- الموافق
- 2 تعليقات
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
قراءةُ السلام على من عرفتَ ومن لم تعرف
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ -. قال أبو الزناد: في هذا الحديث الحض على المواساة، واستجلاب قلوب الناس بإطعام الطعام وبذل السلام، لأنه ليس شيءٌ أجلبَ للمحبة وأثبتَ للمودة منهما، وقد مدح الله المطعم للطعام، فقال: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ) [الإنسان: 8] الآية، ثم ذكر الله جزيل ما أثابهم عليه، فقال: (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) [الإنسان: 11، 12] ... وفى قوله صلى الله عليه وسلم: وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف - ندب إلى التواضع وترك الكبر، قال المهلب: .. ومعنى قوله: "تقرأ السلام" - أي تسلم عليه... انتهى.
الأمر الثاني الواردُ في الحديث الشريف هو قراءة السلامِ على من عرفتَ ومن لم تعرف، وهو أمرٌ من الأوامر الشرعيةِ التي يحققُ بها المسلمُ صلتَه بالله سبحانه، فينال رضوانه، ويفوز في الآخرة بالجنة. والأمرُ هنا للندب، والمندوب عند الأصوليين ما يُثابُ فاعلُهُ ولا يُعاقَبُ تاركُهُ، والمسلم المبتغي رضوانَ اللهِ عزّ وجلَّ، الطامعُ في ثوابِه وجنتِه، يسارعُ للقيامِ بالمندوباتِ مسارعتَهُ للفرائض.
وقراءة السلامِ أطلقَها الشرعُ بمن يعرفُه الإنسانُ ومن لا يعرفُه، فلا يقتصرُ المسلمُ في قراءة السلام على من يعرفُهم، وفي هذا من إيجاد الطمأنينة في النفوس الشيءُ الكثير، به تتألّفُ القلوبُ فتتآلف، وبه تقربُ النفوسُ بعضُها من بعضٍ. وكما ذكرَ شارحُ الحديثِ فيه ندبٌ إلى التواضعِ وتركِ الكِبْرِ، فما دامَ المسلمُ يقرأ السلامَ على من لم يعرفْ فهذا يعني أنه سيقرأه على من هو أعلى منه منزلة، وعلى من هو أدنى منه منزلة، فإن ألقى السلام على من هو أدنى منه منزلةً فقد تحقّق منه التواضعُ وابتعدَ عن الكِبر، وإن ألقاه على من هو أعلى منه منزلةً فردَّ عليه السلام فقد تحققّ من الآخَرِ التواضعُ والابتعادُ عن الكِبْر، فيعُمّ التآلُفُ والتوادُّ المجتمعَ الإسلامي، فيصبح المقياسُ الشرعيُّ للتفاضل [إنَّ أكرمَكم عندَ الله أتقاكم] هو مقياسَ المجتمع، وليس مقياسَ الغنى والفقر أو المنصب أو العشيرة والنسب، ويصبح كما وصفه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مثلُ المسلمين في توادِّهم وتراحُمِهم كمثلِ الجسدِ، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحُمّى".
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: خليفة محمد
وسائط
2 تعليقات
-
جزاكم الله خيرا
-
بارك الله فيكم