الثلاثاء، 03 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
العقيدة الإسلامية عقيدة سياسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

العقيدة الإسلامية عقيدة سياسية

 

 

 

الخبر:

 

نشر الدكتور السيد ولد أباه مقالة بعنوان "الإسلام واللاهوت السياسي" في صحيفة الاتحاد الإماراتية الصادرة يوم الاثنين 2017/8/21، نزع فيها الصفة السياسية عن العقيدة الإسلامية، حيث يفتتح مقالته بقوله: "من المثير حقاً الفرق الجوهري بين مركزية الدولة في خطاب الإسلام السياسي الراهن وضآلة الاهتمام بالمسألة السياسية عموماً في التقليد الإسلامي عقيدة وفقهاً وأخلاقاً. فإذا كان المتكلمون السنة درجوا على تناول موضوع الإمامة في كتب العقيدة، إلا أنهم يحرصون على التأكيد أنها ليست من أصول الاعتقاد بل هي من الظنيات التي لا يقين فيها، مكتفين بأطروحتين أساسيتين: وجوب نصب الإمامة لاتقاء الفتنة وصيانة وجود الجماعة، والنص على آلية الاختيار والبيعة ضمن شروط مرنة تراعي خصوصيات الظرفية التاريخية للأمة".

 

التعليق:

 

أود طرح بعض الأسئلة الشرعية على كاتب المقال، حول عدد من الآيات الكريمة، منها قوله تعالى في سورة النور: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ...﴾، هل الحكم الموجود في الآية الكريمة من أركان العقيدة أو أفكارها؛ أم هو حكم عملي؟ والسؤال نفسه في قوله تعالى في سورة المائدة: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا...﴾، والسؤال نفسه يطرح على الكاتب حول عشرات الآيات التي تضمنت أحكاماً شرعية تنظّم سلوك الفرد والمجتمع. لو رجع كاتب المقال إلى كتب الفقه لوجد أن الفقهاء يبحثون هذه المسائل في الفقه وليس في العقيدة لأنها أحكام عملية لتنظيم العلاقات في المجتمع.

 

والسؤال الثاني: ما الحكم الشرعي في من يُنكرُ الحكم الشرعي الوارد في تلك الآيات؟ أليست تلك الآيات قطعية الثبوت قطعية الدلالة؟ أي أن منكر الحكم الموجود فيها كافر عند جميع الفقهاء لوروده في نص قطعي الثبوت قطعي الدلالة. فليرجع كاتب المقال إلى كتب الفقه ليتأكد من ذلك.

 

والسؤال الثالث: من الذي يطبّق هذه الأحكام الشرعية؟ أليس إمام المسلمين وخليفتهم هو الذي يقيم شرع الله ويطبق الحدود على الناس في المجتمع؟ ولا يجوز لفرد غير الإمام أو من ينيبه عنه مهما كانت صفته أن يطبق هذه الحدود، فليرجع كاتب المقال ولينظر في كتب الفقه وليتأكد من ذلك.

 

خلاصة الأسئلة السابقة: ليس بالضرورة أن يكون الأمر من أصول الاعتقاد حتى يكون الاهتمام به أكثر من غيره، وثمرة مسألة القطعي والظني عند الأصوليين والفقهاء إنما هي للتفريق بين ما يجب اعتقاده، وما يحرم اعتقاده، أما العمل بالنصوص الشرعية فلا خلاف بين علماء الأمة قديمهم وحديثهم في وجوب العمل بالظني، سواء أكان وارداً في القرآن الكريم أم في السنة النبوية.

 

ومسألة تحكيم شرع الله تعالى في كيان سياسي لم يختلف فيها علماء الأمة وفقهاؤها، وللاختصار أحيل الكاتب إلى مكان جمع قدراً كبيراً من أقوال علماء الأمة في وجوب وجود كيان سياسي للمسلمين يتمثل في دولة الخلافة على منهاج النبوة في صفحة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير.

 

وأمر آخر يستحق الوقوف عنده في مقال الكاتب وهو استنتاجه الغريب في نهاية مقاله بقوله: "ومن هنا يتسنى لنا القول إن ربط العقيدة بالسياسة في الإسلام ليس سوى بدعة مستحدثة في الفكر الإسلامي"، فلعله قد غاب عن بال كاتب المقال أن السياسة تعني رعاية الشؤون، وهل هناك ما هو أولى من الإسلام (عقيدة تنبثق عنها معالجات الحياة) أن يكون عقيدة سياسية؟ إن الإسلام بوصفه مبدأً هو مبدأ سياسي، وعقيدته عقيدة سياسية، وأحكامه الشرعية سياسية، لأنها ترعى شؤون الإنسان بوصفه فرداً في مجتمع، فحددت له نظرته في الحياة ومقاييسه وقناعاته ومثله الأعلى، ونظمت سلوكه بما انبثق عن عقيدته... وجريا على طريقة الكاتب في التفريق بين العقدي والعملي: هل يُقبل من معتنق الإسلام أن يؤمن بالله خالقاً ولا يؤمن به حاكماً ومشرعاً، ولا يؤمن بوجوب طاعته في كل شيء؟! هل يقبل من معتنق الإسلام أن يؤمن بمحمد rرسولاً ولا يؤمن بوجوب اتباعه في كل ما جاء به؟! هل يقبل من معتنق الإسلام أن يؤمن بالقرآن ولا يؤمن بوجوب تطبيق ما جاء فيه؟! هل يقبل من معتنق الإسلام أن يؤمن باليوم الآخر ولا يؤمن بوجوب تسيير أعماله كلها في الدنيا بحسب أوامر الله ونواهيه استعداداً لليوم الآخر؟!

 

إن ارتباط العقيدة الإسلامية بالسياسة برز في أرض الواقع من أول ساعة حطت فيها قدما رسول الله r الشريفتان أرض المدينة المنورة، معلناً قيام أول دولة إسلامية في التاريخ، وسار على ذلك الصحابة والتابعون ومن تبعهم حتى سنة 1924م، وهي السنة التي هدمت فيها الخلافة، وقبل ذلك لم يفصل المسلمون بين العقيدة الإسلامية والسياسة، بل كانوا يطبقون الإسلام في دولة إسلامية اسمها الخلافة، التي أمر الإسلام بإقامتها في نصوصه الشرعية الكثيرة، ولعل كاتب المقال يعاود النظر في كتب الفقه، ولينظر في الرابط الذي وضعته له في الأعلى ليتأكد من ذلك.

 

أما الفصل بين الإسلام والسياسة فإنه هو البدعة المستحدثة بتأثير الغزو الفكري الغربي والمدّ العلماني، ولم يقل به أحد من علماء الأمة القدماء، ولم يعرفها المسلمون طوال تاريخ دولتهم الخلافة لثلاثة عشر قرناً من الزمن، وأدعو الكاتب لأن يوسّع اطلاعه على كتب الفقه، ليجد خلاف ما يقول.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

خليفة محمد – الأردن

آخر تعديل علىالثلاثاء, 22 آب/أغسطس 2017

وسائط

3 تعليقات

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj الخميس، 24 آب/أغسطس 2017م 15:51 تعليق

    بارك الله فيكم وأثابكم

  • إبتهال
    إبتهال الأربعاء، 23 آب/أغسطس 2017م 11:30 تعليق

    جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم

  • نسائم الخﻻفة
    نسائم الخﻻفة الأربعاء، 23 آب/أغسطس 2017م 10:15 تعليق

    بارك الله فيكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع