- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
العيون التي يرضى الله عنها
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأ محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهب، حدثني عبد الرحمن بن شريح، عن محمد بن شمير، عن أبي علي الجنبي، عن أبي ريحانة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة، فأوفينا على شرف، فأصابنا برد شديد، حتى إن كان أحدنا يحفر الحفير، ثم يدخل فيه ويغطي عليه بحجفته، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك من الناس قال: "ألا رجل يحرسنا الليلة أدعو الله له بدعاء يصيب به فضلا" فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله. فدعا له قال أبو ريحانة: فقلت: أنا، فدعا لي بدعاء هو دون ما دعا به للأنصاري، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "حرمت النار على عين دمعت من خشية الله، حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله" قال: ونسيت الثالثة. قال أبو شريح: وسمعت بعد أنه قال: "حرمت النار على عين غضت عن محارم الله، أو عين فقئت في سبيل الله"
العين الأولى هي عين دمعت من خشية الله, وكم نحن الآن بأشد الشوق لمثل هذه العيون التي وصفها الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. فأين نحن من هذه الدموع التي تذرف من خشية الله وتتمنى لقاءه وهو راض عنها. أليست الأمة الآن فيها من يخشى الوقوف بين يدي الخالق ومحاسبته على عدم العمل والخوف من الحساب حتى وصلوا إلى درجة البكاء من شدة الحساب قبل العذاب أو المغفرة والرحمة من الخالق البارئ. إن أفضل العيون التي نفتقدها اليوم هي هذه الأعين التي تخشى السؤال وتعمل على أن يكون عندها من الإجابة التي يقبلها الله تعالى لتقصيرها.
أما العين الثانية فهي العين التي تبيت ساهرة في سبيل الله, وها نحن الآن منذ أكثر من تسعين عاما لم نرها ولم نسمع عنها أمن قلة هي أم ليس هناك حاجة لها, بل إنما نحن في أمس الحاجة لها وإننا نفتقر إليها لما فعلوه فيها أعداء ديننا ومن سلك دربهم للوصول إلى هذه الغاية. ونحن نرى بأم أعيننا كيف سلبت بلادنا واحتلت وهتكت أعراضنا لا لسبب سوى فقرنا لمثل هذه العيون التي تحرس الثغور وتحمي الديار وتذود عن الأعراض. فهذه العيون هي أملنا الباقي والغاية التي نريد أن نصلها بأن تعود وتعود للأمة كرامتها وعرضها وبلادها التي تحكم بكتاب الله وسنة نبيه.
أما العين الثالثة فهي العين التي لا تبصر إلا ما هو حلال وتبتعد عن المنكر الذي أنكره الشرع ولا تبصر إلا ما يحبه الله ورسوله فكما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي (إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض الله عبداً دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه، قال فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض)
فلنكن مثل هذه الأعين ونسعى لإيجادها حتى نصل إلى ما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنا ويتقبلنا الله مع الصديقين والصالحين والشهداء.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.