- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
شاحنات الموت!
الخبر:
جد فجر السبت 27 نيسان/أبريل 2019 انقلاب شاحنة محملة بعمال عن طريق انفجار أحد إطاراتها مما أسفر عن مقتل 12 امرأة و20 مصابا حالاتهم متفاوتة في معتمدية السبالة من ولاية سيدي بوزيد.
وهذه الحادثة ليست الأولى من نوعها ولا الأخيرة فقد سبقتها عدة حوادث أخرى في مناطق مختلفة تفاوتت في عدد الضحايا، كما تزامنت معها حادثة أخرى في ولاية القصرين لكنها كانت الحادثة الأكثر خسائر في عدد القتلى والجرحى.
التعليق:
إنّ الوضع الاقتصادي المتأزم اليوم في تونس لا يخفى على أحد وكذلك غلاء المعيشة الذي اكتوى بناره التونسيون مما أثقل كاهل الرجل ودفع بالمرأة إلى الخروج إلى سوق العمل وتحمّل كل الظروف القاسية من أجل إيجاد لقمة عيش لأبنائها وليس من أجل تحقيق ذاتها أو استقلاليتها وإثبات وجودها كما تدعي الرأسمالية.
فالمرأة الفلاحية تعاني الأمرّين؛ فمن جهة تخاطر بحياتها عند تنقلها للعمل، ولا تبالي بما ينتظرها من حوادث ربما تؤدي إلى حتفها كما حدث في هذه الفاجعة. وهذا ليس استهتارا منها أو انتحارا، وإنما اضطرار أكرهت عليه وألجأها إليه إهمال الدولة، وتخليها عن رعاية شؤون الناس وتنصلها من مسؤولياتها. ومن جهة أخرى، نجد المرأة تجاهد وتكابد وتشقى وتتعب من أجل أجر زهيد لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يسد رمق فلذات كبدها ولا يكفل مستلزمات الحياة الكريمة.
هذا هو واقع المرأة التونسية اليوم وليس كما يسوقه الإعلام المأجور الذي ينادي بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، ويروج للحريات والصراع الوهمي بينهما، بينما الحقيقة أنّ المرأة أرهق كاهلها بالمسؤوليات التي تنوء بحملها الجبال الرواسي: فهي تعمل داخل المنزل وخارجه، وتتحمل ظروفا مهينة من التحرش إلى الابتزاز والمساومة على شرفها والتخلي عن مبادئها إلى المخاطرة بحياتها والتنقل في ظروف سيئة تؤدي إلى حتفها كما حصل في عديد المرات من أجل خبزة مُرّة ممزوجة بدماء مطهرة وكذلك من أجل تحقيق متطلبات الحياة التي لا تنتهي.
بينما الدولة صامتة صمت أهل القبور لا تبالي بمعاناة رعاياها، وتكتفي بزيارة كبار المسؤولين إلى المناطق المنكوبة، والتنديد بما حصل لهم واتخاذ حزمة من الإجراءات والقرارات التي تبقى حبرا على ورق في حين تستمر معاناة النساء الريفيات. ويتجدد اللقاء بهن في فاجعة أخرى ربما يقل عدد الضحايا أو يكثر، ذلك متروك في علم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. فالدولة لا تمتلك حلولا ولا معالجات لحل مشاكل رعاياها خصوصا الفئة الضعيفة منهم من النساء والمسنين، وإنما هي دولة نهب وجباية تسلب أموال شعبها باسم القانون، وتحت ضغوط صندوق النهب الدولي الذي تأتمر بأوامره وتنفذ قراراته.
فيا أهل تونس الأشاوس، انبذوا النظام الرأسمالي وكل أشكاله واعملوا على إسقاطه كما ناديتم أول ثورتكم، فوالله لن تروا منه خيرا ولا عزا غير ما جره عليكم من مصائب وويلات تكتوون بنارها إلى الآن، وأقيموا حكم الإسلام مكانه تفوزوا بخير الدنيا والآخرة. وإلا سوف ينطبق عليكم قول المولى عز وجل: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾، وها نحن نرى اليوم شقاء العيش الذي جره تجاهلنا لأحكام ربنا، وبُعدنا عن شريعته وعدم طلبنا مرضاته.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حنان القبلي
وسائط
1 تعليق
-
نسألك اللهم الخلاص العاجل ، اللهم أنر الأرض بنور وجهك