- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
خارطة طريق روسية-أمريكية للحل في سوريا
الخبر:
نقل مراسل "الشرق الأوسط" في موسكو عن دبلوماسي روسي طلب عدم نشر اسمه، قوله: إن "مسار (جنيف) مؤجَّل إلى وقت بعيد"، مشيراً إلى أن الأهم حالياً هو وضع قطار إعادة الإعمار وتسهيل عودة اللاجئين على مسار التنفيذ، ولفت إلى أن المسار الموازي المتمثل في الإصلاح الدستوري سيكون الرافعة الأساسية لأي تسوية سياسية، مشيراً إلى أن "الحاجة سوف تظهر لاحقاً للعودة إلى جنيف بعد انتهاء اللجنة الدستورية من العمل، بهدف وضع آلية لتطبيق قراراتها وإدارة عملية انتخابية وفقاً للدستور الذي سيتم وضعه". (الشرق الأوسط 2018/8/10)
التعليق:
يتزامن هذا التصريح مع قرار الرئيس الأمريكي ترامب بفرض مزيد من العقوبات على روسيا، أدت إلى ضعف الروبل العملة الروسية، ومع ذلك فلا زال الساسة الروس ماضين في "توهمهم" أنهم يملكون الحل والربط في الملف السوري.
وسبق أن كشفت رويترز مذكرة للحكومة الأمريكية أن روسيا استخدمت قناة اتصال مع القيادة العسكرية الأمريكية لتقترح التعاون في إعادة إعمار سوريا وإعادة اللاجئين إلى البلاد، ووفق المذكرة، فإن الاقتراح أرسله في 19 تموز/يوليو رئيس الأركان العامة للجيش الروسي فاليري غيراسيموف إلى رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال جوزيف دنفورد، و"لقيت الخطة الروسية استقبالا فاترا في واشنطن، التي تشترط للمساعدة في إعادة الإعمار أن يكون ذلك جزءا من عملية انتقال سياسي في سوريا".
ومع ذلك فإن تصريح الدبلوماسي الروسي يكشف عن "خارطة طريق" لتنفيذ الحل الذي ترضاه أمريكا في سوريا. فإعادة الإعمار مرتبط بالحل السياسي، وجزء أساس منه وضع التعديلات الدستورية، وإدارة العملية الانتخابية وفقا للدستور الجديد. وهذا كله يذكرنا بما سمي بـ"المرحلة الانتقالية" في مصر التي مكنت أمريكا، عبر رجالاتها العسكر في "المجلس الأعلى للقوات المسلحة"، من تجديد قبضتها على مفاصل السلطة والحكم في مصر.
فبعد "طي" صفحة الصراع العسكري في الميادين من حلب والغوطة إلى درعا وحوران، وترتيب "حل" ما في إدلب، فلا بد من السير في مرحلة تطبيع الحل السياسي سواء بالعمل على إبقاء بشار الأسد سفاح دمشق في قصر المهاجرين، وهذا دونه خرط القتاد، أو بالقيام بعملية ترقيعية شبيهة بما جرى في مصر أي الإتيان بـ"سيسي" آخر يشدد قبضة أمريكا على مفاصل السلطة والحكم في سوريا، تحت خرقة ما يسمى بـ"التعديلات الدستورية" و"العملية الانتخابية". لكن كل هذا الدجل والتضليل بحاجة إلى رجال ساسة "شجعان" يوقعون، في جنيف أو غيرها، على الحل الأمريكي المسموم والمغطى بدماء وأشلاء الضحايا والمهجرين.
وهنا بيت القصيد في كل هذه الاجتماعات والمبادرات التي نسمع عنها، وتوزيع الأدوار بين الأطراف. فلا زال بالإمكان هزيمة أمريكا وأدواتها سياسيا ومنعها من فرض حلها "الدموي"، وليس السياسي، على حساب الدماء الزكية التي أزهقت على يد عميلها بشار الأسد. وأول ذلك هو الوعي على السياسة الأمريكية ونبذ كل من يروج لحلها المسموم والأخذ على أيديهم ولفظهم لفظ النواة. كما أن على المسلمين في الجوار، وخاصة تركيا، مناصرة إخوانهم وأهلهم في الشام والحيلولة دون تمكين أمريكا من مكرها. والأمة الإسلامية قادرة، متى اعتصمت بحبل الله القهار وراء قيادة مؤمنة حقا، على فرض إرادتها والتخلص من الهيمنة الغربية عموما وأولها الهيمنة الأمريكية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور عثمان بخاش
مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير