- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
لا ندري هل هو احتفاء باليوم العالمي للأسرة أم استغباء؟!
الخبر:
تونس تحتفي باليوم العالمي للأسرة تحت شعار: "الأسرة والحفاظ على التوازن البيئي ومواكبة التغيرات المناخية". ()
التعليق:
ما الأسرة التي تُحيُون يومها العالمي بكلمات خشبية يا وزارة المرأة؟!
هل هي الأسرة التي قمتم بتشريدها وتجويعها والسطو على "قُفّتها" وتسليمها لصندوق النقد الدولي؟ أم هي الأسرة التي ألقيتم بالآلاف من أبنائها على قوارب الموت في أعماق البحار تحت ما يعرف بالـ"الحرقة"؟ أم هي الأسرة التي ألقيتم بفلذات أكبادها وأطفالها الرضع في صناديق "الكرتون"؟ أم هي الأسرة التي قتلتم أمهاتها وبناتها في شاحنات الموت؟!...
أم هي الأسرة التي تَنتهك أعراضها القنواتُ التلفزيونية في شهر رمضان الكريم عبر برامج ومسلسلاتٍ حقَّ فيها قولُ الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾؟! أم هي الأسرة التي يدكّ بنيانها الحاقدون في الداخل والخارج فلا تعي تماما حجم الخطر الكامن في مواد اتفاقية "سيداو" - أصل الشر - والتي لا تعي تماما حجم خطر "مؤتمر بكين" ومواثيق الأمم المتحدة التي تستهدف هدم الأسرة بعملية غسيل أدمغة النساء للخروج عن الفطرة التي فطرها الله جل وعلا في الإنسان وتغريبها بدعوى الحفاظ على حقوقها وكرامتها؟!
ولكن احتفالاتكم كبابٍ ظاهره فيه الرحمة وباطنه يحوي الحقد على الإسلام والعمل على ضرب البلاد الإسلامية وتوريثها الأجندة الغربية!
وقد يقول قائل من المنبهرين بالغرب وما المشكلة في هذه الاحتفالات وهي لصالح المرأة؟!
والحقيقة ما تقدمه التقارير من أرقام حول الحالات الخاصة بالأسرة يصعب على المرء تصديقها، فهي تعبر عن حالات يجب علاجها وليس تشخيصها!
وماذا تنتظر الأسرة من اليوم العالمي للأسرة؟ وهل يكفي الأسرة يوم واحد للبوح بآلامها وآمالها؟ كيف تحتفي الأسرة بيوم عالمي وهي تُقهر كل يوم؟! هل يكفي الأسرة يوم واحد لغزل خيوط الحزن الدفين؟!
هل نحتفي بيوم ونرى يوميّا على قارعة الطريق امرأة تبيع السجائر بالتقسيط وبالقرب منها رجل قوّست الأتعاب ظهره وهو يجمع القوارير البلاستيكية ليبيعها بثمن لا يسد له دين فاتورة الكهرباء، وبالقرب منهما رضيع بين أحضان أمه الملقاة على قنطرة "باب عليوة" تستجدي المارة في ثمن خبزة؟!
اليوم العالمي للأسرة كلمة ضخمة ترن في الآذان، فتحضرنا كل الفواجع التي تتعرض لها العاملات الزراعيات بالضيعات الفلاحية ومعامل الخياطة من هضم حقوقهن تحت "قانون اثنان وسبعون"، كما لا يفوتني أن أترحم على عدد من النسوة اللواتي كن ضحايا حوادث السبالة وغيرها، بسبب سوء عملية نقلهن في أوضاع غير إنسانية، داخل شاحنات وكذلك لكل العاملات الفلاحيات اللواتي أُصِبْن بعاهات مستدامة، وأغلبهن كن معيلات لعائلاتهن، وكل مطالبهن اليوم هو توفير حقوقهن ومن ضمنها النقل المتوفر على الشروط اللائقة.
فحين نتمعّن في الخفايا التي يريدها هؤلاء المحتفلون في "المركز الثقافي والشبابي بالمنزه السادس" ونرى الأعمال والمواثيق التي اتفقوا عليها ندرك تماما أن احتفاءهم لا يعني رعاية شؤون الأسرة وإنما تسليط الخطر على المرأة والأسرة.
والمشكلة أن المرأة نفسها قد فُتِنَت بالكثير من هذه الأمور التي تدعو إليها المواثيق بحجة أنها تعيد لها حريتها وكرامتها ووجودها في مجتمع ذكوريّ، وهذا ما رسّخه الإعلام والغزو الفكريّ ابتداءً ودعاوى العلمانيين الحاقدين على دين الله جل وعلا فنجحوا إلا قليلا.. ولعل بعض الذكور بتطبيقهم الخاطئ لبعض أحكام الله أو لطبيعتهم قد رسّخوا في أذهان النساء ضرورة العمل على الانسلاخ من "العباءة الأسرية"!
إنّ الخطب جلل... والمصاب هو كبد أسرنا، وللأسف كل هذا يحصل في ظل صمت علماء الزيتونة المطبق... فهم يعملون كخلية نحل لدكّ حصوننا من الداخل وأغلب علمائنا ما زالوا مخدّرين عما يجري، وهذا بات غير مقبول...
فلا بدّ من أن يأخذ كل مسلم غيور على الأسرة والدِّين دوراً مهما صغر أو كبُر.. العلماء وأصحاب السماحة والفضيلة والمثقفون والأكاديميون والحقوقيون وحتى البرلمانيون إن وجد بينهم مخلصون والإعلاميون الصادقون والكتّاب يقع على عاتقهم فضح هذه المخططات إعلامياً وفكريا وفضح أهداف هذا التغريب والتصدي لهذه المشاريع التي تمرّ أمام أعينهم في البرلمانات وعدم السماح بتمريرها... وكل وسيلة شريفة توصِل لهذه الأهداف يمكن اعتمادها من ندوات ومؤتمرات وحملات واعتصامات وغيرها...
فكيف نقبل أن يجتاح الغرب حصوننا الآمنة وتحدد الأمم المتحدة وزبانيتهم خريطة الأسرة المسلمة تحت شعارات رنانة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؟!
إننا نريد الذود عن أسرتنا الصالحة التي تعلّم أبناءها الركوع والسجود والتسبيح وطاعة ربها وتمجيده ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾، ولكن للأسف في هذه الأيام نجد كثيرا من الآباء والأمهات قد سلّموا تفكيرهم تاركين، من جراء ذلك، الغربَ ليمرّر مشاريعه القذرة ويطبقها على بيوتنا فينشئ الأبناء على غير طاعة الله فيخسر الآباء والأبناء على حد سواء، ومن أجل ذلك نجد المولى تبارك وتعالى ينادي على المؤمنين بأن يقوا أنفسهم وأهليهم نار جهنم وهذا لن يكون إلا بوعي الآباء والأمهات بمنهج الله سبحانه وتعالى.
ولكن كل ذلك لا ينطلي على المرأة في حزب التحرير التي تعمل بالصراع الفكري والكفاح السياسي لاستئناف الحياة الإسلامية وتعي تماما أهمية تطبيق شرع الله عز وجل وتعي تماماً معنى النظام الاجتماعي... ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾.
وأخيرا فإننا ندعو النساء المسلمات إلى الذود عن الأسرة السعيدة التي تسعى إلى مرضاة الله تبارك وتعالى فتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتحقق مرادها في الأرض: "الخلافة الراشدة على منهاج النبوة" الكفاح الأسمى لحماية الأسرة المسلمة من جميع الجوانب، وهذا هو ما نسعى إليه ونرجو تحقيقه، فكونوا معنا والله سبحانه وتعالى ﴿ولَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خديجة بن حميدة
وسائط
1 تعليق
-
﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾
أختي :كلامك في الصميم بارك الله فيك وفي جهودك الطيبة