الأحد، 15 شوال 1446هـ| 2025/04/13م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
فكرة بلا طريقة: غياب الرؤية السياسية والتقصير في رعاية الشؤون في خطاب الشيخ هبة الله آخندزاده

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

فكرة بلا طريقة: غياب الرؤية السياسية والتقصير في رعاية الشؤون في خطاب الشيخ هبة الله آخندزاده

(مترجم)

 

 

الخبر:

 

في أول أيام عيد الفطر، ألقى الشيخ هبة الله آخندزاده، زعيم حكومة طالبان، خطاباً دعا فيه إلى الصبر على الفقر، محذراً من خطر الفرقة، ومؤكداً على الالتزام التام بالشريعة الإسلامية ورفض أي قانون غير شرعي.

 

التعليق:

 

في مستهلّ خطابه، اعتبر الشيخ هبة الله الفقر جزءاً من الامتحان الإلهي، ونصح الناس بعدم التذمّر من فقرهم، بل الرضا بقضاء الله سبحانه وتعالى. إن هذا الطرح مقبول ومفهوم من منظور فردي، إلا أنّ صدوره عن حاكم يستدعي التوقف والتأمل، لأنّ من مسؤوليات الحاكم في الشريعة الإسلامية توفير حاجات الناس الأساسية، سواء على مستوى الفرد أو الجماعة. فإذا عجز الحاكم أو امتنع عن تلبية هذه الحاجات؛ من طعام ولباس ومسكن، فإنّ من حق الناس بل من واجبهم أن يُحاسبوه، وهذه المحاسبة لا تُعدّ تجرّؤاً على قضاء الله، بل دليلاً على الوعي الشرعي والنضج الفكري.

 

من جهة أخرى، لا تقتصر مسؤولية الحاكم على نواياه في خدمة الناس، بل تشمل أيضاً نوعية الجهود التي يبذلها وأساسها الشرعي. فالحاكم المسلم ملزمٌ بمعالجة مشكلات المجتمع من خلال الوسائل المشروعة. وإذا قام بإجراءات تبدو نافعة في ظاهرها، ولكنها تقع خارج نطاق الشريعة؛ كالتعامل مع البنوك الربوية، أو فرض الضرائب الجائرة، أو الارتهان للمساعدات المالية من أعداء الأمة، فإنّ هذه الأعمال لا شرعية لها، وتحمّله المسؤولية الشرعية الكاملة.

 

وفي موضع آخر من خطابه، أشار الشيخ هبة الله إلى مسألة التفرّق في صفوف الأمة، معتبراً إيّاها سبباً من أسباب ما تعانيه الأمة الإسلامية من ظلم. ودعا إلى السعي نحو الوحدة ونبذ الخلافات. وهذه الدعوة تحمل بُعدين:

 

الأول، أنها تعكس قلقه من الانقسامات الداخلية ضمن حركة طالبان نفسها، خاصةً في ظلّ المساعي الغربية لتقسيم الحركة إلى جناحين: متشدّد ومعتدل. ويُعدّ الشيخ هبة الله، في الرؤية الغربية، ممثلاً للجناح المتشدد المتمسك بتفسير صارم للشريعة.

 

أما البُعد الثاني، فهو إشارته إلى قضية فلسطين، حيث عدّ التفرقة بين المسلمين سبباً في استمرار معاناة الفلسطينيين. غير أنّه لم يقدّم أيّ خطة أو آلية شرعية لتحقيق الوحدة، واكتفى بالوعظ والموعظة الأخلاقية، في حين أن الإسلام يقدّم أحكاماً ومنهجاً ونظاماً سياسياً واضحاً لتحقيق وحدة الأمة. فالوحدة لا تُنال بالنصائح فقط، بل بإقامة النظام الإسلامي والعودة إلى الطريقة الشرعية، وهذه مسؤولية تقع على عاتق أهل القوة والمنعة، من خلال إقامة الخلافة التي توحّد صفوف المسلمين.

 

وفي جزء آخر من كلمته، كرّر موقفه الثابت من الشريعة، مؤكداً أنّه لن يقبل بأي مادة غير شرعية في القانون، وأنه سيتنحّى عن منصبه إذا طُلب منه خلاف ذلك. هذا الكلام يعكس ورعه الشخصي، لكنه غير كافٍ في مقام الحكم. فالحاكم لا يكفي أن يعتزل الحرام بنفسه، بل يجب عليه أن يواجهه ويمنع وقوعه في المجتمع. أمّا التنحي في مواجهة طلب غير شرعي، بدلاً من التصدي له، فإنه يدل على ضعف في الرؤية السياسية وغياب للفكر المبدئي.

 

تُظهر كلمات الشيخ هبة الله أنه يتصرف كواعظ أكثر منه كقائد سياسي. فتصوّره للدين يغلب عليه الطابع الفردي، ويُسقط التكاليف الجماعية على مقاييس شخصية. وهذا المنهج لا يملك القدرة على إنقاذ المجتمع من أزماته. فالأزمات الاقتصادية لا تُحلّ بالوعظ، والوحدة لا تتحقق بالموعظة. إنّ الأمة الإسلامية بحاجة إلى قادة مبدئيين، يملكون فكرةً وطريقة إسلامية، ويستعدّون لتطبيق الإسلام عملياً. وفقط في ظلّ حكم كهذا يمكن إنقاذ الأمة من الفقر والتفرقة والانحراف.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

يوسف أرسلان

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع