- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي - ح 102
الاستصناع
\n
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.
\n
أيها المؤمنون:
\n
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الثانية بعد المائة، وعنوانها: \"الاستصناع\". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة السادسة والأربعين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني. يقول رحمه الله: \"الاستصناع هو أن يستصنع الرجل عند آخر آنية، أو سيارة، أو أي شيء يدخل في الصناعة. والاستصناع جائز وثابت بالسنة. فقد استصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما، عن أنس قال: «صنع النبي صلى الله عليه وسلم خاتما». وعن عبد الله بن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتما من ذهب». رواهما البخاري. واستصنع المنبر، عن سهل قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة أن مري غلامك النجار يعمل لي أعوادا أجلس عليهن». رواه البخاري. وقد كان الناس يستصنعون في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكت عنهم، فسكوته تقرير لهم على الاستصناع. وتقرير الرسول وعمله كقوله دليل شرعي. والمعقود عليه هو المستصنع فيه، أي الخاتم، والمنبر، والخزانة والسيارة، وغير ذلك. وهو على هذا الوجه من قبيل البيع، وليس من قبيل الإجارة. أما لو أحضر الشخص للصانع المادة الخام، وطلب منه أن يصنعها له شيئا معينا، فإنه يكون حينئذ من قبيل الإجارة. والصناعة من حيث هي أساس مهم من أسس الحياة الاقتصادية لأية أمة، وأي شعب، في أي مجتمع. وقد كانت الصناعة مقتصرة على المصنع اليدوي وحده، فلما اهتدى الإنسان إلى استخدام البخار في تسيير الآلات، أخذ المصنع الآلي يحل تدريجيا محل المصنع اليدوي، ولما جاءت الاختراعات الحديثة حصل انقلاب خطير في الصناعة، فزاد الإنتاج زيادة لم تكن تخطر ببال، وغدا المصنع الآلي أساسا من أسس الحياة الاقتصادية. والأحكام المتعلقة بالمصانع الآلية، أو المصانع اليدوية، لا تخلو من أن تكون من أحكام الشركة، أو أحكام الإجارة، أو أحكام البيع والتجارة الخارجية. فمن حيث إنشاء المصنع قد يكون بمال فرد، وهذا نادر. والغالب أن يكون بمال عدة أفراد يشتركون في إنشائه. وحينئذ تطبق عليه أحكام الشركات الإسلامية. وأما من حيث العمل فيه من إدارة، أو عمل، أو صنع، أو غير ذلك فتطبق عليه أحكام إجارة الأجير. وأما من حيث تصريف إنتاجه فتطبق عليه أحكام البيع والتجارة الخارجية، ويمنع فيه التدليس والغبن والاحتكار، كما يمنع التسعير، إلى غير ذلك من أحكام البيع. وأما التوصية على ما ينتجه من إنتاج صغير أو كبير قبل صنعه، فإنه يطبق فيه أحكام الاستصناع. ويحكم الشرع في إلزام المستصنع بما صنع له، أو عدم إلزامه.
\n
\n
\n
\n
\n
\n
وقبل أن نودعكم أحبتنا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
\n
1. تعريف الاستصناع: هو أن يستصنع الرجل عند آخر آنية، أو سيارة، أو أي شيء يدخل في الصناعة.
\n
2. حكم مشروعية الاستصناع: الاستصناع جائز وثابت بالسنة.
\n
3. أمثلة على استصناع النبي عليه الصلاة والسلام:
\n
1) استصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما.
\n
2) استصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر.
\n
4. الأدلة الشرعية على الاستصناع:
\n
1) فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما بينا في المثالين السابقين.
\n
2) كان الناس يستصنعون في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكت عنهم، فسكوته تقرير لهم على الاستصناع. وتقرير الرسول وعمله كقوله دليل شرعي.
\n
5. التفريق بين البيع، والإجارة على الاستصناع:
\n
1) إذا كان المعقود عليه هو المستصنع فيه، أي الخاتم، والمنبر، والخزانة والسيارة، وغير ذلك. فهو على هذا الوجه من قبيل البيع.
\n
2) لو أحضر الشخص للصانع المادة الخام، وطلب منه أن يصنعها له شيئا معينا، فإنه يكون حينئذ من قبيل الإجارة على الاستصناع.
\n
6. أهمية الصناعة في حياة الأمة:
\n
الصناعة من حيث هي أساس مهم من أسس الحياة الاقتصادية لأية أمة، وأي شعب.
\n
7. تطور الصناعة تاريخيا:
\n
1) كانت الصناعة مقتصرة على المصنع اليدوي وحده.
\n
2) لما اهتدى الإنسان إلى استخدام البخار في تسيير الآلات، أخذ المصنع الآلي يحل تدريجيا محل المصنع اليدوي.
\n
3) لما جاءت الاختراعات الحديثة حصل انقلاب خطير في الصناعة، فزاد الإنتاج زيادة لم تكن تخطر ببال.
\n
4) في العصر الحديث غدا المصنع الآلي أساسا من أسس الحياة الاقتصادية.
\n
8. الأحكام الشرعية للاستصناع:
\n
الأحكام المتعلقة بالمصانع الآلية أو المصانع اليدوية لا تخلو من إحدى ثلاث:
\n
1) أن تكون من أحكام الشركة: من حيث إنشاء المصنع قد يكون بمال فرد، وهذا نادر. والغالب أن يكون بمال عدة أفراد يشتركون في إنشائه. وحينئذ تطبق عليه أحكام الشركات الإسلامية.
\n
2) أن تكون من أحكام الإجارة: من حيث العمل في المصنع من إدارة، أو عمل، أو صنع، أو غير ذلك فتطبق عليه أحكام إجارة الأجير.
\n
3) أن تكون من أحكام البيع والتجارة الخارجية: من حيث تصريف إنتاج المصنع فتطبق عليه أحكام البيع والتجارة الخارجية.
\n
9. أحكام عامة في الاستصناع:
\n
1) يمنع في الاستصناع التدليس والغبن والاحتكار والتسعير إلى غير ذلك من أحكام البيع.
\n
2) التوصية على ما ينتجه المصنع من إنتاج صغير أو كبير قبل صنعه يطبق فيه أحكام الاستصناع.
\n
3) يحكم الشرع في إلزام المستصنع بما صنع له، أو عدم إلزامه.
\n
أيها المؤمنون:
\n
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
\n
\n