الجمعة، 01 شعبان 1446هـ| 2025/01/31م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
صعود وسقوط الولايات الإسلامية في نوسانتارا (عالم الملايو)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

صعود وسقوط الولايات الإسلامية في نوسانتارا (عالم الملايو)

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

في الثامن والعشرين من رجب 1342هـ، الثالث من آذار/مارس 1924م أسقطت الخلافة العثمانية، منهيةً بذلك نظام حكم وحَّد الأمة الإسلامية وحماها لأكثر من ثلاثة عشر قرناً. وقد كان لهذا الحدث الضخم تأثير عميق على عالم الملايو، حيث كانت الخلافة لفترة طويلة رمزاً للسلطة الإسلامية والتضامن. واستمدت الولايات الماليزية قوتها وسلطتها من ارتباطها بالخلافة. فقد أيدت سلطنة جوهور وآتشيه وبروناي الحكم الإسلامي وشكلت تحالفات مع الخلافة العثمانية، ما عزز الشعور بالوحدة الإسلامية العالمية.

 

التعليق:

 

إن تاريخ السلطنات الماليزية يسلط الضوء على التأثير العميق للإسلام على الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة. على سبيل المثال، أثبتت سلطنة ملقا كيف يمكن للشريعة الإسلامية أن تتجسد في النظام لبناء حضارة مزدهرة وموحدة، من خلال بناء قوانين مثل Hukum Kanun Melaka وUndang-Undang Laut Melaka، حيث أنشأت ملقا إطاراً يحكم التجارة والدبلوماسية والإدارة بما يتماشى مع الأحكام الإسلامية. وقد اجتذب هذا الأمر التجار المسلمين من جميع أنحاء العالم وعزز مكانة المنطقة كمركز مهم في بلاد المسلمين.

 

وبعد سقوط ملقا في أيدي البرتغاليين في عام 1511، تولت سلطنة جوهور وآتشيه وبروناي عباءة الحكم الإسلامي في نوسانتارا. ولم تحافظ هذه الولايات على الحكم الإسلامي فحسب، بل أقامت أيضاً علاقات استراتيجية مع الخلافة العثمانية. على سبيل المثال، تلقت آتشيه الدعم العسكري واللوجستي من الخلافة خلال حملاتها ضد الاستعمار البرتغالي. وفي عام 1568، قاد السلطان علاء الدين رايات شياح من آتشيه هجوماً كبيراً ضد البرتغاليين في ملقا بمساعدة الخلافة، على الرغم من فشل الحملة في نهاية المطاف. وعلى نحو مماثل، استفادت سلطنة بروناي من مساعدة الخلافة في مقاومة العدوان الإسباني في عام 1578. وقد أظهرت هذه التحالفات قوة التضامن الإسلامي العالمي، حيث عملت الخلافة العثمانية كمظلة واقية للبلاد الإسلامية في جميع أنحاء العالم.

 

ولم تكن العلاقة بين الولايات الماليزية والخلافة العثمانية علاقة تعاون عسكري فحسب، بل كانت ترمز إلى التزام مشترك بالحفاظ على الحكم الإسلامي ومقاومة التهديدات الخارجية. وقد عزز اعتراف الخلافة بسلاطين الولايات الماليزية كحكام مسلمين شرعيين ارتباط نوسانتارا بالأمة الأوسع نطاقاً، وعزز وحدة الإيمان والسياسة. كما عزز الدعم الذي قدمته الخلافة قدرة الولايات الماليزية على الصمود في مواجهة القوى الاستعمارية، ما ضمن الحفاظ على الهوية الإسلامية في المنطقة. ولكن الانحدار النهائي لكل من الخلافة العثمانية والسلطنات الماليزية يؤكد على مخاطر الانقسام والاعتماد على القوى الخارجية دون تعزيز داخلي. فقد ترك غياب الخلافة البلاد الإسلامية مجزأًة وضعيفةً، وهو الواقع الذي أثر بشدة على الولايات الماليزية. ومع فقدان السلطة الإسلامية المركزية، كافح عالم الملايو لمقاومة انتهاكات القوى الاستعمارية مثل البرتغال وإسبانيا، ثم بريطانيا وهولندا في وقت لاحق.

 

إن صعود وسقوط الولايات الإسلامية في نوسانتارا يشكل تذكيراً بالغ الأهمية بأهمية الوحدة والالتزام بالإسلام. كما أن العلاقة بين الولايات الماليزية والخلافة العثمانية توضح كيف يمكن للتضامن الإسلامي العالمي أن يعزز ويحمي الولايات. وكما قال عمر الخطاب ذات مرة: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله". وتؤكد هذه الحكمة العميقة على الحاجة إلى ثبات المسلمين على إيمانهم والتوحد في هدفهم.

 

وفي الختام، فإن الماضي الإسلامي في نوسانتارا يشكل شهادة على القوة التغييرية التي يمكن أن تنبع من الإيمان والوحدة. وتوضح الروابط بين الولايات الماليزية والخلافة العثمانية كيف يمكن للحكم الإسلامي والتضامن أن يؤديا إلى المرونة والازدهار. وفي الوقت نفسه، فإن تراجع هذه الأنظمة هي بمثابة قصة تحذيرية، تحث المسلمين الحاليين على التعلم من الماضي وإعطاء الإسلام الأولوية في معالجة التحديات الحديثة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد – ماليزيا

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع