- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مقتل خاشقجي تذكرة ملحة بضرورة عودة الإسلام لقيادة العالم
الخبر:
ترامب يقول في تغريدة حديثة على تويتر يوم 21 تشرين الثاني "استمتعوا بهبوط سعر برميل النفط من 82 إلى 54 دولارا. مع بالغ الشكر للسعودية".
التعليق:
في الوقت الذي يشتد انتباه العالم إلى جريمة بشعة في قنصلية السعودية في إسطنبول، تمت فيها تصفية جمال خاشقجي بدم بارد، وأشارت معظم التقارير إلى تورط الحكومة السعودية على أعلى مستوياتها في هذه الجريمة، وضمن هذه الضجة العالمية يتوجه ترامب إلى السعودية بالشكر لخفض أسعار النفط. ويزيد ترامب إيضاحا لمواقفه بأن أمريكا لن تضحي بمصالحها المالية مقابل دم شخص قتل في قنصلية بلده، مهما كانت بشاعة الجريمة. والمستغرب الوحيد في هذه المواقف هو علانيتها وعدم الاختباء وراء كذب المحترفين أمثال أوباما وكلينتون وبوش الأب وكارتر وغيرهم من زعماء أمريكا.
أما الحقيقة فهي تماما كما يعلن عنها ترامب صراحة دون مواربة. إنها المصلحة المالية والاستعمارية التي بموجبها يتم تنصيب عميل ذليل يخدم مصالح سيده دون نقاش أو تردد، والتي يجب على الدولة المستعمرة كأمريكا أو بريطانيا المحافظة عليه حتى ولو بال على أقدس شيء في الدنيا في جوار الكعبة.
أمريكا لا يعنيها قتل الخاشقجي في القنصلية، أو في الشارع، أو في غابة، وبأي كيفية. ما يعنيها هو استمرار قبضتها التي طال انتظارها على مفاتيح القرار في السعودية، وقد وجدوا ضالتهم مع محمد بن سلمان. وما لم يصبح وجود محمد بن سلمان عبئا على أمريكا، فسوف يستمرون بدعمه وتأييده، بل والمحافظة عليه إلى أن يتم تثبيته نهائيا أو يجدوا بديلا مثله أو أسوأ منه. وهو تماما ما حصل مع بشار في سوريا؛ فبشار لم يقتل شخصا واحدا في دهاليز قنصلية أو سفارة، بل قتل شعبا كاملا في أرضه، ومن نجا من القتل تشرد في بقاع الأرض. وعملت أمريكا المستحيل للمحافظة عليه وحمايته، حتى حين ثبت تورطه باستعمال الأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا ضد شعبه، والتي اعتبر أوباما استعمالها خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، عمدت أمريكا إلى إجراء لم يكن لإبليس إلا أن يعترف لأمريكا بسيادة الشر، حيث قررت أمريكا من خلال مجلس الأمن أن تفرض على سوريا تسليم السلاح الذي اقترفت به الجريمة وعفا المجتمع الدولي عما سلف. أرأيتم أقل خساسة وأكثر لؤما، وأضل حكما من هذا الحكم؟ يجب على الجاني تسليم أداة الجريمة ويُطوى الخبر! فهل نتوقع من محاكم أمريكا أن تطلب من السعودية أن تسلم المنشار الذي تم به تقطيع جثة خاشقجي؟!
ومن ناحية أخرى، فإن الإعلام العالمي ممثلا بالجزيرة وسي إن إن وغيرهما لم يجعل من قضية خاشقجي قضيته الدائمة وشغله الشاغل حردا على روح بريئة ونفس قتلت بغير ذنب، بل إنها تخدم مصلحة طرف آخر بلا شك. فالجزيرة لا شك تعمل على تصفية حساب قطر مع السعودية التي فرضت حصارا على قطر وعملت على تقليص دورها السياسي في المنطقة التي أوكلته لها بريطانيا، وهي فرصة ذهبية وجدتها لتعيد لقطر موقعها في الخليج والشرق الأوسط. أما سي إن إن فلها قصة أخرى مع ترامب الذي اتخذ موقفا معاديا لشبكة سي إن إن بسبب علاقتها السيئة معه منذ كان ممثلا على مسرحه الإعلامي الخاص.
والحاصل أن العالم الذي تسوده النفعية والمصلحة والمادية، لا يمكن أن يكون فيه مكان لحرمة الإنسان، أو حرمة الشعوب، أو لأي قيمة عالية وخلق رفيع. إن مثل هذا العالم الذي تسود فيه القيم الرفيعة والعدل الذي لا يخالطه ظلم، يحتاج إلى نظام رباني عادل في ذاته، يكرم الإنسان منذ خلقه حتى مماته، تكون السيادة فيه لخالق الإنسان وليس للشيطان، ويكون الخير فيه قائدا، والشر باطلا، والمعروف سيدا، والمنكر بائسا.
فلو لم يكن اليوم غير قضية مقتل خاشقجي مذكرة للعالم بالحاجة الملحة لعودة الخلافة على منهاج النبوة لترعى شؤون البشر لكفت!
﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ * إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد الجيلاني
وسائط
1 تعليق
-
اللهم نصرك الذي وعدت