الأحد، 29 محرّم 1446هـ| 2024/08/04م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مع الحديث الشريف - لا يحج البيت بعد اليوم مشرك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مع الحديث الشريف


لا يحج البيت بعد اليوم مشرك

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


روى مسلم في صحيحه قال: حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونسُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُونَ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ


قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ


جاء في شرح النووي على مسلم:


قَوْله: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْر الصِّدِّيق - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - فِي الْحَجَّة الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل حَجَّة الْوَدَاع فِي رَهْط يُؤَذِّن فِي النَّاس يَوْم النَّحْر: لَا يَحُجّ بَعْد الْعَام مُشْرِك، وَلَا يَطُوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان)


قَالَ اِبْن شِهَاب: وَكَانَ حُمَيْدُ بْن عَبْد الرَّحْمَن يَقُول: يَوْم النَّحْر يَوْم الْحَجّ الْأَكْبَر مِنْ أَجْل حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - مَعْنَى قَوْل حُمَيْدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن: إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ: {وَأَذَان مِنْ اللَّه وَرَسُوله إِلَى النَّاس يَوْم الْحَجّ الْأَكْبَر} فَفَعَلَ أَبُو بَكْر وَعَلِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَغَيْرهمْ مِنْ الصَّحَابَة هَذَا الْأَذَان يَوْم النَّحْر بِإِذْنِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فِي أَصْل الْأَذَان، وَالظَّاهِر أَنَّهُ عَيَّنَ لَهُمْ يَوْم النَّحْر، فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ يَوْم الْحَجّ الْأَكْبَر، وَلِأَنَّ مُعْظَم الْمَنَاسِك فِيهِ، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمُرَاد بِيَوْمِ الْحَجّ الْأَكْبَر فَقِيلَ: يَوْم عَرَفَة وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور: هُوَ يَوْم النَّحْر، وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّهُ يَوْم عَرَفَة، وَهَذَا خِلَاف الْمَعْرُوف مِنْ مَذْهَب الشَّافِعِيّ، قَالَ الْعُلَمَاء: وَقِيلَ الْحَجّ الْأَكْبَر؛ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْحَجّ الْأَصْغَر وَهُوَ الْعُمْرَة، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هُوَ يَوْم عَرَفَة بِالْحَدِيثِ الْمَشْهُور: "الْحَجّ عَرَفَة" وَاَللَّه أَعْلَم.


قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحُجّ بَعْد الْعَام مُشْرِك) مُوَافِق لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بَعْد عَامهمْ هَذَا} وَالْمُرَاد بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام هَا هُنَا الْحَرَم كُلّه، فَلَا يُمَكَّن مُشْرِك مِنْ دُخُول الْحَرَم بِحَالٍ، حَتَّى لَوْ جَاءَ فِي رِسَالَة أَوْ أَمْر مُهِمّ لَا يُمَكَّن مِنْ الدُّخُول، بَلْ يَخْرُج إِلَيْهِ مَنْ يَقْضِي الْأَمْر الْمُتَعَلِّق بِهِ، وَلَوْ دَخَلَ خُفْيَة وَمَرِضَ وَمَاتَ نُبِشَ وَأُخْرِجَ مِنْ الْحَرَم.


قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلَا يَطُوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان) هَذَا إِبْطَال لِمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة عَلَيْهِ مِنْ الطَّوَاف بِالْبَيْتِ عُرَاة

لم يخرج الرسول صلى الله عليه وسلم للحج في السنة التاسعة للهجرة موسم الحج الأول بعد فتح مكة، لكنه بعث أبا بكر أميراً للحج نيابة عنه، أما في السنة التالية فقد قاد الرسول صلى الله عليه وسلم الحجيج بنفسه، فكان تشريعاً منه صلى الله عليه وسلم أن يقود الخليفة الناس إلى الحج أو أن ينيب عنه من يقوم على أمور الحجيج في هذا الموسم المعظم، فكان الخلفاء من بعده، يقودون الحجيج بأنفسهم إن خرجوا للحج، أو يعينوا أميراً للحج في العام الذي لا يعزمون فيه الحج.

في رحاب هذا الحديث الشريف، وفي هذه الأيام المباركة، حيث الحجيج يقيم شعائر الحج الأكبر، تهيج المشاعر وتنهمر العبرات شوقاً لعودة تاريخنا المجيد، حيث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو رئيس الدولة يرسل أميراً للحج يقود الحجيج ويقوم على أمورهم، وكأننا نسمع صوت ذلك الأمير وأصوات مبعوثيه يهتفون بالناس بقوة وكبرياء، (لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) نستشعر العزة والكرامة ونحن نتصور رجال دولة الإسلام يعلنون أحكام الله بأعلى أصواتهم، ويهتفون بها محذرين ومتوعدين .... (لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان)، نسمع علياً يصدع بقوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) فنبرأ إلى الله من أفعال حكامنا الذين يتخذون أحكام الله وراءهم ظهرياً}.


تتداعى صور مضيئة أمام أعيننا ... تتجلى فيها عظمة الإسلام وعظمة دولته وخلفائها وقادتها ... فهذا خليفة يجتمع مع ولاته في موسم الحج ليسمع منهم أخبار ولاياتهم، ويسمع ممن لديه شكوى عليهم، يشدد في محاسبتهم، ويزودهم بتوجيهاته، وتعليماته، وذلك خليفة يحج عاماً ويغزوا عاماً ... وها هو يصطحب معه زوجه إلى الحج فتعاين معاناة الحجاج بسبب شح المياه، فتبادر لإعمار طريق الحج من بغداد إلى مكة، فتأمر بإصلاح الطريق وحفر الآبار وبناء الأحواض لتزويد الحجاج بالماء كما بنت المنازل لتزويد الحجاج بالطعام والاستراحة، وتوصل المياه من عين حنين إلى مكة ومنها إلى بقية مشاعر الحج، وليس صورة أمير الحج من قبل الخليفة العثماني بأقل نصاعة، ولا أقل شرفاً ورفعة، حيث يجتمع حجاج المشرق في دمشق ليسيروا تحت رعاية والي دمشق أمير الحج من قبل خليفة المسلمين، ويجتمع حجاج المغرب في القاهرة ليسيروا معاً ويلتحقوا بأمير الحج.


كم هو عظيم تاريخ دولة الإسلام ...الدولة التي ترعى وتحمي رعاياها، وتحمي بيضة الإسلام وتطبق أحكامه, لكن صور الواقع المظلم لا تلبث أن تفرض نفسها فتشوب هذه المشاعر الرائعة بالألم والحسرة، حيث الدولة معدومة وأحكام الله معطلة, والمسلمون يغرقون بدمائهم في دمشق والقاهرة مركزا تجمع الحجيج وانضوائهم تحت إمرة أمراء الحج في زمن العز والرفعة، الزمن الذي كان للمسلمين خليفة يحمي حماهم ويرعى مصالحهم، ويشرف على حجهم... فيا حسرتاه


الحج اليوم يقام تحت حراب آل سلول, الذين يفتحون أبواب البلد الحرام والمشاعر الحرام لمن يشاؤون ويحرمون منها من يشاؤون، دون رقيب ولا حسيب، فلا أمير حج يرعى حجاج بيت الله ويحميهم، ولا خليفة يأخذ على أيدي آل سلول وينزع منهم ملكهم الجبري ويرميهم إلى مزبلة التاريخ ...


اللهم مكن لنا في الأرض وعجل لنا بعودة دولة الخلافة، لتعود لدمائنا حرمتها ولأيامنا مجدها وعزها ولأنفسنا كرامتها, دولة الخلافة التي تعيد تطبيق أحكام الله، فتزيل الحدود التي تفرق المسلمين وتحرر الأراضي المغتصبة، وتفتح أبواب البلد الحرام للمسلمين ليأتوها من كل فج عميق، فلا يعود يحول دونهم حائل ولا يمنعهم مانع من أداء هذه الشعيرة العظيمة، وتذوق حلاوة المغفرة والرحمة ... من لدن عفور رحيم.


احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

آخر تعديل علىالثلاثاء, 05 كانون الثاني/يناير 2016

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع