حتى عباداتنا لم تسلم من نتانة الوطنية

 

 

 

الخبر:

 

قررت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالتنسيق مع وزارة القوى العاملة منع العمالة الوافدة من رفع الأذان والإقامة وإمامة المصلين. (المصدر: مسقط-أثير)

 

التعليق:

 

إن أي مسلم غيور على دينه ذي وعي صحيح يسأل: بأي دليل شرعي من كتاب الله وسنة نبيه يتم منع من تصفهم الدولة "عمالة وافدة" من رفع الأذان والإقامة وإمامة المصلين؟ ألم يسمعوا ببلال مؤذن رسول الله r؟! كيف تجرأ هؤلاء واعتبروا ابن مصر أو السودان أو الأردن أو باكستان أو غيرهم من المسلمين، "أجانب" و"عمالة وافدة" في هذا البلد أو في غيره من بلاد المسلمين؟ ألسنا نحن المسلمين أمة واحدة، وربنا واحد، وشريعتنا واحدة؟! ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾. ألم ينهَنا نبينا الكريم r عن الوطنية حين قال: « دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»؟

 

إن قراركم يا "وزارة الأوقاف والشؤون الدينية" ببساطة مردود عليكم، فهو تفوح منه رائحة الوطنية المنتنة ويكرس التفرقة بين أبناء أمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.

 

إن رائحة الوطنية العفنة هذه تخنق المسلمين في عُمان كل عام في شهر رمضان وذلك بتأخير إعلان بدء الصوم ونهايته بيوم عن باقي البلاد الإسلامية من قبل هذه الحكومة التي جعلت الهلال تابعاً لحدودها الوطنية التي رسمها الكفار، وبفتاوى علماء السلاطين التي تبيح عدم توحيد الصوم بل وتحرم عليهم الخروج عن أمر "ولي الأمر". ولم تكن بداية رمضان هذا العام استثناء فقد أعلنت الحكومة أمس عدم ثبوت رؤية هلال شهر رمضان على الرغم من ثبوت رؤية الهلال رؤية شرعية في بعض بلاد المسلمين.

 

وبالطبع فإن عبادة الحج، الذي يعتبر مظهرا من مظاهر وحدة الأمة، لم تسلم هي الأخرى من بدعة الوطنية. ففي وقت سابق من الشهر الماضي قامت الوزارة أيضا بتكريس مظاهر التفرقة بين المسلمين على أساس الوطنية حين صرحت لشركات خاصة لنقل الحجاج العمانيين، وأخرى للحجاج الوافدين العرب، وأخرى للحجاج الوافدين غير العرب!! فيا للعجب أليس كلهم مسلمين ووجهتهم واحدة وهدفهم واحداً، فلم هذا التفريق؟!

 

إن هذا التمييز والتفريق بين أفراد الأمة الواحدة هو جزء من السياسة القذرة التي تتبعها جميع الدول القائمة في بلاد المسلمين لتركيز فكرة الوطنية المقيتة التي فُرضت على بلاد المسلمين وعقولهم منذ أن هدم الكافر المستعمر دولتهم التي كانت توحدهم على أساس عقيدتهم. لقد أصاب المسلمين المصائب والويلات من جراء هذه الفكرة الفاسدة المقيتة التي تمنح الحق لهذه الحكومات الضرار باعتبار كل ما هو خارج الوطن دخيلاً وعدواً للوطن، وبسن قوانين تعسفية لا إنسانية مناقضة لأحكام الله ضد هؤلاء "الدخلاء"، مما أدى إلى تحطيم روابط المودة والأخوة الإسلامية التي تربط المسلمين بعضهم ببعض.

كل هذا يشير بوضوح إلى مدى حاجة الأمة اليوم إلى نبذ هذه الفكرة العفنة المقيتة الدخيلة على الأمة التي تنخر في جسد الأمة وتشقيها. وقد آن الأوان لأن تنصر الأمة أبناءها المخلصين العاملين على توحيدها في دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، بوصفها دولة إسلامية لجميع المسلمين في العالم.

 

﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

فاطمة بنت محمد