خبر وتعليق أوباما يحرّض الحكام ضد شعوبهم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
في مقابلة أجراها الكاتب توماس فريد بصحيفة نيويورك تايمز، مع الرئيس الأمريكي أوباما، ونشرت في، 2015/04/06م وفي إجابة على سؤال عن مسألة حماية حلفائه العرب السنة، قال أوباما: "بأن "أكبر التهديدات" التي يواجهها حلفاء واشنطن من العرب السنة قد لا تكون قادمة من جهة "إيران المهاجمة"، وإنما "من الاستياء داخل بلدانهم"، وأعرب أوباما عن اعتقاده بأن أكبر التهديدات التي تواجه العرب السنة قد لا تأتي من غزو إيراني، بل من السخط الذي يعتريهم داخل بلدانهم. ومضى إلى القول بأنه سيجري حوارًا صعبًا مع حلفاء الولايات المتحدة العرب في الخليج، وسيعدهم خلاله بتقديم دعم أمريكي قوي ضد الأعداء الخارجيين، بيد أنه يتعين عليهم معالجة التحديات السياسية الداخلية. وتابع "أنه سيلتقي زعماء دول مجلس التعاون الخليجي الست هذا الربيع في منتجع كامب ديفيد" و"أنه يريد أن يناقش مع الحلفاء في الخليج كيفية بناء قدرات دفاعية أكثر كفاءةً وطمأنتهم على دعم الولايات المتحدة لهم في مواجهة أي هجوم من الخارج".
التعليق:
إن تصريحات الرئيس الأمريكي أوباما تحتوي على مسائل عدة تستحق الوقوف عندها، ولكننا سنتوقف عند نقطتين اثنتين لما لهما من أهمية كبيرة، وخطر عظيم على حاضر ومستقبل المنطقة:
أما النقطة الأولى: فهو يقول أنه سيجري حوارًا صعبًا مع حلفاء الولايات المتحدة، وسيعدهم من خلاله بتقديم دعم أمريكي قوي ضد الأعداء الخارجيين، إنه يريد أن يناقش مع الحلفاء في دول الخليج كيفية بناء قدرات دفاعية أكثر كفاءةً، وطمأنتهم على دعم أمريكي في مواجهة أي هجوم خارجي. إن هذا الكلام يحيي فكرة طرحت سابقًا وهي إنشاء درع صاروخي لدول الخليج تديره الولايات المتحدة، بكلفة قدرت في حينها بـ (300 مليار دولار) تتكفل دول الخليج بدفعها.
إن الاستعمار الإنجليزي الذي جثم على المنطقة لعقود عدة، كان قد دخل إلى المنطقة عنوة، ونهب خيرات هذه البلاد جبرًا عن أهلها. أما أمريكا فإنها تريد استعمارًا مدفوع الأجر، إنها تريد أن تبيع أسلحتها لدول الخليج وتقبض الثمن، ثم تأتي برجالها لإدارة هذه الآلة العسكرية بأجر، ثم تنهب وتستعمر المنطقة بالكامل استعمارًا عسكريًا متفقاً عليه مدفوع الأجر. لذلك سماه أوباما حوارًا صعبًا!
حقًا إنه لحوار صعب بأن تقنع أناسًا بتسلطك عليهم، ليس بأعمال سياسية ولا دبلوماسية، بل بآلة عسكرية لا قبل لهم بدفعها، ومع ذلك يدفعون ثمن هذا الاستعمار. إنه استخفاف يصل درجة الوقاحة، واستعلاء وصل حد العنجهية وغرور يؤدي إلى الهلاك.
أما النقطة الثانية فهي أكثر وقاحة من سابقتها، إذ يقول أوباما لهؤلاء الحكام إن أمريكا صديقتكم، وإن إيران مقدور عليها، أما العدو الحقيقي فهو شعوبكم، وعليكم بهم، لا يضركم شيءٌ إذا تمكنتم من حلاقيمهم، وأمسكتم بتلابيبهم، وأجهزتم عليهم، فهم العدو فاحذروهم.
إن أمريكا والدول الاستعمارية الأخرى إنما تستثمر الفجوة والجفوة بين الشعوب والحكام، تخوّف الحكام بشعوبهم فيتسلطون عليهم، فتزيد الفجوة بينهم ليرتمي الحكام في أحضان أمريكا يطلبون الحماية والرعاية، وأنى لهم ذلك، فلو كانت تنفعهم حماية أمريكا لما فر بن علي من تونس، ولما احتمى القذافي بمواسير الصرف الصحي، ولما تنحى مبارك عن السلطة مكرهًا. لكني أقول للحكام ارفعوا رؤوسكم وانظروا ولو مرةً واحدةً بعين باصرة واسألوا أنفسكم لماذا لا توجد فجوة بين حكام وشعوب هذه الدول التي تخوفكم، ولو أنعمتم النظر لأصلحتم ما بينكم وبين شعوبكم؛ الذين تجمعكم بهم عقيدة راسخة؛ عقيدة الإسلام العظيم، ولسيرتم الحياة السياسية وفق منهج الله سبحانه، وأرضيتم الله عز وجل، وأطاعتكم شعوبكم، ولملكتم العالم بأسره، بدل حياة الذل والهوان التي تحيونها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ...».
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس/ حسب الله النور