- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تتعدد أشكال الفساد والداء واحد
الخبر:
تناولت معظم الصحف المحلية في السودان منذ عدة أشهر خبر حصول 34 شركة دواء على مبلغ 230 مليون دولار كانت مخصصة لاستيراد أدوية بسعر مخفض/مدعوم للدولار يتراوح بين 6.1 و 6.8 جنيهاً سودانياً، ولم تستورد حبة واحدة. عادت القضية للتفاعل من جديد بعد تحرير الدولة لسعر دولار الدواء، فبدلا من الرقم المذكور آنفا لدولار الدواء أصبح على مستوردي الأدوية شراء الدولار بسعر 15.8 أو تزيد.
أوردت جريدة الجريدة السودانية في صفحتها الأخيرة ليوم الجمعة 25 تشرين الثاني/نوفمبر ما يلي:
السيد وزير العدل أدلى ببيان أمام البرلمان كشف فيه عن القبض على 9 في قضية شركات الدواء من بينهم مدير سابق لأحد المصارف في 3 قضايا من ضمن 12 قضية سجلتها نيابة المال العام على الشركات التي خالفت منشور تمويل الدواء، سيادته أشار إلى تسويات تمت مع 3 شركات و9 أسماء أعمال، وتمكن بنك السودان من استعادة 28 مليون درهم من أصل 104 ملايين درهم إماراتي من هذه الشركات‘ وتوقع استرداد مبلغ 3 ملايين يورو في غضون أسبوع من شركات أخرى.
التعليق:
بدأت هذه القصة المأساة بمنشور لبنك السودان المركزي في حزيران/يونيو 2016 حظر بموجبه 34 شركة للأدوية من التعامل المصرفي كليا لمخالفتها المنشور الخاص باستغلال نسبة 10% من الصادرات غير البترولية المخصصة لاستيراد الأدوية في أغراض أخرى غير استيراد الدواء. على أثر ذلك أصدرت شعبة مستوردي الأدوية التابعة لاتحاد الغرف الصناعية بيانا مدفوع الثمن في الصحف اليومية ذكرت فيه أن 32 شركة من أصل الـ34 لا علاقة لها باستيراد الأدوية مطلقا، وهي ليست مسجلة ومعتمدة من مجلس الأدوية والسموم، الجهة الحكومية التي تعتمد الشركات المستوردة للدواء وتعطيها الإذن بذلك. لم يكتف المنشور بذلك وإنما اتهم مصارف تجارية وموظفين بتسهيل مهمة هذه الشركات الوهمية في الحصول على تلك الأموال. تفاعلت القضية في حينها إعلاميا ولفترة وجيزة ثم ماتت ولحقها النسيان كغيرها من قضايا الفساد والإفساد في بلد حكومة الحركة الإسلامية السودانية، مثل أموال المدينة الرياضية، وأموال الأوقاف في الخارج، والقطار الداخلي في الخرطوم، وقبلهم طريق الإنقاذ الغربي، والقائمة تطول...! في حينه وحتى الآن لم نعرف بالضبط ماهية هذه الشركات، من يمتلكها؟ وما هي أسماؤها؟ وكيف استطاعت أن تتحايل على البنوك؟ ووو. خرج علينا وزير العدل مؤخرا في البرلمان وحدثنا أن وزارته قد شكلت لجنة للتسوية مع هذه الشركات استطاعت أن تسترد جزءاً من الأموال وتنتظر الحصول على بعض المال من بعضهم في غضون أسابيع وأيام آتية.
السؤال الذي يطرح نفسه: ما السر في تكرار هذه الاختلاسات والاحتيالات على المال العام؟
الإجابة بدون شك هي: التساهل غير المسبوق والمحير من قبل الدولة تجاه الفاعلين.
هل هذه كل الحقيقة؟ الإجابة قطعا: لا، لماذا؟
لأن التخبط الذي تعيشه دولة المشروع الهلاكي للحركة الإسلامية السودانية هذه الأيام ينذر ببداية النهاية الحقيقية والزوال الأبدي لهذه الفئة من سياسيي بلدنا السودان. الدولة ترفع الدعم عن الدواء، وزير المالية يصر على قراره الكارثي هذا، نواب حزبه أو قل بعض البارزين فيهم، كأمين حسن عمر، يطالبون دولتهم بإبقاء نوع من الدعم. الشارع يبدأ بالتململ على خوف من البشير ومليشياته (جهاز الأمن والمخابرات الوطني). يخرج علينا مجلس الأدوية والسموم بقائمة لبعض الأدوية وأسعار لها، بعد أن رفعت دولته اليد عن سعر دولارها. في الحلقة قبل الأخيرة لهذا المسلسل السمج يصدر رئيس الجمهورية قرارا بإقالة الأمين العام (رئيس) لمجلس الأدوية والسموم. وفي الحلقة الأخيرة يعقد وزير الصحة الاتحادي مؤتمرا قبل ساعات يعلن فيه خطأ القائمة السابقة ويعلن عن قائمة جديدة ويبشر ببقاء سعر الدواء على قيمته القديمة (لبعض أنواع الأدوية والأمراض) في كل أنحاء البلاد! كيف سيتم ذلك مع بقاء تحرير سعر دولار الدواء؟ لا نعلم، وأظنه لا يعلم أيضا! هذا التخبط في هذه القضية شديدة الحساسية جعلنا نقول بقرب النهاية.
نعود لجواب سؤالنا:
المشكلة لم تبدأ بقضية فساد وكيفية تعامل الدولة معها، أصل المشكلة أن الدولة لم تضع لنفسها خطا واضحا مفصّلا لحل ما يواجهها من مشاكل وعقبات ولم تسر على هدى، بكلمات واضحات فاضحات فالدولة تقول إنها أتت لإنقاذ السودان وأهله من الضياع والزوال وذلك بالاعتماد على الإسلام وفكره والقوة الكامنة فيهما، فرأيناها من أول يوم يخالف فعلها قولها. فقد ظلت دولة قطرية وطنية لأهل السودان فقط، لم تسع ولم تدع لوحدة بلاد المسلمين، بل فصلت جنوب البلاد وتسعى لتفتيت ما تبقى منه. حافظت على قوانين غير إسلامية في السياسة والاقتصاد والتعليم وغيره. أبقت على عضويتها في أحلاف إقليمية ودولية وهي تردد أن هذه الأحلاف والمنظمات تظلمها ولم تجلب الخير للمسلمين قط، كالمؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة. تدعي معاداة دول الاستكبار العالمي، كأمريكا، ويخرج علينا وزير خارجيتها يبشرنا باستمرار الحوار مع أمريكا التي تجدد عقوبات اقتصادية سنويا، تصفها الدولة بأنها أس مشاكلها الاقتصادية، بل ويهنئ رئيسها الراقص دونالد ترامب على فوزه!
هذه هي المشكلة الحقيقية: دولة الحركة الإسلامية السودانية لا علاقة لها بالإسلام منذ يومها الأول، والإسلام منها براء.
التململ الذي يحدث اليوم لا بد له أن يأخذ شكلا واضحا لا لبس فيه:
نريد عدل الإسلام في أخذ المال وتوزيعه، نريد لمال الملكية العامة وملكية الدولة (مثل البترول، والمعادن، والكهرباء من الأنهار) أن يصرف في رعاية شؤوننا كما أمر ربنا،
نريد ضمان المأكل والملبس والمسكن والتعليم والتطبيب لأن الإسلام قد كفل ذلك لكل من يحمل تابعية دولته بقطع النظر عن معتقده،
نريد أن نأمر بالمعروف في السياسة والحكم والاقتصاد وكل شأن من شئون الحياة من دون أن ندخل للسجون، لأن الله قد جعلنا خير الناس لأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر،
نريد أن نرى المستضعفين في الأرض ينظرون لتكريم الله لبني آدم في دولة الإسلام فيدخلوا في دين الله أفواجا.
نختم فنقول:
الأتقياء الأنقياء من حملة مشعل الإسلام سيكونون بين الناس يرسمون الخط المستقيم بجانب الخطوط المعوجة، يبصّرون أهلهم بعظمة دينهم ووجوب تطبيقه في دولة الإسلام، دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، ويشحذون همة أهل القوة والمنعة من ضباط الجيش ليكونوا أنصارا لله ولرسوله، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يحيى عمر بن علي
وسائط
1 تعليق
-
بارك الله بكم . ونسأله تعالى أن يَمُنَّ علينا بقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة .