممارسة شعائرهم، وترك لهم التزام أحكام أديانهم في الأحوال الشخصية والمطعومات والمشروبات، ولم يلزمهم ما ألزم به المسلمين في هذا المجال، فكان أهل الأديان يرعون معابدهم ويأكلون ويشربون ما تحرّمه الشريعة الإسلامية على المسلمين، طوال عهود الدولة الإسلامية. بل لقد ذهب الإسلام أبعد من ذلك فيما يتعلق بأهل الكتاب تحديداً، فأباح للمسلمين أن يأكلوا ذبائحهم دون ذبائح المشركين، وأن يتزوجوا من نسائهم دون نساء المشركين، ما يعني أنه فتح باب المصاهرة ليكون أناس من أهل الكتاب أخوالاً للمسلمين وأولي أرحامهم. وضرب المؤرخون الغربيون قبل المسلمين الأمثلة على التسامح الذي أبداه المسلمون والدولة الإسلامية والحضارة الإسلامية تجاه غير المسلمين.
لذلك فإننا في غنى عن بدع المبتدعين لإقناع المسلمين بالعيش جنباً إلى جنب مع غيرهم من أهل الأديان، ولا سيما أهل الكتاب منهم، بل إن القرآن العظيم الذي تأسـست عليه الحياة الإسلامية أرشد المسلمين إلى معاملة غيرهم من الناس الذين يسالمونهم ولا يعادونهم معاملة البِرِّ والقسط، فقال تعالى:)لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ(.(الممتحنة:8).
ولكن هذه السماحة شيء والموقف المبدئي العَقَديُّ شيء آخر، فلا يجوز أن تكون السماحة التي أبداها الإسلام في العلاقة مع غير المسلمين مدعاة إلى التفريط بخصوصية الإسلام، وإلى خلط عقائد الإسلام وشعائره بعقائد الأديان الأخرى وشعائرها. وبالتالي فإن هذه الجرأة بإلحاق المسلمين بعيد من أعياد الكنيسة لا تؤدي إلى تعزيز ما يسمى بالعيش المشترك ولا إلى درء العصبيات الطائفية، بل هي مدعاة إلى إثارة حفيظة المسلمين والنصارى في آن معاً، وهذا دون شك عكس المطلوب.
- لقد بُنيَ هذا القرار على زعم مفاده أنه "لما كانت السيدة مريم تمثل فكراً مشتركاً له قدسيته في الديانتين الإسلامية والمسيحية، كان من هذا المنطلق يعتبر عيد بشارة السيدة مريم عيداً وطنياً"، وهذا ما ورد في محضر جلسة مجلس الوزراء (18/02). وفي هذا الكلام منتهى الغرابة. ذلك أن الدين هو أبعد مدىً في الزمان والمكان من أن يكون أداة لتعزيز الولاء لكيان قطري عابر نتج عن اتفاقية سايكس-بيكو. وإن الدين يتخطى الحدود القطرية والوطنية والجغرافية والقومية. وإنه من الإساءة للدين أن تفصّل أحكامه وشعائره على قياس قطر أو قطعة من الأرض. وفيما يتعلق بالمسلمين على وجه الخصوص، فليست الأرض التي يعيشون عليها هي التي تحدد لهم ولاءهم وبراءهم، بل العقيدة الإسلامية هي التي حددت لهم الولاء والبراء قال تعالى: )إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ( (المائدة:55). لذلك فإن ولاء المسلمين يتخطى كل الحدود القطرية والقومية والجغرافية، ليشمل الأمة الإسلامية كلها. وعليه يرد السؤال التالي: كيف يكون للمسلمين في لبنان عيد ديني خاصٌّ بهم دون بقية المسلمين في العالم؟!
- وأما عن قولهم "إن السيدة مريم تمثل فكراً مشتركاً في الديانتين الإسلامية والمسيحية"، فهذا الكلام غير دقيق. فصحيح أن الإسلام رفع مكانة السيدة مريم وجعلها صدّيقة ومن المصطفين الأخيار، فقال تعالى:)إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ((آل عمران58)، ويكفيها مكانة وشرفاً أنها أم المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام، إلا أن نظرة الإسلام إلى السيدة مريم لا تتطابق مع نظرة الكنيسة إليها. إذ بينما هي في الكنيسة (أم الرب)، فإنها في الإســلام أم عبد الله ورســوله. قـال تعالى:)يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا((النساء:171).
