السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
حقيقة الأزمة الاقتصادية في تركيا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حقيقة الأزمة الاقتصادية في تركيا

 

 

 

الخبر:

 

اعتبر الرئيس التركي التدهور المفاجئ لسعر صرف الليرة التركية أمام الدولار بالحرب الاقتصادية ضد بلاده، حيث فقدت الليرة نحو 40% من قيمتها منذ بداية العام الحالي، لتهوي إلى أدنى مستوى فوق سبع ليرات للدولار، وهدد أمريكا بقطع علاقات الشراكة الاستراتيجية معها على خلفية قضايا عدة، وبأن بلاده سترد بالتحول إلى أسواق جديدة.

 

التعليق:

 

أولاً: إن حقيقة الأزمة في تركيا هي أزمة النظام الرأسمالي الربوي، مثل أزمة فيض الإنتاج التي تفضي إلى الكساد والركود، وانهيار صناعات وشركات وبنوك، وأزمات جديدة نشأت عن التشكل الجديد للرأسمال، وتحوّل كتلة هائلة منه إلى النشاط المضارب، وبالتالي اختلال العلاقة بين الرأسمال المُنتج والمال البنكي لمصلحة الأخير، وهو الأمر الذي فرض نشوء أزمات جديدة أكثر تعقيداً من الأزمات الدورية التي كانت تمرّ بها الرأسمالية.

 

ومنذ أن طغت الرأسمالية وأحكمت سيطرتها على البشرية وعلى الأسواق العالمية والأمور تتراكم وتتفاقم يوماً بعد يوم إلى أن بلغت في تخمتها الذروة، لتتفجر لنا على صورة أزمة مالية عالمية ربما تجر بعد إفلاس وتضخم وركود وكساد إلى حرب عالمية قذرة، قد لا تبقي ولا تذر.

 

ما تواجهه الرأسمالية العالمية اليوم ما هو إلا محق إلهي لكل ما هو ربا؛ بل إنها الحرب الإلهية على كل من أكلها وأطعمها، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

من هنا يجيء تصدع الرأسمالية العالمية، وعليه تبنى حتمية انهيارها ولو بعد حين، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾.

 

بخلاف منهج الإسلام الذي يقوم على توزيع المال بين الناس، وتداوله وحركته بينهم، ولذلك جعل علّة توزيع الفيء - كأحد مصادر المال في الإسلام - على المستحقّين منع تركيز المال في أيدي الأغنياء فقط، بل يتداول بين الناس، لقوله تعالى: ﴿مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

 

 يقول الدكتور شاخت الألماني والمدير السّابق لبنك الرّايخ الألماني "إنّه بعمليّة غير متناهية يتّضح أن جميع مال الأرض صائر إلى عددٍ قليل جداً من المرابين، ذلك لأنّ المرابي يربح دائماً في كل عمليّة، بينما المدين معرّض للرّبح والخسارة، ومن ثمّ فإنّ المال كلّه في النّهاية لا بدّ بالحساب الرّياضيّ أن يصير إلى الّذي يربح دائماً".

 

ثانياً: إن تدهور الليرة التركية نتيجة منطقية للسياسات الاقتصادية التركية، حيث سجل الميزان التجاري التركي عجزا  بحوالي 85 مليار دولار سنويا، كما ارتفع عجز ميزان الحساب الجاري (الحساب الجاري هو محصلة تجارة السلع والخدمات والتحويلات) من 3،8% من الناتج المحلي الإجمالي التركي الذي بلغ نحو 863،7 مليار دولار عام 2016، إلى نحو 5،5% من الناتج عام 2017، وسوف يبلغ نحو 5،4% من الناتج نهاية عام 2018، وتفاقمت الديون الخارجية حيث فاقت 400 مليار دولار، وانخفاض الليرة سيجعل من مهمة تسديدها وفوائدها مسألة في قمة الصعوبة في ظل تواصل تراجع قيمة الليرة التركية، ومنها نحو 102 مليار دولار ديون قصيرة الأجل التي خدمتها تشكل عبئاً ثقيلاً إضافة لضَعف الطلب الفعال في الداخل نتيجة سوء توزيع الدخل حيث تعد تركيا بين أسوأ دول العالم في هذا الصدد.

 

وتشير بيانات تقرير الثروات العالمي إلى أن أغنى 10% من السكان في تركيا يستحوذون على 77،7% من الثروة التركية، وهي تصنف ضمن أسوأ دول العالم في توزيع الدخل. وتشير بيانات البنك الدولي المأخوذة من بيانات رسمية تركية إلى أن نصيب أفقر 10% من سكان تركيا من الدخل بلغ 2،2% فقط، وبلغ نصيب أفقر 40% من الأتراك نحو 16،3% من الدخل.

 

وفي ظل التعويم الكامل لليرة التركية فإنها أصبحت تحت رحمة المضاربين، وفي ظل الظروف المالية والتي تشكل ضغطاً هائلًا عليها وتفتح باب المضاربات، وقد كان واضحاً أن كل عناصر انفجار الأزمة المالية في تركيا موجودة وأنها قادمة وكان أردوغان يدرك هذا بلا شك، فأقدم على تقديم الانتخابات التركية لمعرفته بما هو قادم وكان هذا هو السبب الحقيقي لتقديم الانتخابات.

 

ثالثا: إن انهيار الليرة التركية سيكون له آثار كبيرة على أوروبا نتيجة الارتباط الكبير وخاصة ألمانيا بالذات، وهذا مقصد تبعي في حرب ترامب التجارية ضد أوروبا، حيث قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الاثنين 2018/08/13م إن عدم استقرار الاقتصاد التركي لن يفيد أحدا، مبينة أنها ترغب في رؤية الاقتصاد التركي مزدهراً.

 

وأوضح الناطق باسم الحكومة الألمانية ستيفن سيبرت، أن استقرار الاقتصاد التركي يصب في صالح ألمانيا، وأن بلاده تتابع الوضع في تركيا عن قرب. واعتبر وزير الاقتصاد والطاقة الألماني بيتر ألتماير أن الرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الواردات التركية والصينية يمكنها أن تضر بالاقتصاد العالمي.

 

وأضاف ألتماير لصحيفة "بيلت أم زونتاغ" مساء الأحد 2018/08/12 أن تركيا بالنسبة لأوروبا تعني "الأمن والموثوقية"، فضلا عن مصالح أكثر من 7 آلاف شركة ألمانية تعمل في تركيا والبنوك الخمسة الأوروبية وحجم الدين الكبير على القطاع الخاص الذي سيجعل أوروبا تحت رحمة التقلبات في تركيا.

 

والحديث يطول في هذه المسألة وبيان حقيقة الأسباب الموضوعية بعيداً عن الخطب الرنانة والحماسية حيث يجب أن تكون قراءة الواقع كما هو لا كما نحب ونشتهي، وأنه لا خلاص لتركيا إلا بالإسلام نظاما  وكيانا دولة راشدة على منهاج النبوة، تقتعد المكانة الدولية بلا منازع في ظل انهيار المبدأ الرأسمالي وكياناته وأزماته لتركل دولة الإسلام بقايا الظلم والاستعباد والرذيلة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسن حمدان

آخر تعديل علىالإثنين, 20 آب/أغسطس 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع