- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
فوكوياما: فوزُ ترامب يشكلُ نقطةَ تحولٍ مفصليةٍ للنظامِ العالمي
الخبر:
اعتبرَ الفيلسوفُ والأستاذُ الجامعيُّ الأمريكيُّ فرانسيس فوكوياما، أنَّ فوزَ المرشحِ الجمهوريِّ دونالد ترامب في الانتخاباتِ الأمريكيةِ، نقطةَ تحولٍ مفصليةٍ للنظامِ العالمي.
وتابعَ الكاتبُ أنّ رئاسةَ ترامب للولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ تدشنُ عصرا جديدا من القوميةِ الشعبويةِ، يتعرضُ فيها النظامُ الليبراليُّ الذي أخذَ في التشكلِ منذُ خمسيناتِ القرنِ العشرين للهجومِ من قبلِ الأغلبياتِ الديمقراطيةِ الغاضبةِ والمفعمةِ بالطاقةِ والحيوية.
وحذرَ الفيلسوفُ الأمريكيُّ من خطورةِ الانزلاقِ نحو عالمٍ من القومياتِ المتنافسةِ والغاضبةِ في نفسِ الوقت، وإذا ما حدثَ ذلك فإننا بصددِ لحظةٍ تاريخيةٍ حاسمةٍ مثلَ لحظةِ سقوطِ جدارِ برلينِ في عام ألفٍ وتسعِمائةٍ وتسعةٍ وثمانين 1989.
وأضافَ أنّ وعودَ ترامب بأنْ "يعيدَ لأمريكا مكانتَها"، جعلَ العمالَ المنضوينَ في النقاباتِ المهنيةِ، والذينَ كانوا قد تلقوا ضربةً موجعةً بسببِ تراجعِ المشاريعِ الصناعيةِ، يصوتونَ له، مشبهاً ذلك بما حدثَ عندَ التصويتِ لخروجِ بريطانيا من الاتحادِ الأوروبي.
وبيّنَ أنه "كان هناكَ فشلٌ سياسيٌّ في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ من حيثُ إنّ النظامَ لم يمثلُ بشكلٍ كافٍ الطبقةَ العاملةَ التقليدية. كان الحزبُ الجمهوريُّ واقعا تحتَ وطأةِ هيمنةِ المؤسساتِ التجاريةِ الأمريكيةِ وحلفائِها الذينَ جنوا أرباحاً سخيةً من العولمة. في تلك الأثناءِ كان الحزبُ الديمقراطيُّ قد تحولَ إلى حزبِ السياساتِ المتعلقةِ بالهويةِ: الائتلافُ النسويُّ، والأمريكيونَ الأفارقة، والأمريكيونَ من أصولٍ لاتينيةٍ، والمدافعونَ عن البيئةِ، ومجتمعُ اللواطيينَ والسحاقياتِ والمتحولينَ جنسياً، الأمرُ الذي أفقدَهُ الاهتمامَ بالقضايا الاقتصادية".
واعتبرَ أنّ فترةَ رئاسةِ ترامب "ستؤذنُ بانتهاءِ العهدِ الذي كانت فيه الولاياتُ المتحدةُ تشكلُ رمزاً للديمقراطيةِ نفسِها في أعينِ الشعوبِ التي ترزحُ تحتَ حكمِ الأنظمةِ السلطويةِ في مختلفِ أرجاءِ العالم. ما لبثَ النفوذُ الأمريكيُّ يعتمدُ باستمرارٍ على "القوةِ الناعمةِ" أكثرَ مما يعتمدُ على استعراضِ العضلاتِ ونشرِ القواتِ كما حدثَ في غزوِ العراق".
وخلصَ الأستاذُ الجامعيُّ الأمريكيُّ، في مقالِهِ، إلى أنَّ التحديَّ الأكبرَ الذي يواجهُ الديمقراطيةَ الليبراليةَ اليومَ ينبعُ من الداخلِ في الغربِ، في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وفي بريطانيا وفي أوروبا وفي عددٍ آخرَ من البلدان. (المصدر: ، الثاني عشرَ12 تشرينَ الثاني ألفينِ وستةَ عشرَ 2016)
التعليق:
فرانسيس فوكوياما هذا قد تنبّأ ذاتَ مرةٍ بنهايةِ التاريخِ الأيديولوجيِّ للإنسانِ وانتصارِ النظامِ الرأسماليِّ الديمقراطيِّ الليبراليِّ، وذلك في كتابهِ الشهيرِ "نهايةُ التاريخِ والإنسانُ الأخير" الذي صدرَ عامَ ألفٍ وتسعِمائةٍ واثنينِ وتسعينَ للميلادِ 1992م، ثم تراجعَ عن مقولتِهِ الأساسيةِ فيما بعدَ، وها هو الآنَ يقررُ نقطةً مفصليةً تاريخيةً أخرى! وهو في تنقلاتِهِ يشبهُ نوعاً ما الرئيسَ الجديدَ ترامب الذي كانَ عضواً في الحزبِ الديمقراطيِّ عامَ ألفٍ وتسعِمائةٍ وسبعةٍ وثمانينَ للميلادِ 1987م، وفي عام ألفٍ وتسعِمائةٍ وتسعةٍ وتسعينَ للميلادِ 1999م انضمَ إلى الحزبِ الجمهوريِّ، وبحلولِ عامِ ألفينِ وواحدِ 2001 انضمَ إلى الحزبِ الديمقراطيِّ، وفي عامِ ألفينِ وتسعةٍ للميلادِ 2009م رجعَ إلى الحزبِ الجمهوري!
وعلى أيةِ حال، فقد أحدثَ فعلاً فوزُ ترامب بالرئاسةِ الأمريكيةِ صدمةً ورعباً في أمريكا وخارجها، كما أحدثَ استقطاباً حاداً في المجتمعِ الأمريكي. إلا أنه يظلُّ استقطاباً داخلَ منظومةِ المبدأِ الرأسماليِّ الديمقراطيِّ، وصدمةً تؤثرُ بلا شكٍ في مسيرةِ الدولةِ الأمريكيةِ، وبروزاً لمزاجٍ قوميٍّ عنصريٍّ يقفُ على يمينِ أو أقصى يمينِ المستوى السياسي.
إلا أنّ التغييرَ التاريخيَّ الحقيقيَّ للنظامِ العالمي، والصدمةَ الحقيقيةَ التي ستهزُّ أركانَ العالمِ فتسقطُها وتقيمُ أركاناً جديدةً، تتمثلُ بولادةِ حضارةٍ جديدةٍ بطريقةِ حياةٍ جديدةٍ ودولةٍ جديدةٍ. والمؤهلُ الأوحدُ للقيامِ بهذهِ المهمةِ التاريخيةِ النبيلةِ هي أمةُ الإسلام. أمةُ الإسلامِ التي تحسّستْ طريقَ النهضةِ، والتي زُرعتْ فيها مفاهيمَ الكفاحِ والجهادِ، بل ومارسَ ذلكَ عملياً أبناؤها المخلصون، والتي تتطلعُ لحكمِ الشريعةِ في ظلِّ خلافةٍ على منهاجِ النبوةِ؛ خلافةٍ تُعيدُ للشرعِ سيادتَهُ وللأمةِ سلطانَها. خلافةٍ تحملُ العدلَ والطهرَ والقيمَ الروحيةَ والأخلاقيةَ والإنسانيةَ إلى العالمِ فتخرجُهُ من جورِ الديمقراطيةِ إلى عدلِ الإسلامِ، ومن ضيقِ الدنيا إلى سعةِ الدنيا والآخرةِ، ومن حكمِ الطواغيتِ إلى حكمِ الأئمةِ الراشدين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. أسامة الثويني – دائرة الإعلام / الكويت
وسائط
1 تعليق
-
اللهم سدد خطى حزب التحرير واجعل اللهم أفئدة الناس تهوي إليه ولين اللهم قلوب من بيدهم القوة لنصرة دعوته.