- لقد قرر مجلس الوزراء هذا العيد بوصفه مناسبة دينية، ما يعني أنه قرر استحداث شعيرة دينية جديدة للمسلمين يحتفلون بها. وهذا ابتداع ما أنزل الله به من سلطان. فلقد اكتمل بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم دين الإسلام، ولا يحق لأحد بعده استحداث أية شعيرة، قـال تعالى:)الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا( (المائدة:٣). وبالتالي فإنه ليس من حق أحد أن يستحدث أية مناسبة أو شعيرة دينية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذا مَا لَيْسَ مِنْه فَهُوَ رَدّ» (رواه البخاري ومسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكُم ومُحْدَثاتِ الأُمُورِ فَإنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدعَةٍ ضَلالَةٍ» (رواه ابن حبان). وفيما يتعلق بالأعياد على وجه الخصوص، فإن الله تعالى شرع للمسلمين عيدين لا ثالث لهما، هما عيد الفطر وعيد الأضحى.فعن أنس قال: "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ": «قَدْ أَبْدَلَكُمْ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ»(أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ).فلا يجوز استحداث أي عيد غيرهما، حتى ولو كان هذا العيد مستمداً من مناسبات إسلامية، ومن باب أولى أن يحرم على المسلمين استحداث أعياد مستوحاة من أديان أخرى.
- لقد وردت في القرآن قصة بشرى الصديقة مريم عليها السلام بكلمة الله المسيح عيسى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:)إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍمِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَاوَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ((آل عمران:45). إلا أنه لم يقترن بهذه البشرى في الشرع أي احتفال أو شعيرة. وإنما الاحتفال بهذه المناسبة هو شعيرة تحييها الكنيسة وطوائف النصارى منذ قرون. لذلك فإن دعوة المسلمين إلى الاحتفال بهذه المناسبة تعني أن يلتحقوا بالنصارى في شعائرهم. وهذا فعل محرم تحريماً مبتوتاً في الإسلام. ففي التحذير من اتباع سنن غير المسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ» قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ: «فَمَنْ؟!»(رواه البخاري). وحين رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيفة من التوراة غضب وقال له: «أَمُتَهَوِّكُونَ (متحيرون) فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لاَ تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَىْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَّبِعَنِي» (رواه أحمد).
لذلك فإننا نتوجه بالنصيحة الخالصة المخلصة لكل من ينوي المشاركة في هذه الشعائر والاحتفالات من المسلمين أن يراجع نفسه ويؤوب إلى جادة الصواب.
- مما يطمئن في ملابسات صدور هذا القرار أنه صدر دون إقرار أو مباركة من أية شخصية أو هيئة من علماء الشريعة. إلا أن هذا الموقف السلبي غير كاف ولا مبرئ للذمة. فإن مسؤولية العلماء أعظم من مسؤولية عامة المسلمين، وتتخطى إنكار المنكر بالقلب. فالعلماء ورثة الأنبياء كما أخبر عليه الصلاة والسلام. وكلمة العالم أعظم تأثيراً في نفوس المؤمنين. فلماذا لم نسمع من هيئات العلماء على اختلاف مدارسها ومذاهبها ومواقعها، قولاً في هذه الجرأة على الدين؟!
علماءنا الكرام: كفى بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصحاً ومرشداً، فخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه نختم.
قال عليه الصلاة والسلام: «أَلا لا يَمْنَعنَّ أحدَكُم رَهْبةُ النّاسِ أّن يَقولَ بِحقٍّ إذا رآه أَو شَهِدَه، فَإنَّه لا يُقرِّبُ مِن أَجلٍ، ولا يُبَاعدُ مِن رزقٍ أَن يَقولَ بِحقٍ أو يُذكِّرَ بعظيمٍ». (رواه أحمد)

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع