الأحد، 15 محرّم 1446هـ| 2024/07/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
حول مشروع قانون العفو (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حول مشروع قانون العفو

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

مشروع قانون العفو الذي تحدث به دولت بهجلي رئيس حزب الحركة القومية قبل الانتخابات، وتم إعداده وتقديمه من قبل حزب الحركة القومية إلى البرلمان في 24 أيلول 2018؛ يشمل 162.000 شخصٍ تقريباً. وقال نائب رئيس حزب الحركة القومية فتي يلديز: "إن طاقة استيعاب السجون التي يبلغ عددها 447 سجناً في بلدنا هي 211 ألفاً و274 سجيناً في الوقت الحاضر. وهذه السجون تضم حتى يوم أمس 194 ألفاً و404 سجينا، و59 ألفاً و131 معتقلاً، أي أنها تضم ما مجموعه 253 ألفاً و535 شخصاً" [وسائل الإعلام].

 

كما صرح رئيس الجمهورية أردوغان وهو في طريقه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في المطار: "سمعنا بعض التصريحات المتعلقة بمشروع العفو، إلا أن مبدأنا الأساسي بهذا الشأن هو: ... إن صلاحية العفو في الجرائم التي تقترف بحق الدولة هي للدولة، وليس للدولة حق العفو في الجرائم التي ترتكب بحق الأشخاص، فصاحب الصلاحية هنا هو ذلك الشخص، وذلك المظلوم الذي ارتكبت بحقه الجريمة، ولا يمكننا نحن باعتبارنا الدولة أن نعطي لأنفسنا هذه الصلاحية..." [صحيفة حُرِّيَّت].

 

التعليق:

 

لقد صدرت قوانين عفو كثيرة في فترات مختلفة طوال تاريخ الجمهورية التركية. ورغم تزايد أعداد السجون باستمرار فإن معدلات الجرائم تتزايد كذلك يوما عن يوم، ولم تعد السجون قادرة على استيعاب المزيد من السجناء. ولهذا السبب أيضا قامت الحكومة في عهد سلطة حزب العدالة والتنمية بإصدار العفو باسم "إطلاق السراح المشروط"، لكن ذلك أيضاً لم يكن حلاً ناجعاً. والإحصائيات المعدة من قبل وزارة العدل تشير إلى وجود 253.535 موقوفاً وسجيناً لأسباب مختلفة، والراجح أن هذا الرقم يتجاوز 255 ألف شخص حاليا.

 

ونسبة الجرائم وفق الإحصائيات الرسمية المعدة في الفترة 2011 - 2014 كذلك ارتفعت 58%. وخاصة في المدن العشرين الكبرى مثل أنقرة وإسطنبول، وتحتل السرقة والنهب وإتلاف الممتلكات المراتب الأولى بين الجرائم المرتكبة. وفي الفترة بين 2004-2014 ارتفعت نسبة جرائم العنف، والتحرش، والاغتصاب إلى 14 ضعفاً. وفي الفترة 2005 – 2010 تعرضت أكثر من 100 ألف امرأة لاعتداء جنسي. وتحتل تركيا المرتبة 13 بين الدول الـ41 الأعلى معدلاً في الجرائم. وارتفعت جرائم قتل النساء بنسبة 1400% في السنوات السبع الأخيرة. وقد قامت وزارة العدل بإصدار كتاب يتألف من 250 صفحة تحت عنوان "إحصائيات وزارة العدل لعام 2017" تبين فيه خريطة الجرائم في تركيا، ويقدم معلوماتٍ مفصَّلةً تتعلق بمواضيع مختلفة.

 

من جانب آخر، تطورت شبكات المراقبة، وزُوِّدت جميع الشوارع الرئيسية والفرعية في البلد ومداخل المباني وأماكن بأنظمة مراقبة متنوعة، ويعمل في بنية الدولة مئات ألوف الموظفين والشرطة والجندرمة، ويبلغ العدد مع الشركات الأمنية الخاصة الملايين، وكل ذلك للحفاظ على الأمن والحد من الجرائم، لكن نسبة الجرائم لا تعرف الانحسار. ففي إسطنبول وحدها يعمل 80 ألف موظف أمن خاص. والأرقام المذكورة أعلاه مما توفره السجلات الرسمية، إلى جانب الجرائم التي لا تندرج في السجلات الرسمية. فالجرائم التي تندرج تحت اسم "السرقة البسيطة" تغض مراكز الشرطة الطرف عنها، ولا ترى فيها داعياً لتحقيق أو فتح ضبط أو متابعة. وبعض السجلات تضم عشرات الجرائم للشخص الواحد مثل السرقة والاحتيال والنهب وتعاطي المخدرات.

