- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تونس... وضع قديم متجدد!
الخبر:
فوز قيس سعيّد بالسباق الانتخابي الرئاسي في تونس. (15 تشرين الأول 2019)
التعليق:
لأجل وضع أي مشهد انتخابي ضمن سياق فكري موضوعي تاريخي، أقول إن تونس والمنطقة بشكل عام هي بلاد مسلمين، كانت تُحكم بالإسلام قروناً عديدة، وكانت منطقة تعيش فيها أمة متحدة عقائدياً وسياسياً، حتى جاء الاستعمار فأقام نظماً فصلت الدين عن الدولة، وجزأت الأمة بحدود وطنية، والتحقت بالغرب سياسياً واقتصادياً وثقافياً، إلى آخر القصة الكئيبة المعروفة. ثم نشأت بوادر نهوض إسلامي، وتفاعلت الأفكار والمشاعر الإسلامية في المجتمعات، وصارت المطالب الإسلامية الأساسية رأياً عاماً تصارع آراء أخرى مضادة "صراع وجود" وتكافح الأنظمة كفاحاً سياسياً دموياً. في هكذا مشهد دموي، كفاحي، مصيري، يكون اللجوء لصندوق الانتخابات عبثاً.
نعم عبث! حيث إن ميدان حسم الخيارات في هكذا مشهد يكون في الأمة ومعها، ومادة الحسم هي المبادئ والأفكار الأساسية؛ صراع فكري وكفاح سياسي يتجاوز قواعد الأنظمة القائمة التي صنعت على عين الغرب. صراع وكفاح لا يقبل الحلول الوسط والتفاوض والتنازل والتكتيك. فكيف يكون الحل الوسط بين اتجاه يريد حكما إسلاميا واتجاه يريد حكما علمانيا؟! هل يكون برفع الأيادي وعدّ الأصوات؟! وكيف يكون الحل الوسط بين من يرى تخوين الدعوة للتطبيع مع كيان يهود ومن يرى ذلك مصلحة حتمية؟!
إنه حسب مسار التاريخ في تحديد مصير الأمم والشعوب، لا تكون العمليات الانتخابية شيئاً يُذكر، ولا أرى الصندوق الانتخابي في هذه الظروف، بدون مبالغة، أكثر من صندوق متفجرات (كالحالة الأفغانية)، أو صندوق نفايات (كالحالة العراقية)، أو صندوق بريد (كالحالة اللبنانية)، أو صندوق زينة (كالحالة التونسية)!
كما أنه في تحديد مصير الشعوب تبرز العلاقة بالأجنبي كقضية أساسية. وقد ذكر الرئيس التونسي الجديد - نظيف اليد - في خطاب انتصاره أنه يريد رفع الوصاية عن البلد، وهو مطلب مستحق. وكي ينتقل الشعار إلى واقع، لا بد من أعمال سياسية كبرى تفصل البلد عن النفوذ الغربي وأغلاله، من مثل سياسات صندوق النقد الدولي، وتدخلات القوى الغربية السياسية والأمنية والاقتصادية. فهل مخرجات صندوق انتخابي ضمن دستور وضعي ودولة وطنية ملتزمة بالمواثيق الدولية قادرة على فصل البلد عن النفوذ الأجنبي الغربي؟!
ما هكذا يصنع التاريخ وما هكذا يكون التغيير المنشود والتحرير.
كي تكون اللحظة حقاً تاريخية، يجب أن يعلم كل مسلم محب لدينه وأمته أنه لا يصلح شأن البلاد إلا بما صلح به أوله، حكمٌ بما أنزل الله، وجهاد في سبيل الله، والنظام لا يتغير بتغير رئيسه فقط، بل يتغير النظام من سمت رأسه إلى أخمص قدمه بتغيير الأفكار العلمانية الرأسمالية الديمقراطية الفاسدة، وإقامة نظام الإسلام على أساس عقيدة الإسلام في ظل دولة الإسلام؛ الخلافة على منهاج النبوة. فلم لا نعلي الصوت في هذا الاتجاه؟ أخجلاً من إسلامنا؟ أم خشية من أعدائنا؟!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. أسامة الثويني – دائرة الإعلام/ الكويت