- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
الكبر
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة. قال: «إن الله جميل يحب الجمال» رواه مسلم.
إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام محمد بن عبد الله أما بعد:
إن هذا الحديث الشريف يلفت النظر إلى الكبر والاغترار بالنفس، ونحن بصفتنا مسلمين نسعى دائماً ونطمع في الجنة، والله تعالى لم يعدّها للكسالى المتكلين، بل للعاملين المخلصين الناصحين. فالله أمرنا أن نستقيم على الطريق، وأن نحافظ على هذه الاستقامة، فمن سار عليه يكون متناغماً، ومن سار على غير هدى تراه يتخبط في سلوكه.
والكبر هو صفات الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز لأحد أن ينازعه هذه الصفة لأنه محتاج وعاجز وناقص. جاء في الحديث القدسي، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: «العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني في واحد منهما فقد عذبته» رواه مسلم. فهنا يقطع الله تعالى أن الكبر له وحده، وليس لأحد أن ينازعه فيه سبحانه وتعالى. وكيف للإنسان الناقص والعاجز أن يتكبر على أمثاله؟
وفي هذا الحديث لفتة أخرى، وهي أن الله جميل، ويحب الجمال، ويحب أن يرى الجمال في عباده، وهذا ليس من التفاخر والكبر، بل هذا مما يرضي الله عز وجل.
علينا دائماً أن نستذكر قول الله تعالى فيما يظهر منه الكبر، (وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً)، [سورة الإسراء: 37]، وقوله تعالى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [سورة لقمان: 18]. ولهذا علينا استحضار هذه الآيات، والأمر ليس مقتصراً على المشي المرح وتصعير الخد، بل يشمل ما هو أعظم من باب أولى.
إن الإنسان مهما ارتقى وارتفع بالعلم أو بمكانته في الدنيا، لا ينبغي أن يتكبر ويختال على عباد الله تعالى، وعليه أن يتذكر أنه خلق من تراب، أليس كل بني آدم من تراب؟! فلا اختلاف ولا تمييز، فهذا لا يبين إلا يوم القيامة بالثواب والدرجات. وكلما زاد الإنسان علماً زاد تواضعاً؛ لعلمه بقدرة خالقه. أما الدنيا فليس فيها ما يستحق التفاخر به، فهي مجرد ضباب يغشي الحقيقي، وهي دنيا حقيرة لا تُذكر أمام قدرة الله.
فالله نسأل أن يزيل عنا الغشاوة التي تحجب الرؤية، وأن يرفعنا ويأتينا الدرجات العالية، وأن يهدينا إلى السلوك المستقيم.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح