الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مع الحديث الشريف - المحتسب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

المحتسب

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

روى مسلم في صحيحه قال:

 

"وحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: ابْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

 

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي"

 

جاء في كتاب شرح النووي على مسلم:

 

قَوْله: (صُبْرَةٌ مِنْ طَعَامٍ)

 

هِيَ بِضَمِّ الصَّاد وَإِسْكَان الْبَاء. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الصُّبْرَةُ الْكَوْمَةُ الْمَجْمُوعَةُ مِنْ الطَّعَامِ. سُمِّيَتْ صُبْرَةً لِإِفْرَاغِ بَعْضهَا عَلَى بَعْض. وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّحَابِ فَوْق السَّحَاب (صَبِير).

 

وَقَوْله فِي الْحَدِيث (أَصَابَتْهُ السَّمَاء): أَيْ الْمَطَرُ.

 

أحبّتنا الكرام:

 

في هذا الحديث الشريف يتولى صلى الله عليه وسلم بنفسه حماية الحقوق العامة، ومنع الاعتداء عليها، فهو قد تفقد صبرة الطعام بوضع يده داخلها فلما وجد البلل أمر البائع بإظهار هذا البلل للناس وعدم إخفائه، لأن في إخفائه خداع للناس وإضرار بهم، وهذا الحديث دليل على مشروعية الحسبة، وبيان لعمل المحتسب. فالمحتسب هو القاضي الذي ينظر في كافة القضايا التي هي حقوق عامة ولا يوجد فيها مدع، على أن لا تكون هذه القضايا داخلة في الحدود أو الجنايات لأنها خصومات بين الناس في الأصل وليست حقوقا عامة .... أما أنه يشمل جميع الحقوق العامة وليس الغش فقط فعمله صلى الله عليه وسلم، فقد روى أبو داوود في سننه عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قَالَ: "كُنَّا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُسَمَّى السَّمَاسِرَةَ فَمَرَّ بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمَّانَا بِاسْمٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلْفُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ"

 

فهنا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم التجار بالصدق في تجارتهم وبالصدقة.

 

وروى البخاري في صحيحه عن سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الْمِنْهَالِ عَنْ الصَّرْفِ يَداً بِيَدٍ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ أَنَا وَشَرِيكٌ لِي شَيْئاً يَداً بِيَدٍ وَنَسِيئَةً، فَجَاءَنَا الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: فَعَلْتُ أَنَا وَشَرِيكِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَسَأَلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "مَا كَانَ يَداً بِيَدٍ فَخُذُوهُ وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَذَرُوهُ" وهنا منع الطرفين المتبايعين من ربا النسيئة.

 

هذه الأحاديث تبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم فصل في الخصومات التي تضر حق الجماعة، أما تسمية هذا القضاء بالحسبة فهو تسمية اصطلاحية، وهو يعني مراقبة التجار وأرباب الحرف لمنعهم من الغش في تجارتهم وعملهم ومصنوعاتهم وأخذهم باستعمال المكاييل والموازين وغير ذلك مما يضر الجماعة.

 

وكما قام الرسول بنفسه بقضاء الحسبة فقد عين من يقوم به نيابة عنه .. فقد جاء في طبقات ابن سعد وفي الاستيعاب لابن عبد البر أنه صلى الله عليه وسلم استعمل سعيد بن العاص على سوق مكة بعد الفتح ... ونقل مالك في موطئه والشافعي في مسنده أن عمر بن الخطاب استعمل الشفاء وهي أم سليمان بن أبي حثمة قاضياً على السوق أي قاضي حسبة، كما عين عبد الله بن عتبة على سوق المدينة  ... كما كان رضي الله عنه يقوم بقضاء الحسبة بنفسه فيطوف في الأسواق كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ولقد استمر الخلفاء يقومون بالحسبة إلى أن جاء المهدي فجعل للحسبة جهازاً خاصاً فصارت من أجهزة القضاء.

 

صلاحيات المحتسب:

 

1- لا يحتاج المحتسب إلى مجلس قضاء حتى ينظر في الدعوى، بل يحكم في المخالفة بمجرد حدوثها، وله أن يحكم في أي مكان أو زمان: في البيت أو السوق أو السيارة، في الليل أو النهار، ودليله فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ... فقد كان يتجول في السوق ويقضي في المخالفة حال علمه بها .... فلم يستدع صاحب الصبرة إلى مجلس قضاء، بل أمره بإظهار البلل حال رؤيته له.

 

2- لا يحتاج المحتسب إلى مدع أو مدعى عليه، بل يتصدى لأي حق عام اعتدي عليه أو أي مخالفة شرعية، دون انتظار مدع يرفع الأمر له ... فهذا ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم ...  وهو التصدي للمخالفات والاعتداء على الحقوق العامة، وإزالتها حالاً في نفس الزمان والمكان، دون انتظار مدع أو استدعاء المخالف أو المعتدي إلى مجلس قضاء.

 

3- يصطحب المحتسب أفرادا من الشرطة لتنفيذ أحكامه حال إصدارها.

 

فقضية المحتسب هي حق عام اعتدي عليه أو مخالفة شرعية وقعت وعمله هو رفع الاعتداء ومنع المخالفات ووسيلته في ذلك هم الشرطة.

 

4- إن اشتمل تعيين المحتسب على أن له حق تعيين نواب عنه فله أن يختار نوابا عنه تتوفر فيهم شروط المحتسب يوزعهم في الجهات المختلفة وتكون لهؤلاء النواب صلاحية القيام بوظيفة الحسبة في المنطقة أو المحلة التي عينت لهم أو القضايا التي فوضوا فيها ....لكن إن لم يشتمل تعيينه على هذا الحق فإنه لا يملك صلاحية تعيين نواب له.

 

أحبّتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

آخر تعديل علىالجمعة, 28 حزيران/يونيو 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع