- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تفوّق أمريكا على دول العالم: أمر لا تدعمه الحقائق ولا التّاريخ
الخبر:
الحقيقة المرّة أنّه لا يكاد يمرّ يوم إلاّ ويقتل في الولايات المتّحدة الأمريكيّة أناس ذوو بشرة سوداء لا لشيء إلاّ لأنّهم سود، من دون أيّ سبب يذكر، ومع إفلات من العقاب في أغلب الأحوال.
هذا ما يراه الكاتب الأمريكيّ ذو الأصل الأفريقيّ كيفن كوكلي، مؤكّدا في مقال له بصحيفة ذي هيل أنّه "لم يعد في هذا البلد مكان يمكن للأسود الملتزم بالقانون أن يشعر فيه بالأمان".
ولمن يعتقدون من هذه الشّريحة أنّهم آمنون داخل منازلهم، فإنّ كوكلي يقول لهم "فكّروا مرّة أخرى". (الجزيرة نت)
التّعليق:
صرّحت تسيانينا لوماويما، أستاذة التّاريخ الأمريكيّ بجامعة أريزونا، أنّ أمريكا "تؤمن باستثنائيّتها، أي بتفوّق الأمّة الأمريكيّة على أيّ أمّة أخرى، ولكن هذا أمر لا تدعمه الحقائق أو التّاريخ" (ديمقراطيّة الدّماء.. كيف تأسّست أمريكا على أشلاء السّكان الأصليّين؟ الجزيرة نت ميدان بتاريخ 2018/5/12).
هذه هي حقيقة الدّولة العظمى التي تحكم العالم بديمقراطيّتها الزّائفة، الدّولة التي تقود العالم بفكر عنصريّ يتعامل مع "السّود" باحتقار واستنقاص، دولة تاريخها الأسود مع الهنود الحمر يفضح ادّعاءاتها بالتّفوّق والتّقدّم والتّحضّر ليظهر وجهها الحقيقيّ القبيح الذي تعلي فيه من شأن الجنس الأبيض وتغرس فيه حبّ السّيطرة والتّحكّم والسّيادة. تاريخ تسعى الدّولة لإخفائه وطمس أحداثه؛ ففي 2012م قرر مجلس الجامعة الأمريكي أن يضيف موضوع مذابح الأمريكيّين بحقّ الهنود الحمر في مادّة التّاريخ الأمريكيّ لطلّاب الثّانويّ فقوبل ذلك باعتراض واسع في جميع أنحاء الدّولة.
ها هو التّاريخ يفنّد أكاذيب الدّولة العظمى وها هي الحقائق تبيّن زيف ما ترفع من قيم الحرّيّة والعدالة والمساواة، فقد استهلّت الولايات المتّحدة أولى خطواتها بإبادة الملايين من السّكّان الأصلييّن للبلاد ومارست عليهم أقسى أنواع الإرهاب وارتكبت بحقّهم أبشع المجازر وأذاقتهم أصنافا من التّعذيب والمعاناة، ثمّ كتمت هذه المذابح وأخفت هذه الحقيقة التّاريخيّة ليستمرّ الإجرام الأمريكيّ بحقّ هؤلاء النّاس والعالم بأسره.
يقول المخرج ستيفان فيراكا: "هؤلاء الهنود الذين خلقتهم سينما هوليوود وألبستهم ريش الطّيور لا يتمّ اعتبارهم بشرا. ولم يكن الهدف من تصويرهم على هذه الشّاكلة أن يكونوا بشرا، لأنّ معظم الأمريكيّين لا ينظرون إليهم كبشر. وعلينا هنا أيضا أن نتذكّر أنّ كثيرا من الأطفال الأمريكيّين يعتقدون اليوم أنّ الرّيش ينبت في رؤوس الهنود الحمر".
هذه هي حقيقة الدّولة التي تدّعي نشر السّلام والحرّيّة وهي في الواقع تنشر الحروب والكراهيّة والإرهاب، فعن أيّ تفوّق يتحدّثون؟ وبأيّ تقدّم وتحضّر يبشّرون؟
ها هي الحقائق والأحداث تدعم ذلك لتسقط القناع عن وجه الدّولة العظمى، وها هي حادثة جورج فلويد القطرة التي أفاضت الكأس والقشّة التي قصمت ظهر البعير فاندلعت نيران الغضب في دولة الدّيمقراطيّة "الزّائفة" التي خنقت أهلها وأزهقت أرواحهم، فقط لأنّهم سود يُقتَلون ولا يحاسَب المجرمون.
لرئيسها المتعجرف ترامب دور كبير في تأجيج نار الكراهيّة بين الجنسين بتصريحاته وتغريداته التي لا يخفي فيها احتقاره لهذه الفئة، وعلى سبيل الذّكر لا الحصر مواقفه من النّائب الدّيمقراطيّ إيلايجا كامنجز الذي هو من أصل أفريقيّ، فقد صرّح في تغريدة له على "تويتر" قائلا: "النّائب متنمّر متوحّش.. يصرخ ويصيح على الرّجال والنّساء العظام القائمين على حراسة الحدود بشأن الأوضاع على الحدود الجنوبيّة". وأضاف "الحدود نظيفة وفعّالة وتدار بكفاءة، ولكنّها مكتظّة فحسب. منطقة كامنجز مقزّزة وممتلئة بالفئران والقوارض. إذا قضى مزيدا من الوقت في بالتيمور ربّما يتمكّن من المساعدة في تنظيف هذا المكان القذر بالغ الخطورة".
هذا وقد كشف استطلاع للرّأي نشرت نتائجه جامعة كويني بياك في تموز/يوليو الماضي أنّ ثمانين بالمائة من النّاخبين السّود يعتبرون ترامب عنصريّا.
فمواقف ترامب هذه قد زادت في دعم الكثيرين من جنسه الأبيض وشجّعتهم على قتل السّود الأبرياء فكثرت جرائم العنصريّة. بحسب كتاب "السّجل الأسود لأمريكا" لعصام عبد الفتّاح، فإنّ تقارير منظّمة مراقبة الشّرطة الأمريكيّة فى واشنطن تشير إلى أنّ المنظّمة تستقبل في اليوم من 8 إلى 10 حالات تعذيب من الشّرطة الأمريكيّة تجاه مواطنين سود سواء أكانوا مجرمين أو مشتبهاً بهم. وكذلك تفيد هذه التّقارير بوجود تمييز عنصريّ داخل السّجون الأمريكيّة، حيث يصل عدد المسجونين بسبب العرق إلى أكثر من 60% من إجمالي المسجونين داخل الولايات المتّحدة، كما أنّ هناك من يقبع داخل السّجون دون تهم أو محاكمة مسبقة. هذا فضلا عن القتل دون سبب أو جرم.
فأيّ قانون وحشيّ هذا الذي يمتهن الإنسان بسبب لونه؟ أيّ نظام هذا الذي يحطّ من قيمة الإنسان بعد أن كرّمه خالقه؟ إنه القانون الوضعيّ النّاقص والنّظام البشريّ العاجز الذي حكم العالم فأذاقه الويلات. ولن تعود للإنسان كرامته ولن يهنأ بعيش إلّا في ظلّ نظام خالقه الذي كرّمه على سائر مخلوقاته ولم يفرّق بين النّاس بجاه أو مكانة أو لون وإنّما بدرجة تقواهم وورعهم «لَيْسَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ فَضْلٌ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ فَضْلٌ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَبْيَضَ وَلَا لِأَبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى»؛ نظام الخلافة الرّاشدة الثّانية على منهاج النّبوّة الذي نسأل الله أن يعجّل بقيامه.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلاميّ المركزيّ لحزب التّحرير
زينة الصّامت