- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
السعودية ليست بمأمن من الأزمة الاقتصادية القادمة
الخبر:
محللون: الاقتصاد الخليجي معرض لعدوى الركود العالمي.. مواجهته بجذب الاستثمار وتنويع المصادر. (الاقتصادية 2019/8/24م)
التعليق:
ما فتئ المحللون الاقتصاديون مؤخرا يتحدثون عن الأزمة الاقتصادية العالمية القادمة، والتي صارت ملامحها تلوح في الأفق في حين إن البعض ذهب إلى أننا نعيش أولى موجاتها منذ الأشهر القليلة المنصرمة... في الصحافة الخليجية والسعودية تحديدا صار الأمر أكثر وضوحا حيث إن الحديث عن حتمية هذه الأزمة وهذا الركود الكبير لم يعد محل خلاف في مسألة حدوثه من عدمه، فالبعض صار يدندن على أوتار أبعد من ذلك، فالكل متفق على أن الأزمة قادمة وأن موجتها هذه المرة سوف تكون أعلى من موجتها عام 2008م، غير أن بعض المدندنين والمطبلين يذهبون إلى أن السعودية سوف تكون بمأمن من هذه الأزمة، وأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات القليلة الماضية، سوف تكون بمثابة الحاجز القوي أمام تلك الموجة العملاقة، غير أن الواقع يشير إلى عكس ذلك تماما.
إن جميع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية في هذا المجال، ومن خلال رؤية 2030، ترتكز جميعها في الأساس على توجهين، وهما تنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومع أن كلا التوجهين لا يمثلان حلولاً صحيحة في مواجهة الأزمة الاقتصادية القادمة، إلا أننا سوف نستعرض إنجازات الحكومة السعودية في هذا المجال.
في موضوع تنويع مصادر الدخل فإن الحكومة وحتى الآن لم تنجح إلا في أمر واحد فقط، وهو فرض واستحداث الرسوم والضرائب الجديدة، وهي الحلول التقليدية والتي فشلت في إنقاذ الكثير عبر التاريخ من ملوك وحكام ومتجبرين، وأما النواحي الأخرى في هذا المجال من التصنيع وتصدير منتجات جديدة والصناعات العسكرية وغيرها من الخطط التي طرحتها الحكومة، فإنها جميعها لم تبارح مكانها على الورق، وبقيت حبرا على ورق وكلاما في أفواه المطبلين، ولم يبصر النور منها شيء يذكر، بل على العكس، فإنه وبعد مرور أربع سنوات تقريبا على هذه الخطط، زاد إنفاق الحكومة على شراء الأسلحة من الخارج كما تضاعفت سندات الدين السعودية في الوقت نفسه الذي ضاعفت فيه السعودية من حصصها في شراء السندات الأمريكية، ولذلك فإنه من غير المرجح أن تتمكن السعودية وحتى 2020 أو حتى 2030 من إنجاز هذه الأحلام وبالتالي فلا يتوقع أن تكون منجزات الحكومة في هذا المجال كافية لمواجهة الأزمة العالمية القادمة.
على صعيد جلب الاستثمارات الأجنبية، فإنه لا يخفى على أحد أن الحكومة في ذلك قد فشلت فشلا ذريعا، فأفكار مثل السياحة والرياضة واكتتاب أرامكو وأمثالها من الأفكار، ما زالت تواجه صعوبات كبيرة تمنعها من مبارحة مكانها في خانة الخطط والأحلام، وقد لاحظ الجميع كيف أن انعكاسات قضية خاشقجي كانت أسود مما كانت تتوقع الحكومة، ومع أنها كانت ذريعة جيدة بالنسبة للمستثمرين للتراجع عن خططهم الاستثمارية في السعودية، إلا أنه في المحصلة، فإن هذه الخطط قد فشلت فشلا ذريعا ولا يمكن حتى الآن اعتبارها شيئا في مواجهة الأزمة العالمية القادمة.
في النهاية لا بد من توضيح أمر مهم، وهو أن كل هذه التوجهات والخطط والأحلام الوردية، حتى وإن نجحت الحكومة في تحقيقها 100%، فإنها جميعها قد خرجت من رحم الرأسمالية العفنة، وهو الرحم نفسه الذي ما زال يُخرج للبشرية الأزمات تلو الأزمات، وأن السعودية ما زالت مرتبطة ارتباطا وثيقا، ومن خلال علاقتها بأمريكا وترامب تحديدا، ذلك الارتباط الذي يستحيل معه الانعزال عن الأزمة الاقتصادية القادمة مهما اتخذت من إجراءات وقائية في مواجهتها، ولذلك فإن الإجراءات الوحيدة الكفيلة في مواجهة هذه الأزمة لا تكون إلا من خلال حلول من خارج ذلك الرحم الخبيث، وهي الحلول والإجراءات التي تكفل لبلاد الحرمين وبلاد المسلمين والبشرية كافة أفضل النتائج، وهذه الحلول لا تكون إلا من خلال تطبيق النظام الاقتصادي في الإسلام وذلك في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والتي لا يربطها مع النظام الرأسمالي شيء غير أنها سوف تكون الخصم القوي لكل الأنظمة الوضعية وعلى رأسها العلمانية والرأسمالية، والتي سوف يوجه لها الإسلام ضربات متتالية وسريعة وقاضية، تميتها جميعا وتعلي راية الإسلام، وتنشر الخير للبشرية كافة وترفع الظلم عن المظلومين في كافة بقاع الأرض.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ماجد الصالح – بلاد الحرمين الشريفين