الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (97)

 

امتلاك الأرض بالتحجير والإحياء  

 

 

\n

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.

\n


أيها المؤمنون:

\n


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة السابعة والتسعين, وعنوانها: \"امتلاك الأرض بالتحجير والإحياء\". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الخامسة والثلاثين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

\n


يقول رحمه الله: \"وهذا التفريق بين الأرض الميتة، وغير الميتة يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أباح للناس أن يملكوا الأرض الميتة، بالإحياء والتحجير، فأصبحت من المباحات، ولذلك لا تحتاج إلى إذن الإمام بالإحياء أو التحجير، لأن المباحات لا تحتاج إلى إذن الإمام.

\n


أما الأراضي غير الميتة فلا تملك إلا إذا أقطعها الإمام، لأنها ليست من المباحات، وإنما هي مما يضع الإمام يده عليه. وهو ما يسمى بأراضي الدولة. ويدل على ذلك، أن بلالا المزني استقطع رسول الله أرضا، فلم يملكها حتى أقطعه إياها، فلو كانت تملك بالإحياء أو التحجير، لأحاطها بعلامة تدل على تملكه إياها، ولكان ملكها دون أن يطلب إقطاعه إياها.

\n


ومن أحيا أرضا ميتة في أرض العشر ملك رقبتها ومنفعتها، مسلما كان أو كافرا، ويجب على المسلم فيها العشر، زكاة على الزروع والثمار، التي تجب فيها الزكاة، إذا بلغت نصابا، وأما الكافر فيجب عليه الخراج، وليس العشر، لأنه ليس من أهل الزكاة، ولأن الأرض لا يصح أن تخلو من وظيفة: عشر أو خراج.

\n


ومن أحيا أرضا ميتة في أرض الخراج، لم يسبق أن ضرب الخراج عليها، ملك رقبتها ومنفعتها إن كان مسلما، ومنفعتها فقط إن كان كافرا، ويجب على المسلم فيها العشر، ولا خراج عليه. ويجب على الكافر فيها الخراج، كما وضع على أهلها الكفار حين أقروا عليها عند الفتح، مقابل خراج يؤدونه عنها.

\n


ومن أحيا أرضا ميتة في أرض الخراج، سبق أن وضع عليها الخراج قبل أن تتحول إلى أرض ميتة، ملك منفعتها فقط، دون رقبتها، مسلما كان أو كافرا، ووجب عليه فيها الخراج، لأنها منطبق عليها أنها أرض مفتوحة، ضرب عليها الخراج، لذلك يجب أن يبقى الخراج عليها، ملكها مسلم، أو كافر، إلى أبد الدهر.

\n


هذا إذا كان الإحياء للزرع. وأما إذا كان للسكنى، أو لإقامة مصانع، أو مخازن، أو حظائر، فإنه لا عشر فيها ولا خراج، لا فرق في ذلك بين أرض العشر، وأرض الخراج، فإن الصحابة الذين فتحوا العراق ومصر قد اختطوا الكوفة، والبصرة، والفسطاط، ونزلوها أيام عمر بن الخطاب، ونزل معهم غيرهم، ولم يضرب عليهم الخراج، ولم يدفعوا زكاة عنها، لأن الزكاة لا تجب على المساكن والمباني\".

\n


ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يحضرني في هذا المقام السؤال الآتي: اشترى رجل أرضا من مدة, ثم اكتشف قطعة أرض صغيرة جدا بجوارها ليست ملكا لأحد, لذا يريد ضمها لأرضه فما حكم الإسلام في هذه المسألة؟

\n


للإجابة نقول وبالله التوفيق: إن جواز ضم هذه القطعة من الأرض إلى أرض هذا الرجل ينبني على توصيف هذه الأرض, وهل هي أرض موات تملك بالإحياء؟ أم ليست مواتا، فلا يجوز ضمها والاستيلاء عليها؟

\n


جاء في المغني لابن قدامة ما يأتي: الموات هي الأرض الخراب الدارسة. والأصل في إحياء الأرض ما روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"من أحيا أرضا ميتة فهي له\". وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات يملك بالإحياء وإن اختلفوا في شروطه. ثم قال: مسألة: من أحيا أرضا لم تملك فهي له. وجملته أن الموات قسمان:

\n


القسم الأول: ما لم يجر عليه ملك لأحد, ولم يوجد فيه أثر عمارة، فهذا يملك بالإحياء بغير خلاف بين القائلين بالإحياء.

\n


القسم الثاني: ما جرى عليه ملك مالك وهو ثلاثة أنواع:

\n


النوع الأول: ما له مالك معين، وهو ضربان: أحدهما: ما ملك بشراء أو عطية, فهذا لا يملك بالإحياء بغير خلاف. الثاني: ما ملك بالإحياء ثم ترك حتى دثر وعاد مواتا فهو كالذي قبله سواء وقال مالك: يملك هذا.

\n


النوع الثاني: ما يوجد فيه آثار قديم جاهلي كآثار الروم, ومساكن ثمود ونحوها فهذا يملك بالإحياء.

\n


النوع الثالث: ما جرى عليه الملك في الإسلام لمسلم أو ذمي غير معين، فظاهر الكلام أنها لا تملك بالإحياء وهي إحدى الروايتين عن أحمد، لأن هذه الأرض لها مالك فلم يجز إحياؤها كما لو كان معينا، والرواية الثانية: أنها تملك بالإحياء. وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك لعموم الأخبار, ولأنها أرض موات لا حق فيها لقوم بأعيانهم, أشبهت ما لم يجر عليه ملك مالك، ولأنها إن كانت في دار الإسلام فهي كلقطة دار الإسلام. وعليه فهذه القطعة المذكورة من الأرض إن كانت أرضا مواتا لا مالك لها يعرف, فلا مانع من تملكها، على أنه إن ظهر لها مالك بعد ذلك أخذها, والله تعالى أعلى وأعلم.

\n


وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

\n


1. أباح الرسول صلى الله عليه وسلم للناس أن يملكوا الأرض الميتة، بالإحياء والتحجير.

\n


2. الأرض الميتة لا تحتاج إلى إذن الإمام بالإحياء أو التحجير.

\n


3. الأراضي غير الميتة لا تملك إلا إذا أقطعها الإمام، لأنها مما يضع الإمام يده عليه.

\n


4. من أحيا أرضا ميتة في أرض العشر ملك رقبتها ومنفعتها، مسلما كان أو كافرا.

\n


5. إحياء الأرض وتحجيرها يكون لغرضين أو لهدفين اثنين هما:

\n


أولا: الأحكام الشرعية المتعلقة بإحياء الأرض وتحجيرها لأجل الزراعة:

\n


1. يجب على المسلم في الأرض التي أحياها العشر، زكاة على الزروع والثمار إذا بلغت نصابا.

\n


2. يجب على الكافر في الأرض التي أحياها الخراج وليس العشر، لأنه ليس من أهل الزكاة.

\n


3. لا يصح أن تخلو الأرض من وظيفة: عشر أو خراج.

\n


4. إذا أحيا المسلم أرضا ميتة في أرض الخراج, لم يسبق أن ضرب الخراج عليها, ملك رقبتها ومنفعتها. ويجب عليه فيها العشر، ولا خراج عليه.

\n


5. إذا أحيا كافر أرضا ميتة في أرض الخراج, لم يسبق أن ضرب الخراج عليها، ملك منفعتها فقط. ويجب عليه فيها الخراج كما وضع على أهلها الكفار حين أقروا عليها عند الفتح.

\n


6. من أحيا أرضا ميتة في أرض الخراج، سبق أن وضع عليها الخراج ملك منفعتها فقط، دون رقبتها، مسلما كان أو كافرا، ووجب عليه فيها الخراج.
ثانيا: الحكم الشرعي بإحياء الأرض وتحجيرها للسكنى أو لإقامة مصانع ونحوها:

\n


إن كان الإحياء للسكنى، أو لإقامة مصانع، أو مخازن، أو حظائر، فإنه لا عشر فيها ولا خراج، لا فرق في ذلك بين أرض العشر، وأرض الخراج.

\n


أيها المؤمنون:

\n


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, وللحديث بقية, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

\n

\n

آخر تعديل علىالجمعة, 04 كانون الأول/ديسمبر 2015

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع