- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الشعب الإندونيسي، لا يخدعكم كيدهم ولا يغركم مكرهم...!
الخبر:
تحتفل جمهورية إندونيسيا، اليوم السبت، بعيد استقلالها الـ74، وهو ذكرى إعلان الزعيمين أحمد سوكارنو ومحمد حتي استقلال البلاد. ففي افتتاح الجلسة المشتركة مع مجلس النواب ألقى الرئيس جوكو ويدودو خطاباً خاصا للترحيب بيوم الاستقلال، ومما جاء فيه أنه أكد رسالته في نفس المناسبة من العام الماضي عن بعض الأخطار التي هددت البلاد لا سيما الخطر المبدئي، قائلا: "سهولة تدفق التواصل الاجتماعي والتفاعل الشعبي تحمل تهديدات خطيرة: تهديدات أيديولوجيتنا بانشاسيلا، تهديدات لأخلاقنا، تهديدات لتقاليدنا وفنوننا، وتهديدات لتراث أمتنا من القيم المحلية". وأضاف: "نواجه الانفتاح بحذر، لنكون على دراية بالأيديولوجيات الأخرى التي تهدد أيديولوجيتنا، وعلى دراية بالعادات والثقافات الأخرى التي لا تتفق مع قيم شعبنا، وعلى علم بأي شيء يهدد سيادتنا". وأكد الرئيس في مناسبة حفلة عيد الاستقلال قضية وحدة الدولة قائلا: "إن وحدة الدولة هي كل شيء يضحى لأجلها وبسامها كل تضحية" (ريبوبليكا، 2019/08/17).
التعليق:
هذه هي الرسالة التي كررها الرئيس في معظم مناسباته الرئاسية، كما أدلاها الرئيس في نفس المناسبة لعيد الاستقلال من العام الماضي حيث قال: "ما زلنا نواجه التطرف والتشدد والإرهاب" وأضاف: "نحن نواصل تعزيز إجماعنا الوطنى لحماية أيديولوجية البانشاسيلا ودستور عام 1945 و[شعار] الوحدة في التنوع". (الأوسط، 18/08/2019).
ففي مستوى المؤسسسات الوطنية أنشأ الرئيس جوكو ويدودو في سنة 2017 مجلس تطوير لأيديولوجية البانشاسيلا الذي من أهم مهماته مساعدة الرئيس في صياغة اتجاه السياسة لأيديولوجية البانشاسيلا وتنفيذ إعداد معايير التعليم، وتقديم توصيات تستند إلى نتائج الدراسات حول السياسة أو اللوائح التي تتعارض مع أيديولوجية البانشاسيلا لمؤسسات الدولة العليا والوزارات والمؤسسات الحكومية الإقليمية والمنظمات الاجتماعية السياسية، وغيرها من مكونات المجتمع. وفي المستوى الشعبي روجت الحكومة شعار "أنا البانشاسيلا".
أما في مجال العمل فيظهر أن هذه السياسة هي حملة على الإسلام السياسي. هذه الحملة ليست جديدة من نوعها، فكل خطر رأته الحكومة يتهم بمناقضته مع البانشاسيلا، لا سيما إذا جاء من قوة الإسلام، كما حصل مع أبطال المسلمين على مر تاريخ إندونيسيا مثل السيد بويا حمكا الذي اتهم أنه ضد البانشاسيلا من سوكارنو كأول رئيس لإندونيسيا، الذي انتهى بسجنه رحمه الله.
وهذا ما يجري من خلال العامين السابقين، فإن الحرب ضد الراديكالية ولمن اتهم أنه ضد البانشاسيلا هي في الحقيقة حرب على الإسلام السياسي. وذلك واضح في سياسة الحكومة فيما يلي:
أولا: قرارات الحكومة الإندونيسية تجاه المنظمات الشعبية لاستهدافها وسحب الترخيص منها كما حصل لحزب التحرير الذي لا ذنب له إلا عمله لتوعية الأمة الإسلامية للرجوع للإسلام بكافة أحكامه وإقامة الخلافة على منهاج النبوة التي ستحرر البلاد من أي قوة استعمارية، ويليه الآن استهداف منظمة "جبهة الدفاع الإسلامية" بقيادة الشيخ الحبيب رزق شهاب.
وثانيا: محاولات تجريم أحكام الإسلام وشعاراته لا سيما تجريم فكرة الخلافة التي اعتبرت فكرة راديكالية على حد زعم الحكومة، ومحاولات تجريم راية الإسلام، إلى أن وصل الأمر أن من يرفعها يتهم بالتطرف، كما حصل لبعض التلاميذ الذين يفتخرون بها ويرفعونها في نشاطاتهم في المدارس، لا سيما طلاب الأكاديمية العسكرية للدولة حيث إنهم مهددون بالفصل إذا رفعوا هذا الشعار كما حصل للطالب العسكري إنزو زينز ألي.
وثالثا: محاولات تجريم العلماء والضغوط على حملة الدعوة المخلصين ومضايقة موظفي الدولة الذين اتهموا بالراديكالية والعلاقة مع حزب التحرير، حيث حصل ذلك مع الكثير من العلماء والدعاة والموظفين والمدرسين في الجامعة، واستمر حتى الآن وهذا الأسبوع بالأخص كما حصل للأستاذ عبد الصمد حيث تمت محاكمته بعد دروسه والأستاذ هيرو إيفان أحد أعضاء حزب التحرير في جاوة الشرقية حيث قبض عليه بسبب تغريداته الدعوية في الفيسبوك.
رابعا: مؤخرا يتجه الحذر إلى الفنانين الذين رفعوا شعار الهجرة إلى الإسلام والتقيد بأحكامه، وتركوا عملهم الذي يتناقض مع الإسلام. لأجل ذلك اتهموا أيضا بالراديكالية.
خامسا: تعزيز الشعارات والمظاهر الوطنية حتى التي بانت مناقضتها للإسلام كخلع الخمار لأجل ارتداء الملابس التقليدية، وللأسف قامت بذلك إحدى أزواج من اتسم بسمة العلماء. والأخطر من ذلك أنه قد تقرر عند عوام الناس قاعدة أن المباح ما فعله الأكابر والممنوع ما منعه الأكابر!
ولكن الغريب هو ما صرح به نائب رئيس الدولة السيد يوسف كالا في نهاية مدة منصبه التي ستنتهي في شهر تشرين الأول/أكتوبر القادم، حينما قال في مؤتمر البانشاسيلا الـ11، إن مبادئ البانشاسيلا كلما دُرس ونوقش، وكتب فيه زاد غموضا، وإن البانشاسيلا حقيقته سهلة، هي مجرد خمسة مبادئ لا غير"، وكأن هذا التصريح يؤكد أن إنشاء المؤسسات لأجل تعزيز مبادئ البانشاسيلا ما هي إلا ذريعة لسياسة الحكومة ضد خصومها السياسيين، وهذا ما يجري حقيقة. وأما الواقع، فمن هم الخائنون للشعب الإندونيسي..؟ فانظر إلى أسماء المقبوض عليهم من لجنة مكافحة الفساد والاختلاس، هم الذين يصرحون دائما بملء الفم "أنا البانشاسيلا" مثل السيد راماهورموزي (رئيس حزب الوحدة والتنمية) والسيد نوبانتو (رئيس حزب كولكار)، والسيد إدروس مارهام من الحزب نفسه، والكثير من أعضاء الحزب الحاكم. هذا أقل دليل بأن البانشاسيلا ما هي إلا غطاء.
ويبقى على الشعب الإندونيسي أن يعي مساره الصحيح تجاه الاستقلال الحقيقي. بدون الإسلام فإن مطلب الاستقلال سيظل مساره الانغلاق في الضلال، ومبتغى إزاحة الاستعمار لم يزل مداره التقعر في الانهيار، فما زادت الأيام إلا وقد بالغت البلاد بُعدا عن المرام. فيا أمة الإسلام ما اشتد بالتسامح زعم الزاعمين إلا وقد تأربت على الإسلام غلظة المبغضين، فلا يخدعكم كيدهم ولا يغويكم مكرهم.
قال تعالى: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران: 196-198]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أدي سوديانا