- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشفَّعان" رواه أحمد وصححه الألباني.
أيها الأحبّة الكرام
إن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، محمد بن عبد الله، أما بعد:
يشير هذا الحديث الشريف إلى أمرين اثنين أولهما الصيام والامتناع عن الطعام والشراب، والأمر الآخر هو قراءة القرآن وتدبر معانيه في هذا الشهر الكريم، فصيام شهر رمضان فيه حكمة عظيمة، فالله سبحانه وتعالى قد فرض الصوم وجعله له وهو يجزي به، فهو يشهد يوم القيامة لصاحبه ويشفع له فيطلب من الله سبحانه وتعالى أن يتغاضى عما قام به الصائم من آثام واستغفر الله عليها.
فهنا وجب علينا أن ندرك أن الصوم إما يكون شاهدا لنا أو شاهدا علينا، فإن نحن قمنا بالصيام لغير وجه الله وابتغينا به مديح الناس وثناءهم فلن ينالنا إلا الجوع والعطش وسيكون الصيام شاهدا علينا يوم القيامة، وإن نحن صمنا كما أمرنا الله سبحانه وتعالى وابتغينا به وجه الله سبحانه وتعالى فإن الصوم يأتي يوم القيامة مدافعا عنا طالبا لنا المغفرة والأجر والعفو.
أما الأمر الآخر وهو قراءة القرآن وتدبر معانيه فهو أيضا إما أن يكون شاهدا علينا أو شاهدا لنا، فإن نحن قمنا بتصفح صفحاته ولم نعلم بما فيها ولم نتدبر معانيها فإن القرآن يكون شاهدا علينا يوم القيامة، أما إن نحن قمنا بهذا العمل وتعلمنا ما في القرآن من أحكام وراجعنا أنفسنا بما قصرنا من أحكام الله وتشريعاته واستغفرنا الله لذنوبنا التي غفلنا عنها وتناسيناها، فإن القرآن سيأتي يوم القيامة شاهدا لنا وحصنا وحاجبا لنا من عذاب الله ونار جهنم وشفيعا عند الله تعالى أننا ما قرأنا منه شيء إلا للعمل به وتعليمه للناس.
فالصيام فيه حكم كثيرة، فهو يمنعنا من ملذات الدنيا التي لأجلها يعصي العاصي ويبتعد عن أوامر الله تعالى، فنشعر حينها بما فيها من أثر علينا أنه ليس هو الأثر الذي لأجله نبيع الآخرة بالدنيا، وأيضا فإن الامتناع عن ملذات الدنيا يجعلنا ندرك مدى ضعفنا فيذهب منا شعور الكبر والغرور بعد أن ندرك مدى حاجتنا إلى الله سبحانه وتعالى، وأما القرآن الكريم فقد هجره الكثير من الناس لانشغالهم بالدنيا الفانية، فهم لم يتدبروا معانيه ولم يدركوا أن سعادتهم به وشقاءهم ببعدهم عنه، ليس بتلاوته فقط بل وبتطبيقه الذي فيه منجاة وسعادة لهم في الدنيا والآخرة.
ففي هذا الشهر الكريم فرصة لنا لنعيد ترتيب أوراقنا من جديد فنسعى لأن نجيب عن تساؤلاتنا التي كادت أن تقضي علينا، لماذا نحن أشقياء وفينا القرآن الكريم، فيجيب الصائم نفسه بأن السبب هو بعده عن القرآن الكريم وما فيه من أحكام والانشغال عنه بالدنيا ومفاتنها.
فالله نسأل أن يحفظ علينا ديننا وأن يكرمنا في هذا الشهر الكريم بالنصر والتمكين والفرج لهذا الدين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: د. ماهر صالح (رحمه الله)