- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ، يَعْنِي لِرَجُلٍ يَدَّعِي بِالْإِسْلَامِ: «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا حَضَرْنَا الْقِتَالَ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا، فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ الَّذِي قُلْتَ لَهُ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا، وَقَدْ مَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَى النَّارِ» فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنْ بِهِ جِرَاحٌ شَدِيدٌ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: «أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ».
إن هذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي ذكّر فيها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأن هناك رجالاً سوف يدخلون النار حتى لو أعجب الناس بأعمالهم وافتتن العوام بسلوكهم. إن هذا الحديث يشرح لنا كيف أن هذا الرجل كان يقاتل باستبسال وشدة، ولكن ليس كل ما يظهر لنا نستطيع الجزم بصحته, وقد يتشابه علينا أفعال العباد، فمن الناس من نظن بهم الخير، ولكن هم أشد الناس عداء للإسلام وأهله، ومن الناس من هم في الصفوف الأولى ولكنهم لا يرجون مرضاة الله تعالى في أفعالهم، بل رغبتهم هي أن يُعرفوا، وكما قال رسولنا صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «إنما الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».
فهذا الحديث ليدل دلالة قاطعة على أن هناك من يقوم بأعظم الأعمال وهو الجهاد لكن لا يبتغي به رضا الله، فنرى من يقاتل قتال الأسود ليس لنيل الشهادة بل ليُقال عنه شجاع، ومن يقاتل من أجل مال يصيبه من عمله, وقد يُظنّ أنهم يجاهدون من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا. فيجب علينا التقيد بالأحكام الشرعية، والإخلاص لله عز وجل، حتى ننال الأجر والثواب. والإخلاص لا يعلمه أحد، فهو بين العبد وربه.