الأربعاء، 02 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/04م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 128) التسعير

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 


إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
(ح 128)
التسعير

 

 


الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الثامنة والعشرين بعد المائة, وعنوانها: "التسعير". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة التاسعة والتسعين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.


يقول رحمه الله: "جعل الله لكل شخص أن يبيع سلعته بالسعر الذي يرضاه، روى ابن ماجه عن أبي سعيد قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراض". ولكن لما كانت الدولة مظنة التسعير على الناس، فقد حرم الله عليها أن تضع أسعارا معينة للسلع، تجبر الناس على البيع والشراء بحسبها؛ ولذلك جاء النهي عن التسعير.


والتسعير هو أن يأمر السلطان، أو نوابه، أو كل من ولي من أمور المسلمين أمرا، أهل السوق أن لا يبيعوا السلع إلا بسعر كذا، فيمنعوا من الزيادة عليه حتى لا يغلوا الأسعار، أو النقصان عنه حتى لا يضاربوا غيرهم، أي يمنعون من الزيادة أو النقص عن السعر المقرر لمصلحة الناس، وذلك بأن تتدخل الدولة في الأسعار، وتضع للسلع أو لبعضها أسعارا معينة، وتمنع كل واحد من أن يبيع بأكثر من السعر الذي عينته، أو بأقل منه، لما ترى في ذلك من مصلحة المجموع.


وقد حرم الإسلام التسعير مطلقا، لما روى الإمام أحمد عن أنس قال: "غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله لو سعرت. فقال: إن الله هو الخالق، القابض، الباسط، الرازق، المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله، ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه، في دم، ولا مال".


ولما روى أبو داود عن أبي هريرة قال: "إن رجلا جاء فقال: يا رسول الله، سعر. فقال: "بل أدعو". ثم جاءه رجل فقال: يا رسول الله، سعر. فقال: "بل الله يخفض ويرفع".


وهذه الأحاديث تدل على تحريم التسعير، وأنه مظلمة من المظالم التي ترفع الشكوى على الحاكم لإزالتها، وإذا فعلها الحاكم أثم عند الله، لأنه فعل حراما. وكان لكل شخص من رعيته أن يرفع الشكوى إلى محكمة المظالم على هذا الحاكم الذي سعر، سواء أكان واليا أم خليفة، يشكو لها هذه المظلمة، لتحكم عليه، وتقوم بإزالة هذه المظلمة. وتحريم التسعير عام لجميع السلع، لا فرق في ذلك بين ما كان قوتا، وما لم يكن كذلك؛ لأن الأحاديث تنهى عن التسعير مطلقا، فهي عامة، ولا يوجد ما يخصصه بالقوت أو بغيره، فكانت حرمة التسعير عامة، تشمل تسعير كل شيء.


وواقع التسعير أنه ضرر من أشد الأضرار على الأمة في جميع الظروف، سواء أكان ذلك في حالة الحرب، أم في حالة السلم، لأنه يفتح سوقا خفية، يبيع الناس فيها بيعا مستورا عن الدولة بعيدا عن مراقبتها، وهي ما يسمونها السوق السوداء. فترتفع الأسعار، ويحوز السلعة الأغنياء دون الفقراء، ولأن تحديد الثمن يؤثر في الاستهلاك، فيؤثر في الإنتاج وربما سبب أزمة اقتصادية.


وفوق ذلك فإن الناس مسلطون على أموالهم، لأن معنى ملكيتهم لها أن يكون لهم سلطان عليها، والتسعير حجر عليهم، وهو لا يجوز إلا بنص شرعي، ولم يرد نص بذلك، فلا يجوز الحجر على الناس بوضع ثمن معين لسلعهم، ومنعهم من الزيادة عليه، أو النقص عنه.


أما ما يحصل من غلاء الأسعار في أيام الحروب، أو الأزمات السياسية فإنه ناتج إما من عدم توفرها في السوق بسبب احتكارها، أو بسبب ندرتها. فإن كان عدم وجودها ناتجا عن الاحتكار، فقد حرمه الله، وإن كان ناتجا عن ندرتها، فإن الخليفة مأمور برعاية مصالح الناس، فعليه أن يسعى لتوفيرها في السوق في جلبها من أمكنتها. وبهذا يكون قد منع الغلاء.


وعمر بن الخطاب في عام المجاعة، الذي سمي عام الرمادة، لما حصلت المجاعة في الحجاز فقط لندرة الطعام في تلك السنة، وقد غلا من جراء ندرته، فلم يضع أسعارا معينة للطعام، بل أرسل وجلب الطعام من مصر، وبلاد الشام، إلى الحجاز، فرخص دون حاجة إلى التسعير".

 

وقبل أن نودعكم أحبتنا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:


1. تسعير الفرد: جعل الله لكل شخص أن يبيع سلعته بالسعر الذي يرضاه. لقول النبي: "إنما البيع عن تراض".
2. تسعير الدولة: حرم الله على الدولة أن تضع أسعارا معينة للسلع، تجبر الناس على البيع والشراء بحسبها.


3. التسعير اصطلاحا:


1) التسعير هو أن يأمر السلطان، أو نوابه، أو كل من ولي من أمور المسلمين أمرا، أهل السوق أن لا يبيعوا السلع إلا بسعر كذا.
2) يمنع أهل السوق من الزيادة عليه حتى لا يغلوا الأسعار.
3) يمنع أهل السوق من النقصان عنه حتى لا يضاربوا غيرهم.
4) أي يمنعون من الزيادة أو النقص عن السعر المقرر لمصلحة الناس.


4. تدخل الدولة الرأسمالية في الأسعار لمصلحة المجموع:


1) تتدخل الدولة في الأسعار، وتضع للسلع أو لبعضها أسعارا معينة.
2) تمنع الدولة كل واحد من أن يبيع بأكثر من السعر الذي عينته، أو بأقل منه، لما ترى في ذلك من مصلحة المجموع.


5. تحريم الإسلام للتسعير:


1) حرم الإسلام التسعير مطلقا.
2) وردت أحاديث تدل على تحريم التسعير، وأنه مظلمة من المظالم.
3) التسعير مظلمة من المظالم التي ترفع الشكوى على الحاكم لإزالتها.
4) التسعير مظلمة إذا فعلها الحاكم أثم عند الله، لأنه فعل حراما.


6. الشكوى إلى محكمة المظالم:


1) لكل شخص من الرعية أن يرفع الشكوى إلى محكمة المظالم على هذا الحاكم الذي سعر.
2) سواء أكان المسعر واليا أم خليفة، يشكو هذه المظلمة، لتحكم عليه، وتقوم بإزالة هذه المظلمة.


7. تحريم التسعير عام لجميع السلع:


1) تحريم التسعير عام لجميع السلع، لا فرق في ذلك بين ما كان قوتا، وما لم يكن كذلك. الأحاديث تنهى عن التسعير مطلقا، فهي عامة.
2) لا يوجد ما يخصص التسعير بالقوت أو بغيره، فكانت حرمة التسعير عامة، تشمل كل شيء.


8. واقع التسعير:


1) واقع التسعير أنه ضرر من أشد الأضرار على الأمة في جميع الظروف.
2) التسعير ضرر سواء أكان ذلك في حالة الحرب، أم في حالة السلم.
3) التسعير يفتح سوقا خفية، يبيع الناس فيها بيعا مستورا عن الدولة بعيدا عن مراقبتها، وهي ما يسمونها السوق السوداء.
4) التسعير يؤدي إلى أن ترتفع الأسعار، ويحوز السلعة الأغنياء دون الفقراء،
5) تحديد الثمن يؤثر في الاستهلاك، فيؤثر في الإنتاج وربما سبب أزمة اقتصادية.
6) الناس مسلطون على أموالهم، ومعنى ملكيتهم لها أن يكون لهم سلطان عليها.
7) التسعير حجر على الناس، وهو لا يجوز إلا بنص شرعي.
8) لم يرد نص بالحجر فلا يجوز الحجر على الناس بوضع ثمن معين لسلعهم، ومنعهم من الزيادة عليه، أو النقص عنه.


9. الأسعار أيام الحروب والأزمات:


1) ما يحصل من غلاء الأسعار في أيام الحروب، أو الأزمات السياسية فإنه ناتج إما من عدم توفرها في السوق بسبب احتكارها، أو بسبب ندرتها.

2) إن كان عدم وجودها ناتجا عن الاحتكار، فقد حرمه الله.
3) إن كان ناتجا عن ندرتها، فإن الخليفة مأمور برعاية مصالح الناس, فعليه أن يسعى لتوفيرها في السوق في جلبها من أمكنتها. وبهذا يكون قد منع الغلاء.
4) لما حصلت المجاعة لندرة الطعام في الحجاز عام الرمادة، وقد غلا من جراء ندرته، فلم يضع عمر بن الخطاب أسعارا معينة، بل أرسل وجلب الطعام من مصر، وبلاد الشام، إلى الحجاز، فرخص دون حاجة إلى التسعير.


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

آخر تعديل علىالسبت, 01 آب/أغسطس 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع