السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
القومية لن توحد أمريكا أبدا، ولن تقضي على العنصرية فيها (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

القومية لن توحد أمريكا أبدا، ولن تقضي على العنصرية فيها

 

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

وفقًا للأنباء التي قدمتها (Vox) الأحد الماضي، 17 تموز/يوليو، فقد تعرضت مجموعة من رجال الشرطة لإطلاق نار أدّى إلى مقتل ثلاثة منهم في باتون روج، لويزيانا. وقد تم التعرف على المشتبه به والذي تم قتله على يد مسؤولي تنفيذ القانون في تبادل إطلاق نار، وهو غافن لونغ (29 عامًا) من مدينة كانساس سيتي بولاية ميسوري. هذا ووضع قسم شرطة باتون روج تحت الرقابة الأمنية في الأسابيع الأخيرة بعد أن ظهر فيديو مقتل آلتون ستيرلينغ، وهو رجل أسود (37 عاما)، على يد ضابطين في شرطة باتون روج في الخامس من تموز/يوليو. ومنذ ذلك الحين والاحتجاجات مستمرة في البلاد، إلى جانب رفع الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية دعوى قضائية ضد قسم الشرطة هذا لانتهاكه حقوق السود في الاحتجاج. وبالمثل، فقد عاشت أقسام شرطة حالة من التوتر في أعقاب قيام ميكا إكس جونسون - وهو قناص - بقتل خمسة من ضباط الشرطة في دالاس في السابع من تموز/يوليو في نهاية احتجاج على إثر مقتل ستيرلينغ وفيلاندو ذي 32 عامًا والذي تعرض للقتل على يد الشرطة في ولاية مينيسوتا.

 

التعليق:

 

لفهم ما جرى في الآونة الأخيرة من عمليات قتل لضباط شرطة في الولايات المتحدة على يد سود من أصول إفريقية، فنحن بحاجة إلى معرفة السبب الكامن وراء هذه الهجمات التي تستهدف ضباط شرطة بيضاً، نحن بحاجة إلى فهم مدى الإحباط والاستياء الذي أصاب الأمريكيين السود ما دفعهم إلى مثل هكذا أعمال عنف، والأهم من ذلك كله، نحن بحاجة إلى فهم التفاوت الطبقي الحالي في المجتمع في أمريكا. ولفهم كل ذلك، علينا التنقيب عميقًا في بضع مئات من سنوات مضت من تاريخ العنصرية الأمريكية، المليء بالتمييز العنصري الوحشي والتصرفات المخزية التي انتهجها الأمريكيون البيض ضد الملونين.

 

لقد زرعت بذور العنصرية في أمريكا منذ اللحظة الأولى التي وطئت فيها أقدام من سمُّوا الأوروبيين المدنيين البيض أرض السكان الأصليين الأمريكيين الذين قتلوا وشردوا من بلدهم في وقت لاحق. وبعد فترة وجيزة من تلك الأحداث ظهر الأفارقة في المشهد. كانت هناك حاجة لهم كعبيد لزراعة ملايين الأفدنة من الأراضي الشاسعة التي سرقت من الأمريكيين الأصليين ليحصد المستوطنون الجدد ثروة هائلة لا تحصى. اختُطف هؤلاء الأفارقة الفقراء من بلادهم وبيعوا في أمريكا كعبيد. كانوا يجرَّدون من هوياتهم وأسمائهم ويجبرون على التنصر. كانوا يجلدون ويعذبون بل في حالات أخرى كثيرة كانوا يعدمون أو يحرقون حتى الموت من قبل سادتهم البيض الذين كانوا يعتبرون العبودية مفتاحًا للحفاظ على ممتلكاتهم الواسعة. بعد حوالي قرنين ونصف، حُظرت العبودية أخيرًا وبشكل رسمي في الولايات المتحدة، وتم تقبل هؤلاء الأفارقة الفقراء بصفتهم رعايا إلا أن القوانين العنصرية منعتهم من تملك العقارات وحتى التصويت. ثم جاءت قوانين جيم كرو المقترحة المخزية والتي اعتبرت السود بالفطرة أدنى ثقافيًا وفكريًا من البيض. وكان مما يدرِّسه اللاهوتيون: أن البيض هم شعب الله المختار وأن السود خلقوا ليكونوا عبيدا.

 

صحيح أن في أمريكا اليوم قانونًا يمنع العنصرية والتمييز ضد السود ويحظرهما، إلا أن هذا موجود بالخفاء. ولا يزال مفهوم سيادة الرجال البيض سائدًا في جميع مناحي المجتمع في أمريكا ولا يزال كونك أسود جريمة في أمريكا. في عيون ضباط الشرطة البيض، كل ذكر أسود مجرم محتمل، أو مسبب للمشاكل مفتعل لها، أو شخص خطير. وتشير الدراسات إلى أن الشرطة تتعرض بشكل أكبر وتوقف وتفتش السود أو اللاتينيين أكثر من البيض. ففي مدينة نيويورك 80% من السائقين الذين تم إيقافهم كانوا من السود أو اللاتينيين، و85% منهم تم تفتيشهم، فيما تعرض 8% فقط من البيض للإيقاف. بعد الاعتقال كان الأمريكيون من أصول إفريقية أكثر عرضة بنسبة 33% من البيض للاحتجاز. وعلاوة على ذلك، ففي السنوات الأخيرة أظهر مقتل العديد من الأمريكيين من أصول إفريقية بأن الرجل الأسود الأعزل في الولايات المتحدة معرض بنسبة عالية للموت على يد ضابط شرطة أبيض ومن دون سبب.

 

بعد حادثتي إطلاق النار في دالاس وباتون روج، دعا رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما الأمريكيين إلى نقاشات جادة متعلقة بالعلاقات العِرقية وإصلاح نظام العدالة الجنائية. لكن ما عليه معرفته هو أن السبب الجذري للمشكلة يكمن في الأيديولوجية ذاتها التي يتبنونها والتي تنشر مفهوم القومية الذي يحمل معنى الانقسام والفرقة في طبيعته. كيف يمكن للأمريكيين السود أن يندمجوا في المجتمع في أمريكا دون أي تحيز ضدهم في الوقت الذي يعتقد فيه الأمريكيون البيض ويؤمنون إيمانا راسخًا بأن عرقهم يتفوق بدرجات على عرق الأمريكيين من أصول إفريقية؟ لقد رأينا الدّمار الذي جلبته ألمانيا النازية للعالم تحت لواء القومية الألمانية التي تبنتها. ورأينا كيف أن أمريكا دمرت دولاً ذات سيادة كالعراق وأفغانستان وقتلت المئات بل الآلاف من المسلمين الأبرياء ليس لشيء إلا للحفاظ على مصلحتها الوطنية العليا. وشاهدنا كيف يُقتل الروهينغا المسلمون ويعذبون ويطردون من بلادهم من قبل النظام البوذي الإرهابي تحت شعار القومية. وبالتالي، فلا يمكن للقومية أن توحد الأقليات الإثنية، بل على العكس فهي تشجع وتُذكي الفصل العنصري وتخلق التوتر بين الأعراق، وها نحن نرى أثرها بعد 400 عام: فشلت في دمج الأمريكيين من أصول إفريقية في المجتمع في أمريكا.

 

يشهد التاريخ بأن العقيدة الإسلامية في ظل دولة إسلامية كانت وحدها القادرة على توحيد الناس على اختلاف جنسهم ولونهم ودينهم ومكان سكناهم، تلك الدولة التي امتدت من شمال إفريقيا إلى آسيا الوسطى، فوحدت الناس جميعًا من الشرق الأوسط، وإفريقيا وأجزاء من أوروبا، وآسيا الوسطى، وشرق آسيا وحتى جنوبها تحت لواء واحد لواء العدل والحق، حيث عاشت جميع الأعراق في أمن وأمان دون أي تمييز أو فصل عنصري. حكم المسلمون الأفارقة السود المعروفون باسم المور، إسبانيا 700 عام، وقرنًا وراء قرن وتحت راية الدولة الإسلامية كانت إسبانيا بؤرة اجتمع فيها الناس على اختلاف أعراقهم ودياناتهم يهود ونصارى ومسلمين. أما أمريكا فبعد 400 عام فهي لا تزال تناقش كيفية القضاء على مفهوم "سيادة الرجل الأبيض ودونية الرجل الأسود" من ديارها، في حين حطم رسول الله eهذا المفهوم الجائر قبل 1400 عام عندما قال e: «أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى، ألا هل بلَّغت؟ اللهم فاشهد» رواه مسلم

 

وعلاوةً على ذلك فإن الإسلام يرفض بشدة ويحرم "العصبية" (القومية/القبلية/الوطنية/العنصرية) وهذا واضح في أحاديث كثيرة مرويّة عن النبي محمد e، قال رسول الله eفي واحد منها «من قاتل تحت راية عمية، يقاتل عصبية، ويغضب لعصبية، فقتلته جاهلية» (أبو داوود)

 

وعند قيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة قريبًا إن شاء الله، فإن العالم كله بما في ذلك أمريكا، سيشهد جمال الفكر الإسلامي وعقيدته. وستعمل الدولة الإسلامية من جديد على صهر الشعوب على اختلاف أعراقهم وألوانهم ولغاتهم وأديانهم وذلك بالقضاء على مفهوم العنصرية الفاسد السائد في هذا العالم.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

فهميدة بنت ودود

آخر تعديل علىالأحد, 07 آب/أغسطس 2016

وسائط

2 تعليقات

  • Khadija
    Khadija الإثنين، 25 تموز/يوليو 2016م 09:22 تعليق

    نأمل أن تكون هذه الجهود دافعاً لنا للتمسك بأحكام هذا الدين والعضّ عليها بالنواجذ، وزيادة الثقة بها .والعمل على إيجاد من يقوم بتطبيق الإسلام بكامل أحكامه، ومنها السياسة الإعلامية.
    ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما تنشرون وأن ينفع المسلمين به، وأن يجعله الله في ميزان حسناتنا جميعا وأن يهيئ لهذه الأمة من يطبق هذا الدين كما أمر الله...اللهم آمين آمين

  • إبتهال
    إبتهال الإثنين، 25 تموز/يوليو 2016م 09:22 تعليق

    بوركت يمناك أختي

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع