المكتب الإعــلامي
ولاية مصر
التاريخ الهجري | 14 من جمادى الثانية 1444هـ | رقم الإصدار: 1444 / 07 |
التاريخ الميلادي | السبت, 07 كانون الثاني/يناير 2023 م |
بيان صحفي
أزمة مصر الاقتصادية هي في الواقع أزمة نظام
فهو أسّ الداء ومكمن البلاء
فقرٌ مدقع، بطالة مقنعة، فوضى سياسية واقتصادية، غنى فاحش لفئة قليلة على حساب غالبية الناس، هبوط غير مسبوق في قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، أكل مدخرات الناس، انحدار قوي في مستوى المعيشة، زيادة مطّردة في الدَّين العام، ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، تفريط في الموارد الاقتصادية والاستراتيجية لصالح أعداء الأمة... واقعٌ تعيشه مصر هذه الأيام، فقد تفاقمت الأزمة الاقتصادية في السنوات الماضية بعد أن استولى الجيش على الحكم والسلطة، مع أن السبب المعلن لانقلاب الجيش على محمد مرسي هو حفظ البلاد من الانهيار ومنع بيع مقدراتها لقطر!
الغريب أنه لا توجد حلول حقيقية يطرحها النظام للخروج من الأزمة، وما يقدمه هي سياسات فاسدة، مثل الاقتراض من صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين أغرقا مصر في مستنقع الديون المتراكمة والربا المضاعف منذ سبعينات القرن الماضي، فتلك القروض تمنحها هاتان المؤسستان الدوليتان الاستعماريتان تحت شروط قاسية، ترهن الاقتصاد المصري لإرادة الدول الاستعمارية وأطماعها، ولم تؤدِّ هذه الشروط يوماً في أي بلد إلى نهضة اقتصادية حقيقية، بل أدّت إلى زيادة الضرائب، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، بما يسمّونه في قواميسهم "ترشيد الإنفاق" ليزداد الناس فقراً على فقر.
يصر النظام المصري على الدوران في حلقة الديون المفرغة، فيسد الديون الربوية بديون جديدة، وقد وافق صندوق النقد الدولي مؤخرا على منح قرض جديد قيمته 3 مليارات دولار يُسدّد على 46 شهراً، لتصبح مصر ثاني أكبر دولة مدينة للصندوق بعد الأرجنتين. كما رفع البنك المركزي المصري معدلاتِ الربا بمقدار 300 نقطة أساس (3%)، مُدّعياً أن هذا هو السبيل الوحيد لكبح جماح تدهور الجنيه المصري، ومن ثم وقْف تزايد نسبة التضخم الذي وصل إلى 19%، ووفقاً لتقرير البنك المركزي المصري لشهر أيلول/سبتمبر 2022م، فقد وصل حجم الدين الخارجي للبلاد إلى نحو 157.8 مليار دولار، وهو ما يعني زيادته بنحو 5 أضعاف مقارنة بالعشرة أعوام الماضية، حيث بلغ في نهاية عام 2012م نحو 34.4 مليار دولار.
إن محاولة النظام البائسة للخروج من هذا النفق المظلم بالاقتراض ورفع نسبة الربا وبيع أصول الدولة، لن تُجدِي نفعاً، فكلها حلولٌ مأخوذة من النظام الرأسمالي الذي هو أُسّ البلاء، فهذا النظام بآلياته وقوانينه وحريته المالية يترك العنان لإبداعات الرأسماليين والمضاربين الشيطانية لاحتكار مزيد من الأموال وتضخيم ثرواتهم على حساب عامة الناس.
إذن السبب في فشل كل هذه الحلول والخطط في إنعاش الاقتصاد والتغلب على الأزمة هو كونها مأخوذة من هذا النظام الذي أوجد هذه الأزمة وتسببّ فيها، فالمستجير به كالمستجير من الرمضاء بالنار، وقد شكّك مفكرو الغرب وكبار الرأسماليين أنفسهم في نجاعة الحلول المطروحة، واعترفوا بأن هذه الحلول - إن نجحت - ستساهم في تأجيل الانهيار فحسب، أما أن تحلّ المشاكلَ حلاً جذرياً فهذا ما لن يكون.
إننا في حزب التحرير ندعو إلى حلّ الأزمة بالتغيير الجذري، فالحل لا يمكن أن يكون من داخل الدوامة الاقتصادية الرأسمالية التي أدّت إلى هذا التردي الفظيع في الاقتصاد، بل يجب كسر الجُدُر الفكرية التي أحطنا بها أنفسنا والبحث عن حلول من خارجها، وهذا حال كل مفكر وعالم يبحث عن حل حقيقي لأية مشكلة من المشاكل. إننا كحزب سياسي، يفهم الإسلام كمبدأ شامل للحياة تنبثق عنه جميع النظم التي تسيّر حياة الإنسان في هذه الدنيا تسييراً دقيقاً ومميزاً، ندعو البشرية كلها إلى دراسة الإسلام ونظامه الاقتصادي دراسة عميقة مستفيضة، لتلتمس عظمة الإسلام وعظمة الحلول التي يقدمها ودقّتها، وتدرك أنه هو النظام الأوحد الذي يمتلك الحلول الصحيحة لمشاكلها، وأنه لا منقذ لها ولا مغيث إلا بتطبيقه تطبيقاً شاملاً في كل شؤون الحياة.
إنه لمن المحزن حقاً أن نلجأ نحن المسلمين أصحاب هذا المبدأ الإلهي العظيم في حلّ مشاكلنا في أرض الكنانة إلى نُظم وضعية سقيمة، ثبت فشلها عند واضعيها قبل غيرهم، وحري بنا أن نعود إلى إسلامنا العظيم لنفهمه ونجعله الأساس لحل كل مشاكلنا، ويكفينا قول المولى تبارك وتعالى في كتابه: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، التقوى الحقيقية هي أن نتقي الله في كل ما نفعل، أي نلتزم أوامره عزّ وجل ونجتنب نواهيه في كل ما نقوم به من أعمال، ومنها كل المعاملات في المجالات الاقتصادية، فنلتزم في إبرام العقود والبيع والشراء وتأسيس الشركات، وكل الأعمال التجارية بأحكام الشرع كاملة، والشرع قد فصّل فيها التفصيل الكافي، ووضع شروطاً صارمة لكافة التعاملات التجارية. ومن الخطأ الفاحش الظنّ بأن النظام الاقتصادي في الإسلام هو نفسه النظام الرأسمالي لكن دون ربا، لأن الأسس التي يقوم عليها النظام الاقتصادي في الإسلام تختلف عن التي يقوم عليها النظام الرأسمالي كل الاختلاف، فهناك أنواع من الملكية تحدّدها طبيعة الشيء المَملوك، فيكون إما ملكية فردية أو ملكية عامة أو ملكية دولة، وهناك أعيان لا تجوز ملكيتها ملكية فردية البتة، لا لشركات ولا لأفراد (كآبار البترول والغاز والثروات الغزيرة في باطن الأرض)، وهذا التقسيم لا يعرفه النظام الرأسمالي، كما أنه لا حرية تملك في الإسلام، بل التملك محصور بالأسباب الخمسة التي حددها الشارع، بخلاف الرأسمالية التي أباحت التملك بأية وسيلة من الوسائل ما دام ليس فيها تعدٍّ على حقوق الآخرين، سواء عن طريق الربا أو القمار أو ممارسة الفاحشة أو ما شابهها، وفي مجال الشركات فقد حرّم الإسلام الشركات المالية البحتة كشركات المساهمة، التي يغيب عنها الإيجاب والقبول ويغيب عنها عنصر البدن، ونهى أن يبيع الإنسان ما لا يملك؛ بهذه القيود الشرعية وغيرها يقوم النظام الاقتصادي الإسلامي الذي ينتج حلولاً لكل المشاكل الاقتصادية في الدولة ضمن المنظومة الإسلامية الكاملة في الحكم والسياسة الخارجية ونظام التعليم والنظام الاجتماعي... الخ؛ ذلك أنه بنية متكاملة الأركان، وليس بنية ترقيعية من كل وادٍ عصا! لهذا يمكننا القول إن الأزمة الاقتصادية الراهنة في مصر هي أزمة نظام؛ ولذلك يجب لفظه لفظ النواة، ووضع الإسلام موضع التطبيق بشكل فوري انقلابي شامل.
أيها المخلصون في جيش الكنانة: يا من تكنّون في صدوركم حبَّ الله ورسوله ودينه، مَن للإسلام وشرعه ودولته إن لم يكن أنتم؟! من ينصره غيركم؟! إنكم أعلم الناس بفساد هذا النظام ورأسه ومنفّذيه، يشهد على ذلك ما تُمنحونه من رواتب ومميزات، كرشوة يُضمن بها صمتكم ويُؤمَن بها جانبكم ويُشترى ولاؤكم، وهي أقل بكثير من حقوقكم الفعلية من ثروات مصر وخيراتها الهائلة، فلا تستبدلوا سحت الحكام بما أحله الله لكم، ما يهوي بكم وبأولادكم في قعر جهنم، واخلعوا عن أعناقكم طوق هذا النظام واقطعوا كل ما يربطكم به من حبال، وانحازوا لأهلكم وحققوا طموحهم في عيش كريم لا يحققه فعلاً إلا الإسلام ودولته، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فكونوا أنتم أنصارها، وأعيدوا سيرة أنصار الأمس بنصرة حزب التحرير لإقامتها، عسى الله أن يفتح بكم ويتمّ عليكم نعمته وفضله فتكون مصرُ الكنانة بكم مصرَ المنورة، درةَ تاج الخلافة ونقطة ارتكازها، اللهمّ عاجلا غير آجل.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية مصر |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: www.hizb.net |
E-Mail: info@hizb.net |