- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
خطة عمران خان في زيادة عبء الديون الباكستانية
الخبر:
عشية تنصيب عمران خان كرئيس للوزراء في باكستان، أشارت تقارير صحفية عدة إلى أن لاعب الكريكيت السابق الذي تحول إلى سياسي سيحصل على قروض لسد عجز ميزان المدفوعات في البلاد؛ فهل يمتلك عمران خان حقا سياسة اقتصادية ناجحة للتغلب على العجز التجاري بين الواردات والصادرات؟
التعليق:
يعكس تنصيب رؤساء الوزراء والرؤساء والملوك في جميع أنحاء العالم التقاليد العميقة للاحتفال بهذا الحدث؛ في باكستان، من المعتاد أن يستقطب القادة الجدد الدول الغنية والمؤسسات الدولية للحصول على قروض لسد العجز التجاري في البلاد، من أجل دفع ثمن المواد الأساسية المستوردة مثل النفط وتسوية مدفوعات الدائنين بالعملات الأجنبية. وعلى الرغم من وعد عمران خان بالتغيير، فإن جميع المؤشرات تشير إلى أنه سوف يتبع سياسة أسلافه ويتوسل من أجل الحصول على قروض أجنبية.
عرضت السعودية مليار دولار على شكل قروض [1]، في حين قدمت الصين 2 مليار دولار كمساعدة [2]. ومعلوم أن القروض لا تعطى دون شروط، فرغبة السعودية في تقديم المساعدة هي أن يكتشف عمران خان أخيراً طريقة لإقناع الباكستانيين بتوفير المزيد من الجنود لخوض معارك الملك سلمان الكارثية في العالم الإسلامي، وفي الوقت نفسه، تهدف المساعدات الصينية إلى إقناع خان بدعم جهود بكين لتحل محل النفوذ الأمريكي في شبه القارة الهندية.
تشير الشائعات التي تحوم في إسلام آباد إلى أن خان سيتوجه إلى صندوق النقد الدولي للمطالبة بحزمة قروض بقيمة 12 مليار دولار [3] - وهي الأكبر لغاية الآن. وإذا كان هذا صحيحًا، فسيكون هذا الإنقاذ المالي الباكستاني الثالث عشر في إطار برنامج التعديل الهيكلي الذي تم تقديمه لأول مرة في عام 1980. يشير النقاد إلى أن صندوق النقد الدولي كان مدمراً للاقتصاد الباكستاني [4]، وتشير إحدى الدراسات إلى أن معدل البطالة وحده "ارتفع من متوسط 3.5 بالمائة في الثمانينات إلى 5.7 بالمائة في التسعينات إلى 6.7 في 2000-2001" [5]. ويعتقد العديد من الباكستانيين أن قروض صندوق النقد الدولي أثْرت النخبة وأفقرت عامة الناس وعززت من الهيمنة الأمريكية على المنطقة.
كما هو الحال دائما، فإن السبب الجذري وراء استمرار انهيار باكستان وعدم ازدهار اقتصادها هو عمليات الإنقاذ التي يقوم بها صندوق النقد الدولي، وتعاظم الدين بسبب السياسات التي لا تدعم السيادة الاقتصادية للبلد، وتقوض بشدة من الصناعات المحلية للبلد. لو اتبعت باكستان سياسة بناء قاعدتها الصناعية لتصبح مكتفية ذاتيا، فإن البلد لن يحتاج إلى قروض أجنبية، ومن الأمور الأساسية لهذه السياسة: (أ) توفير بنية تحتية حديثة للصناعات لتوسيعها بسرعة، (ب) تشجيع اعتماد الصناعة الثقيلة، (ج) تلبية الاستهلاك المحلي قبل تصدير السلع.
معنى غياب صناعة قوية في باكستان يعني أنها تعتمد بشكل مفرط على استيراد معظم السلع الأساسية، ناهيك عن المواد الصناعية الثقيلة مثل الآلات الثقيلة والمفاعلات النووية والطائرات والقطارات… وما إلى ذلك، التي يتطلب شراؤها صرف العملات الأجنبية. ومما زاد الطين بلة، أن برامج صندوق النقد الدولي المتعاقبة ضخمت من فاتورة الواردات من خلال التدهور السريع للقاعدة الصناعية الباكستانية وقدرتها على توفير السلع والخدمات للاستهلاك المحلي. بالإضافة إلى ذلك، زاد صندوق النقد الدولي اقتصاد باكستان ضعفا بإصراره على خصخصة الأصول الاستراتيجية للبلد وبيعها للأجانب.
من ثم، فإن السياسة الاقتصادية لباكستان تتلخص في: اقتراض الدولارات لشراء السلع الأساسية، وسداد مدفوعات الفائدة، وبيع كنوز البلاد للشركات متعددة الجنسيات. بالتالي تضخم الدين الخارجي لباكستان إلى 92 مليار دولار [6] من ديون خارجية بلغت 62 مليار دولار في عام 2013. وقد أضافت حكومة حزب نواز شريف 30 مليار دولار وسيضيف خان 12 مليار دولار عند بدء حكمه. فهل من المتوقع أن تكون سياسة خان الاقتصادية مختلفة عن سلفه؟!
يوفر الإسلام بديلاً بسيطًا للاقتراض من الأجانب من أجل تلبية الاحتياجات المحلية، وبما أن الخزانة الباكستانية لا تملك الأموال الكافية لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والملبس والمأوى والتعليم والرعاية الصحية لـ 211 مليون باكستاني، فإن الإسلام أباح جني ضريبة الطوارئ من أغنياء المسلمين. وفي حالة باكستان، فإنه يمكنها فرض هذه الضريبة على أغنى 40 مليارديرا، أو أغنى 1٪ من السكان، وبهذا تتوفر القدرة على توليد عشرات التريليونات من الروبية بمعدل ضريبي للطوارئ بنسبة 50٪، وهذا الحل سهل التطبيق، ويحظى بدعم شعبي واسع النطاق.
مع ذلك، هل يمتلك عمران خان الشجاعة لتبني الحل الشرعي للمرض الرأسمالي المتمثل في عبء الديون وعدم كفاية أموال الخزينة؟ إن أكبر المعارضين لضريبة الطوارئ الإسلامية هم نسور الرأسمالية ممن يحومون حول خان، من الطبقة السياسية وكبار الملاك ورجال الأعمال وبالطبع الجنرالات. ولا عجب أن يستمر الباكستانيون في العيش في الفقر المدقع والبؤس. قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾.
إن لدى الباكستانيين خيارين بسيطين: العيش في ظل حكومة خان الباكستانية في البؤس نفسه الذي يرزحون تحته، أو العمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة، ليعيشوا تحت السيادة الاقتصادية الدائمة، حيث لا سيطرة أو سيادة للأجانب على السياسة الاقتصادية. وإن كان هناك حل بسيط في الإسلام مثل فرض ضريبة طوارئ يمكن أن يقضي على عبء الديون في لمح البصر، فكيف سيكون الحال عند التطبيق الكامل للنظام الاقتصادي في الإسلام في باكستان؟!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي
المراجع:
[2] https://tribune.com.pk/story/1767965/1-china-agrees-give-2b-loan-pakistan/
[3] https://www.dawn.com/news/1424807
[4] https://www.dawn.com/news/1425319
[5] Ibid
[6] https://tribune.com.pk/story/1711866/2-pakistans-external-debt-soars-record-91-8b/