- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الأزمة الجديدة في انخفاض أسعار النفط هي أزمة تخزين وأزمة مبدأ متهالك
الخبر:
نقلت قناة الجزيرة الاثنين 20 نيسان/أبريل 2020 عن المحلل السياسي عمر عياصرة بأن أسعار العقود الآجلة للنفط الأمريكي قد انخفضت لما دون الصفر، وبأن المكاسرة السعودية مع الروس أودت بالمشهد إلى هنا، وأنه مع تحميل المسؤولية للبلدين وتحديدا المملكة.
التعليق:
يقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً﴾. قال بعض المفسرين: إنهم الولاة، لأنهم قُوَّامها ومدبِّروها. وهذا عين ما هو حاصل في زماننا في ظل إمرة السفهاء، حيث يتصرف الحكام السفهاء في ثروات الأمة الإسلامية الطائلة من النفط وغيره، وبدل أن يكون النفط نعمة تحقق للمسلمين رغد العيش، ويستعينون به على أمور دينهم ودنياهم، فإنه قد أصبح نقمة بتنافس الغرب على السيطرة عليه، وافتعال الأزمات الخانقة والحروب الطاحنة في سبيل ذلك، فضلا عن إنفاق عائداته على الحكام وعائلاتهم وأشياعهم بسفه منقطع النظير. ومن المؤسف حقا أن تكون أثمن سلعة في العالم تباع بأرخص الأسعار، بل بلا أي ثمن، وأن يلحقها هذا الكساد بسبب ذلك الفساد!
وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من إمرة السفهاء، وبين لنا أوصافهم في الحديث الذي أخرجه الترمذي عن طارق بن شهاب عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله r: «أُعِيذُكَ بِاللَّهِ يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ مِنْ أُمَرَاءَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِي، فَمَنْ غَشِيَ أَبْوَابَهُمْ فَصَدَّقَهُمْ فِي كَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ غَشِيَ أَبْوَابَهُمْ أَوْ لَمْ يَغْشَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ فِي كَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ، يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، الصَّلَاةُ بُرْهَانٌ وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ». وقد أخرجه شعيب الأرناؤوط في تخريج مشكل الآثار بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «يَا كَعْبَ بنَ عُجرَةَ، أُعِيذُكَ بِاللهِ مِنْ إِمْرَةِ السُّفَهَاءِ، إِنَّهَا سَتَكُونُ أُمَرَاءُ، فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، وَصَدَّقَهُمْ عَلَى كَذِبِهِمْ؛ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ، وَلَنْ يَرِدَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ؛ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ، وَسَيَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ».
والمثير للسخرية أن أحد أسباب الأزمة الجديدة في انخفاض أسعار النفط هي أزمة التخزين، حيث تبين بأن منتجي النفط في العالم ليس لديهم قدرة على تخزين فائض إنتاجهم، وإنما يعتمدون على البيع المباشر لما ينتجونه من نفط، وهذا دفع المنتجين إلى أن يتسابقوا على عرض ما لديهم من نفط للبيع بأي سعر، لأن تكلفة التخزين ببساطة أصبحت أعلى من سعر النفط في السوق. فيما تتحدث تقارير عن أن بعض المنتجين اضطروا لاستئجار ناقلات نفط عملاقة في عرض البحر لاستخدامها كمخازن مؤقتة، وهي ذات كلفة باهظة! وإنا نتساءل: أليس باطن أرضنا خير مخزن لنفطنا، وهو المخزن المجاني الذي أعده الله لنا وقدر لنا فيه ثرواتنا؟ ولماذا هذا السفه في زيادة الإنتاج الجنونية عبر عقود طويلة خلت؟ إنه الفرق الواضح بين الحكم الراشد وإمرة السفهاء.
فاللهم هيئ لنا إماما راشدا يدبر أمر نفطنا وباقي أمورنا، ويقودنا بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فيعيد للأمة عزتها، ولثرواتها قيمتها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رولا إبراهيم – بلاد الشام