- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مستقبل سوريا
(مترجم)
الخبر:
لا تزال إدلب، المنطقة الأخيرة في المعركة المستمرة منذ سبع سنوات في سوريا، خارج سيطرة النظام. فبعد أن كانت روسيا تستعد لشن هجوم نهائي على المقاطعة الشمالية، اجتمع أردوغان وبوتين في سوتشي يوم 16 أيلول/سبتمبر 2018 حيث اتفق الرئيسان على إنشاء منطقة منزوعة السلاح، الأمر الذي يعني حقا أن تركيا ستأخذ الأسلحة الثقيلة من الجماعات في إدلب؛ الجماعات نفسها التي قامت بتسليحها وتنظيمها، والتي ستشلّهم من أي قدرات وتحاربهم وتجبرهم بشكل فعال على قبول إنهاء الثورة التي استمرت سبع سنوات، ويقترب الآن حل وضع ما بعد الثورة، ومن المرجح أن يتم النظر في عدد قليل من الحلقات السياسية، ولكل منها تحدياته الخاصة.
التعليق:
منذ الأيام الأولى للثورة، أوضحت أمريكا أجندتها في سوريا، وهذا أمر مهم حيث إنه ما من دولة تورطت في سوريا قد قدمت أجندة بديلة، حتى روسيا لم تضع أجندة بديلة عن أجندة أمريكا، على الرغم من الاختلافات في التفاصيل التنفيذية.
إن الأجندة الأمريكية وضعها وزير الدفاع آنذاك ليون بانيتا في مقابلة مع شبكة سي إن إن في تموز/يوليو 2012، قائلا: "أعتقد أنه من المهم عندما يغادر الأسد أن يحاول الحفاظ على الاستقرار في ذلك البلد، وأفضل طريقة للحفاظ على هذا النوع من الاستقرار هو الحفاظ على أكبر قدر من القوات العسكرية، والشرطة، بقدر الاستطاعة، إلى جانب قوات الأمن، ونأمل أن تتحول إلى شكل حكومة ديمقراطية، هذا هو المفتاح". الحفاظ على النظام في دمشق كان هو الأجندة الأمريكية منذ اليوم الأول، والنظام ليس بشار الأسد، أي رجلاً واحداً فقط، ولهذا السبب انتقدت أمريكا الأسد دائما، ولكنها لم تفعل أي شيء لإخراجه فعليا.
لكن التقدم السريع حتى اليوم وموقف النظام مختلفان جدا مما سيؤثر على الحل السياسي للحفاظ على النظام. بعد سبع سنوات من الحرب والانشقاقات الكبيرة في الجيش، استنفد الجيش والنظام في دمشق قوته ويفتقر إلى القدرة على الحفاظ على إحكام قبضته على البلاد كلها في الوقت نفسه. إن القوى العاملة هي ما يفتقر إليه النظام، وهذا هو السبب في قيام إيران وحزبها اللبناني وروسيا بالدعم الثقيل لبشار لسنوات. ورغم كل الأسلحة والموارد التي زود بها النظام في دمشق، إلا أنه يفتقر إلى القوى العاملة اللازمة للبقاء على قيد الحياة بعد انتهاء الثورة ودعم الحل السياسي، أما بالنسبة لأمريكا فإن حلها السياسي يتطلب قوة في سوريا لحماية أجندتها، وهذا هو التحدي الذي تواجهه أمريكا.
وقد نظمت إيران المليشيات التي حاربت الثوار في سوريا وأنقذت النظام، ومن الممكن لهذه المليشيات أن تبقى في سوريا لمواصلة هذا الدور، وسيتطلب ذلك من النظام القيام بإضفاء الصبغة الطبيعية لهم في القوات المسلحة السورية ومنحهم إقامة دائمة للقيام بمثل هذا الدور بشكل فعال. وكانت هذه المليشيات تضم أكثر من 40,000 جندي واستقرت في حزام دمشق مما يشير إلى أن النظام في دمشق يرى بالفعل أنها القوة العاملة التي ستؤمن الحل السياسي.
وفي نيسان/أبريل 2018 أبرزت صحيفة وول ستريت رغبة إدارة ترامب في تشكيل قوة عسكرية عربية في سوريا لتحل محل القوات الأمريكية هناك، وقال مسؤولون للصحيفة إن جون بولتون، مستشار الأمن القومي لدونالد ترامب، اتصل مؤخرا بعباس كامل، رئيس المخابرات المصرية وشخصية بارزة في حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لالتماس الدعم العسكري والمالي للمبادرة. ونقلت قناة الجزيرة عن المصلحة الوطنية في 2016 أن الحرب السورية مستعرة منذ سنوات وأن البلاد انزلقت إلى المستنقع وتحتاج إلى قوات حفظ سلام، إن النشر الأول لقوات حلف شمال الأطلسي (الإسلامية) قد يكون جيدا للحفاظ على الحل السياسي لأمريكا.
تقسيم سوريا لا يعتبر جزءا من الحل على الرغم من تقديم العديد من المفكرين والمحللين هذا كخيار، لطالما اعتبرت أمريكا منذ فترة طويلة أن سوريا، التي هي في قلب الشرق الأوسط وسيلة للسيطرة على المنطقة الأوسع، وفي الوقت الراهن، فإن النظام في دمشق يحكم كل سوريا، مهما كان ضعفه إلا أنه يخدم الأجندة، وإذا كان هذا مستحيلا فإن الدول الأصغر منها ستكون خيارا قابلا للتطبيق.
وعلى الرغم من عرقلة الثورة، فإن القوى العالمية والإقليمية ستكافح من أجل تنفيذ حلها السياسي لأنها تتطلب القوى العاملة للحفاظ على هذا الحل، وسيحتاج النظام في دمشق إلى الأبد دعما ماليا خارجيا فضلا عن الدعم المادي، لذا فمهما كان النصر الذي يحصل عليه النظام، فإنه سيكون بالفعل أجوف، وهذا لن يدوم طويلا على الأرجح.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عدنان خان