 

وهكذا نرى إخفاق هذا النظام في خفض معدلات الجرائم والمجرمين، بل كانت هذه المعدلات ترتفع بتسارع واضطراد، وخاصة في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، أي في عهد سلطة حزب العدالة والتنمية حيث شهد البلد انفجاراً ملحوظاً في الجرائم بسبب التعديلات القانونية التي تمت في مجال الحريات والاندماج مع الغرب، وتحقيق الانسجام مع قوانين الاتحاد الأوروبي. والسلطة من جانبها تفتخر بإنشاء سجون ومحاكم جديدة على الدوام(!). فقد قال أحد مرشحي البرلمان عن سيواس في حملته الانتخابية في الانتخابات الماضية: "سيتم إنشاء سجن جديد بتشديدات أمنية عالية في سيواس"(!). وأصبح هذا الكلام موضوع جدل على شاشات التلفزيون من حين لآخر، إلى جانب مشروع قانون العفو وعرضه على البرلمان. وبين هذا وذاك تنطلق الاقتراحات والتصريحات الهزلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. فقبل أيام عرض أحد المتحدثين بهذا الشأن حلا بديلا للعفو في برنامج على إحدى القنوات التلفزيونية، فدعا إلى "توسيع السجون وتحسين ظروفها".

 

هذه الحال التي نراها في تركيا ليست استثناءً في الدول التي تطبق النظام الديمقراطي. ففي أمريكا التي تعد الأكثر تقدماً في العالم على سبيل المثال تضم سجونها حاليا ما يزيد عن مليونين وستمئة ألف سجين، وهذه النسبة تعادل 1% من الشعب! ولا يختلف الحال كثيراً في أوروبا.

 

إن التصريحات التي أدلى بها أردوغان بشأن العفو تشكل بعداً آخر للمسألة. فالملاحظ أنه لا أحد يفكر في كيفية مواجهة الجرائم ولا يفكر في تقديم الحلول الجذرية للجريمة، بل البحث يدور حول نطاق شمول العفو، والمجرمين الذين يدخلون فيه، والمجرمين الذين لا يندرجون فيه. وبينما يصرح أردوغان بأن صلاحية الدولة في العفو تتوقف عند حدود الجرائم المرتكبة بحقها، نرى تاريخ الجمهورية الطويل مليئاً بقوانين العفو المنفذة التي طالت الجرائم الكبرى المرتكبة بحق الأفراد وممتلكاتهم وأعراضهم، وحرمان مرتكبي الجرائم بحق الدولة من أي عفو. فلا يتم بحث العفو عن حملة الدعوة من شباب حزب التحرير الذين لم يلحقوا أي ضرر بالأمة وممتلكاتها وأعراضها، بل يقومون بنشاطات دعوية فكرية لإرضاء الله ورسوله، ويعملون على تحكيم الإسلام على الأرض، ويدعون الناس للخروج من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، بل على العكس يتم العمل على إبعادهم كليا عن شمولهم في قانون العفو، ويتم في كل يوم اعتقال أحد شباب حزب التحرير والزج به في السجون!

 

وفي النهاية ستبقى نسبة الجرائم تزداد؛ طالما بقيت هذه الأنظمة الديمقراطية العلمانية المبنية على أساس فصل الدين عن الحياة بجميع أشكالها. والحل الوحيد لجميع هذه الجرائم هو العودة إلى تحكيم الإسلام كاملاً في الحياة، ولن يكون أبداً في إصدار قوانين عفو جديدة، وإنشاء المزيد من السجون الجديدة، واستنساخ القوانين الجديدة من الغرب.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد حنفي يغمور

آخر تعديل علىالأربعاء, 10 تشرين الأول/أكتوبر 2018

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الأربعاء، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2018م 23:15 تعليق

    اللهم خلافة راشدة على منهاج النبوة

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع