- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
هل تنتصر الأمة بكأس العالم لكرة القدم؟!
الخبر:
تفتح روسيا اليوم 14 حزيران/يونيو أبوابها لانطلاق نهائيات كأس العالم 2018 بمشاركة 32 منتخبا من بينها أربعة منتخبات عربية. وتشارك السعودية في المباراة الافتتاحية مع البلد المضيف روسيا فيما ستشارك مصر وتونس والمغرب في مباريات قادمة. ويُتوّقّع لهذا الحدث العالمي متابعة كبيرة وحشد إعلامي وجماهيري لمشاركة نجوم في هذه البطولة من مثل رونالدو وميسي ومحمد صلاح!!
التعليق:
من المؤسف حقّا أن يتطلّع الكثير من شباب أمتنا لكرة القدم كطموح يُعلّق عليه أمانيَه وَآماله في الوقت الذي تعيش فيه أمتنا من محيطها إلى خليجها أزمات خانقة ومشاكل وحروباً تكتّل عليها الاستعمار مع الاحتلال مع الاقتتال الداخلي مع الأوضاع الاقتصادية المزرية والسياسية والإنسانية التي سببّها عجز الحكومات عن إدارة المنطقة؛ ممّا شكّل حالة من الفوضى العارمة تعيشها أمتنا الإسلامية مجتمعة...
والمفارقة في الموضوع أن أغلب الشباب في أمتنا الإسلامية يُدركون مكمن الداء وأسَّ البلاء لأزماتهم، فهم يُعادون الغرب الكافر، ويحاربون أنظمتهم ويثورون على حكّامهم ويسبّون الحدود التي منعتهم من تحرير الأرض المباركة فلسطين وينظرون إلى روسيا على أنها سفّاحة تبطش بأرض الشام وبأطفالها ونسائها، لكن يضعون كل مشاكلهم جانبا حينما يتعلّق الأمر بكرة القدم وكأنها ليست لعبة سياسية تُغذّيها الأنظمة الدوليّة والمحليّة بإلهائهم عن قضاياهم المصيرية والانفعال مع مشاكلهم المعقّدة من جهة، وبتعزيز الولاء والانتماء لوطنياتهم التي تخذلهم في كل مرة من جهة أخرى!! والتغطية على عجز الحكام وفشلهم في رعاية شؤونهم حتى بتوفير المرافق الأساسية من سكن وغذاء وصحة وتعليم، فتُختَزَل الإنجازات والأمجاد في الاهتمام بالرياضة وكرة القدم تحديدا، وتصير انتصاراتها انتصارات للأمة وهزيمتها هزيمة للأمة!!
ليست مُجرَد متابعة كرة القدم هي المشكلة، فلا بأس ببعض الترفيه والتسلية ضمن ضوابط تُحددها، لكن هذه الأحداث الضخمة لم تعد مجرد وسائل للترفيه، كما لم تعد رياضة كرة القدم مجرد تمرين جسدي يهواه بعض الشباب، وإنما صارت أداة قوية لإبعاد الناس عن المطالبة بحقوقهم ولو لبعض الوقت والابتعاد عن غمار السياسة ونقد الحكام والأنظمة، وسيلة لملء الفراغ الناتج عن ضياع الهويّة وضياع الوقت وضياع الثروات والطموحات والمصالح وضياع الحاضر والمستقبل، فتتلقّفهم وسائل الترفيه المستهلكة ككرة القدم وأخبار أنديتها وتحرّكات لاعبيها لتشغر ذلك الفراغ وتستحوذ عليه! فتمتلئ الساحات العامة والمقاهي والشوارع بالمشجّعين والمطبّلين والمعجبين وتتعالى الأصوات والصرخات وتمتلئ المواقع الإلكترونية بالصور ومقاطع الفيديو والتعليقات والسب والشتم وتزدحم المدرّجات بالهاتفين نساء ورجالا... فهل تستحق كرة القدم كلّ هذه المبالغة أم إنها لعبة سياسية بامتياز؟؟
ليس هذا الكلام تقليلا من شأن شباب أمتنا، وإنما هو بيان لحجم المؤامرة عليهم، بإغراقهم في توافه الأمور كما هو الحال بإغراقهم في البحر هاربين ومشرّدين من بلادهم، كما هو الحال بإغراقهم في الفقر والبطالة والأزمات... كلّه إغراق وقتل للطاقة الشبابية الفذّة التي أوصى بها رسولنا r لكن الأشكال تختلف وتتلوّن فيكون الغرق قبيحا تارة وحسنا تارة أخرى!!
فاختاروا يا شباب أمتنا أيَّ انتماء تريدون ولأيّ انتصار تتطلّعون!!
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نسرين بوظافري