- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
بَابُ ذِكْرِ الْقُضَاةِ
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد والدارقطني والحاكم والبيهقي بإسناد حسن عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ أَوْ جُعِلَ قَاضِياً بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ».
قال صاحب التحفة: (فقد ذُبح) بصيغة المجهول (بغير سكين) قال ابن الصلاح: المراد ذبح من حيث المعنى لأنه بين عذاب الدنيا إن رشد وبين عذاب الآخرة إن فسد. وقال الخطابي ومن تبعه إنما عدله عن الذبح بالسكين ليعلم أن المراد ما يخاف من هلاك دينه دون بدنه وهذا أحد الوجهين. والثاني أن الذبح بالسكين فيه إراحة للمذبوح, وبغير السكين كالخنق وغيره يكون الألم فيه أكثر فذكر ليكون أبلغ في التحذير.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ، اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ: رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفِ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَنْ جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ".
وفي صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "يُدْعَى بِالْقَاضِي الْعَادِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي عُمْرِهِ".
وأخرج الحاكم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ولي عشرة فحكم بينهم بما أحبوا أو كرهوا جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه، فإن حكم بما أنزل الله ولم يرتش في حكمه ولم يحف فك الله عنه غله، وإن حكم بغير ما أنزل الله وارتشى في حكمه وحاف فيه شدت يساره إلى يمينه ثم رمي به في جهنم"
وروى النسائي عن مكحول: "لو خيرت بين ضرب عنقي وبين القضاء لاخترت ضرب عنقي"، وأما ما في البخاري: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل" فلا ينافي مجيئه أولا مغلولة يده إلى عنقه إلى أن يفكها عدله فيظله الله تعالى في ظله فلا يعارض.
فيا أحبتنا في الإسلام, أن نحكم ونتحاكم لشرع الله ليس بالأمر الهين، والقضاء شيء عظيم، فإن تقلده أحدنا فلا يخشى إلا الله؛ لأنه محاسبٌ على كل صغيرة وكبيرة. ولا ينقصنا هذه الأيام سوى قاضٍ عادل يعلم بشرع ربنا ويحكم به، وحاكم يخشى الله وينفذ حكمه، حتى يسود عدل الله على الأرض ويتحقق علينا، ونلقى الله ونحن على يقين بأننا قد بذلنا جهدنا في تحقيق حكمه وعدله.
وأخيرًا أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.