الجمعة، 27 محرّم 1446هـ| 2024/08/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق الآثار المترتبة عن خروج اليونان من اليورو

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:

\n


بعد التصويت بـ\"لا\" لبرنامج أوروبا لإنقاذ الاقتصاد اليوناني، غرق الاتحاد الأوروبي في أكبر أزمة سياسية، فدُعي القادة الأوروبيون لاجتماع قمة طارئ لمناقشة الوضع، وتعالت الأصوات الأوروبية ضد الموقف الذي اتخذته اليونان وأصرّت عليه. وقد حذّر نائب المستشار الألماني (سيجمار جابرييل) من أن اليونان كانت متجهة نحو \"التخلص من المُر واليأس\" بعد التصويت. وقال رئيس الوزراء البولندي (إيوا كوباسز): \"مع رفض اليونان لقواعد منطقة اليورو، فإن المفاوضات حول برنامج الإنقاذ بالمليارات أصبحت بالكاد يمكن تصوّرها... فتصويت اليونان بـ(لا) يعني أنه لم يبقَ أمامها سوى خيار واحد فقط، وهو الانسحاب من منطقة اليورو\".

\n

 

\n

التعليق:

\n


بعد انهيار وول ستريت في عام 2008م، أصبحت اليونان بؤرة أزمة الديون في أوروبا. ومع استمرار ترنح الأسواق المالية العالمية، أعلنت اليونان في تشرين الأول/أكتوبر 2009م أن أرقام العجز قد تتكشف لها بعد سنوات، وهو ما دق نواقيس الخطر بشأن سلامة اليونان المالية، وبحلول ربيع عام 2010م اتجهت اليونان نحو الإفلاس، وهو ما هدد باندلاع أزمة مالية جديدة. ولتفادي الكارثة، أصدرت ما تسمى \"بالترويكا\" المتمثلة بصندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، والمفوضية الأوروبية، أصدرت أول خطة لإنقاذ اليونان وإصلاح اقتصادها، تكلف أكثر من 240 مليار يورو، وجاءت عملية الإنقاذ هذه مع شروط تقشف قاسية، تتطلب تخفيضات في الميزانية وزيادة حادة في الضرائب، وكانت تتطلب أيضًا من اليونان تبسيط الحكومة، والقضاء على التهرب الضريبي، وفتح أسواق لليونان تقوم بأعمال تجارية. وفي وقت لاحق، وصلت ديون اليونان إلى 175٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ووصل معدل البطالة إلى حوالي 26٪، وهي أعلى نسبة في أوروبا. وببساطة صوّت الشعب مؤخرًا لصالح حكومة سيريزا.

\n


بناء على ما تقدم، فإنه من الصعب أن تبقى اليونان في منطقة اليورو، وهذا يرجع في المقام الأول إلى سببين:

\n


الأول: لقد رفض سكان اليونان بأغلبية ساحقة مقترحات التقشف القاسية التي تنادي بها أوروبا. واليونان لا تريد أن تكون ثرواتها مرتبطة بوجود عملة تطيل حالة التقشف وتبقي الاقتصاد في حالة من الاكتئاب بينما تمتلئ خزائن الدائنين، وفي الوقت نفسه لا تريد أيضًا أن تترك الاتحاد الأوروبي.

\n


الثاني: وضع الديون الحالي للاقتصاد اليوناني لا يمكن تحمله ببساطة، والشعب اليوناني لن يقبل بالاقتراح الذي يزيد من عبء الديون في مقابل أموال الإنقاذ، وقد أتى بالفعل بحكومات تكون غير متعاطفة مع أوروبا. ولكن مع مزيد من مدفوعات الديون للبنك المركزي الأوروبي وغيره من الدائنين في شهر تموز/يوليو، لا بد من أن الصراع بين أوروبا واليونان سيزداد. ومسألة كيفية إنقاذ اليونان، كانت مدار نقاش لأكثر من خمس سنوات، وهي كابوس يطارد الاتحاد الأوروبي.

\n


وكل هذا يعني أن اليونان قريبة جدًا من الخروج من منظومة اليورو، وهذا له آثار عديدة، منها:

\n


1- الوضع اليوناني يؤكد مرة أخرى أن الوحدة الاقتصادية لأوروبا يستحيل تحققُها دون وحدة سياسية، فالأزمة المالية العالمية في عام 2008م، وأزمة اللاجئين الحاليين، والصراع في أوكرانيا، كشف بوضوح قدرة الاتحاد الأوروبي الحقيقية. وما لم تتنازل الدول الأوروبية عن السيادة السياسية، وتتجه نحو نموذج الولايات المتحدة في الحكم، فإن مصير الاتحاد الأوروبي هو الانهيار.

\n


2- بعد أن أصبح العالم مترابطًا كقرية صغيرة، فإن تداعيات خروج اليونان من الاتحاد سيؤثر فيمن هم أبعد من اليونان، وذلك لأن بعض أكبر الدول الأوروبية، مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وغيرها قد قدمت لليونان الكثير، ولا تدرك أيٌّ منها حجم تورط بنوكها في الأزمة اليونانية. وما يزيد الصورة تعقيدًا هو العلاقة المتبادلة بين البنوك الأمريكية والبريطانية مع نظائرها في أوروبا، وانهيار اليونان قد يكون بداية فشل منهجي في النظام المصرفي بأكمله، وبداية أزمة ائتمان عالمية جديدة.

\n


3- ثم إن هناك مسألة فقدان اليورو لقيمته، وتأثر التجارة بين الدول الأوروبية بشدة. فعلى سبيل المثال في بريطانيا قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء البريطاني: \"كان المستشار يتحدث في مجلس العموم يوم أمس عن خروج محتمل لليونان، وكيف سيلحقه مخاطر اقتصادية خطيرة. وبالطبع فإن علينا اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لحماية أنفسنا من مثل هذا الاحتمال\"، وأضاف: \"نحن سوف ننتظر لنرى كيف سيتحرك اليورو، ونحن نراقب عن كثب الوضع في اليونان\".

\n

 

\n

وحتى الهند، وهي دول بعيدة عن هذه الأزمة، تشعر بالقلق الشديد إزاء الوضع الراهن في اليونان، وتخشى هروب رؤوس الأموال من الهند، حيث قال وزير المالية الهندي (راجيف مهريشي): \"يمكن أن تكون هناك بعض ردود الفعل على رفع أسعار الفائدة في البنك الاحتياطي الفيدرالي، وأزمة اليونان قد تؤثر على الهند بشكل غير مباشر\".

\n


4- السكان في بلدان جنوب أوروبا مثل إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، هم أيضا تعبوا من برامج التقشف التي تمليها ألمانيا ودول شمال أوروبا الغنية عليهم، كما أن ارتفاع معدلات البطالة والركود الاقتصادي أصبح مزعجًا. وخروج اليونان من منطقة اليورو يعطي زخما للأحزاب اليسارية في هذه الدول للضغط من أجل خروج مماثل، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار الاتحاد الأوروبي.

\n


5- إن لم تخفف أوروبا من عبء الديون، فقد تتدخل روسيا لتقديم شكل من أشكال الإغاثة. ففي نيسان/أبريل 2015م، نقلت صحيفة كوميرسانت الروسية عن مصدر حكومي مجهول: \"نحن مستعدون في روسيا للنظر في مسألة تقديم تخفيضات في أسعار الغاز المُصدّر إلى اليونان، وذلك مرتبط بأسعار النفط الذي تراجعت تكلفته بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة. ونحن مستعدون لمناقشة إمكانية منح اليونان قروضًا جديدة أيضًا، وفي المقابل نتوقع أن نحصل على أصول معينة في اليونان كخطوة متبادلة\"، وكان رد فعل أوروبا نحو هذا غاضبًا، حيث قال مارتن شولتز (رئيس البرلمان الأوروبي) إنه سيكون غير مقبول من السيد تسيبراس التوجه نحو سياسة روسيا مقابل الحصول على مساعدات من الكرملين، وهو سيكون انقلابًا استراتيجيًا لبوتين وتذكيرًا لبقية أوروبا بأن روسيا ما زالت قوية على الرغم من العقوبات والحرب بالوكالة التي طال أمدها في أوكرانيا.

\n


6- هناك درس مهم لأهل النخبة في تركيا، حيث يتطلعون إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. إن تركيا إذا تحولت إلى نظام الذهب والمبادئ الإسلامية المصاحبة لها، فإنه لن يكون لديها اقتصاد قوي فحسب، بل وستكون لديها فرصة لاستعادة قبرص تحت سيطرتها، وستكون مثالًا يُحتذى به عند البلدان الأوروبية لتلحق بها. وعلاوة على ذلك، فإن تركيا وروسيا ستكونان قبلة الأوروبيين، وبالتالي سيكون لأنقرة دور أقوى في التأثير على الشئون الأوروبية.

\n


ومع ذلك، فإنه من وجهة نظر العالم الإسلامي، والذي أصبح تحت الاستعمار الجديد بقيادة أمريكا وحلفائها الأوروبيين، فإن المأساة اليونانية قد توفر فرصة جيدة للشعوب الإسلامية التي تعارض عدوان القوى الغربية السافر، وأيضًا يمكن أن توفر فرصة لالتقاط الأنفاس وتشجيع العناصر المخلصة في القوات المسلحة في العالم الإسلامي لإعطاء النصرة لحزب التحرير من أجل إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. ﴿...وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

\n

 

\n

 

\n


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي

آخر تعديل علىالأحد, 06 كانون الأول/ديسمبر 2015

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع