مع الحديث الشريف

 

الصيام لي وأنا أجزي به

4

  

 

 

 نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

     جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في "باب هل يقول إني صائم إذا شتم".

 

   حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء عن أبي صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه".

   

   ما الذي أراده الله لنا في هذا الحديث؟ ماذا أراد أن يقول لنا رب العالمين تبارك وتعالى؟ وما الرسالة التي يمكن أن نفهمها من هذا الحديث؟ لا شك أن الحديث يلفت النظر إلى أمور كثيرة، ولكن قوله صلى الله عليه وسلم- "وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم"،  يعلمنا رسولنا الكريم من خلاله كيف نحفظ صيامنا ليكون لنا حماية، فهو  صلى الله عليه وسلم مدرسة في الأخلاق، فإن تعرض الصائم من امرئ للشتم أو المقاتلة؛ فلا يقابل ذلك بمثله؛ فإن الجهل لا يليق بحال الصائم، بل عليه أن يقول: "إني صائم إني صائم" هنا تزرع الأخلاق الرفيعة، هنا معركة الانتصار على النفس، فالصيام يُكسب الصائم وقاية حتى من الرد على من يسبه أو يريد الشجار معه.

 

أيها المسلمون:

 

   لعل جهاد النفس يأتي أولا قبل جهاد الأعداء، فلا يكفي أن يخرج المسلم مجاهدا في سبيل الله؛ بل عليه أولاً أن يوطن نفسه لصعوبة الطريق ولطولها، فكم من المسلمين بدأ العمل وسار في الطريق، وبعد أن مشى تنكب ورجع، ولا يكفي أن تكون صائما وأنت صامت عما يجري بالمسلمين من مذابح، ولا يكفي أن تكون صائما وحكم الله معطل في الأرض، تبتغي رضى رب العالمين. فكما أن الصائم لا يرفث ولا يصخب طاعة لله، فهو أيضا لا يسكت على حرمات الله، ولا يقبل أن يبيت ليلة دون عمل لإيجاده في واقع الحياة. 

 

   اللهمَّ عاجلنا بخلافة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

 

   أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم