- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
أمريكا: أزمات تتعقد وخيارات تضيق
الخبر:
نشرت وسائل الإعلام ومنها جريدة اليوم السابع بتاريخ 2020/5/25 خبراً تحت عنوان: "مستشار الأمن القومي الأمريكي: الصين أطلقت فيروسا دمر ثروة أمريكا الاقتصادية"، ومما جاء فيه: "قال روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأمريكي، إن تستر الصين على فيروس كورونا يشبه كارثة تشيرنوبل، موضحاً أن الصين أطلقت فيروسا دمر الثروة الاقتصادية الأمريكية، كما أن الصين حالت دون حصول الخارج على المعلومات، وذلك بحسب تصريحات بثتها فضائية العربية".
التعليق:
يأتي تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي هذا في سياق تصريحات كثيرة تصدر عن كبار المسؤولين الأمريكيين وعلى رأسهم الرئيس ترامب. ويتكرر هذا المعنى في التصريحات الأمريكية يومياً وبشكل متصاعد. وهو ما يُعد رسائل حادة وجادة إلى الصين، تتحدث عن أضرار لحقت الولايات المتحدة تبلغ قيمتها تريليونات الدولارات تُحمِّلها مسؤوليات كبيرة وفي أعداد الوفيات بسبب كورونا، وتهدد بفرض عقوبات دولية تجارية واقتصادية على الصين. وتتحرك أمريكا لحشد تأييد دولي لهذا التوجه الجاد والاستراتيجي ضد الصين.
تأتي هذه التهديدات في حمأة انتشار فيروس كورونا وما أدى إليه من خسائر ضخمة على الاقتصاد الأمريكي، بشكل بات يهدد شركاتها ومؤسساتها الكبرى والعالمية، وإذا استمر الأمر فقد يهدد الدولة العميقة في أمريكا ونظامها المالي، وهذا يهدد بدوره النظام المالي في الغرب كله، والنظام الاقتصادي الرأسمالي برمته. وهي تأتي أيضاً في أوضاع باتت الصين فيها تنافس أمريكا تكنولوجياًّ وفي الفضاء الإلكتروني والسيبراني، وخاصة فيما يسمونه الجيل الخامس G5، وتأتي أيضاً في خضم توسع تجاري صيني واعد، ونمو كبير مقارنة بالنمو الأمريكي الذي يتراجع وينكمش بشكل خطير، الأمر الذي يجعل التنافس الأمريكي - الصيني الأكبر والأهم في العالم. يضاف إلى ذلك أن الأشهر القادمة هي فترة انتخابات رئاسية في أمريكا. وقد تأثرت أجواؤها بتداعيات كورونا التي أدت إلى خلافات داخلية، وتحولت إلى أزمةٍ لترامب الذي هبطت أسهمه الانتخابية بسبب كورونا وسوء إدارته للأزمة.
هذه الأوضاع مجتمعةً، تشكل أزمة كبيرة لترامب وللمحافظين، وهي مما يستعصي حلها خلال الأشهر القادمة قبل الانتخابات، وهذا ما يفسر هذه التصريحات الأمريكية المحمومة ضد الصين، وكأن الإدارة الأمريكية تبحث عن تصعيد واحتكاك عسكري خارجي يخرجها من هذا المأزق بحيث يحصل الرئيس ترامب على صلاحيات متميزة، ويلتف الأمريكيون حوله.
إن تكرار هذه الرسائل والتهديدات وتصاعدها، وضخامة المسؤوليات التي تهدد الولايات المتحدة بتحميلها للصين يدل على أمور، أهمها بشكل عام:
1- إقناع الصين بقبول تقديم تنازلات لأمريكا تشكل رافعة لترامب في الانتخابات. فهذه التنازلات أقل ضخامةً من التكاليف أو الخسائر التي تهددها بها أمريكا.
2- إجبار الصين على الحضور إلى طاولة التفاوض مع أمريكا، وهي مفاوضات تستغرق وقتاً، هدفها احتواء التقدم الصيني العالمي، التكنولوجي والاقتصادي.
3- هذا التوجه ضد الصين سيستمر لأنه مطلوب بقوة لترامب وفريقه في الرئاسة، ولأمريكا التي تجد أن مكانتها العالمية ستصبح مهددة إن لم تواجه الصعود الصيني.
إن من أهم ما يعنيه هذا التصعيد، أن أمريكا في مأزق كبير لا حل له، لذلك هو يشتد ويشد الحبل على عنقها، وقد صارت مكشوفة لكل العالم، الذي بات كله يخشاها ويئن منها، بما فيه أصدقاؤها وعملاؤها، لذلك تزداد مشاكلها تعقيداً، وقد صارت تهددها في نظامها ونفوذها ووحدتها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود عبد الهادي
#كورونا | #Covid19 | #Korona